إسلام آباد: كان يمكن لبيلاول بوتو زرداري نجل رئيسة الوزراء الراحلة بنازير بوتو والرئيس اصف علي زرداري أن يجسد صورة الشباب والتجدد في حزب الشعب الباكستاني، لكنه لم يكن اكثر من ظل بعيد في حملة الانتخابات التشريعية المزمع اجراؤها السبت. في 27 كانون الاول (ديسمبر) الماضي، خلال احياء الذكرى السنوية الخامسة لاغتيال والدته، نجح بيلاول زرداري الشاب المندفع صاحب الشعر البني والحاجبين السميكين والنظارات الرفيعة في الدخول بقوة الى الساحة السياسية الباكستانية.
وامام الالاف من انصاره خلال تجمع امام مدافن العائلة في ولاية السند الجنوبية، حمل الشاب البالغ 24 عاما الذي يتقن اللغة الانكليزية ببراعة والمتخرج حديثا من جامعة اكسفورد، على انعدام العدالة ومتمردي طالبان ودافع عن الفئات المهمشة في خطاب القاه بلغة الاردو، اللغة الوطنية.
وبعد الهبوط المعنوي الذي منوا به جراء تراجع شعبية حزبهم المتضرر بسبب ادارته السيئة خلال سنوات خمس في السلطة اعتبارا من العام 2008، تنفس قياديو حزب الشعب الباكستاني الصعداء واستعادوا الامل بعد اداء هذا الشاب المندفع خلال الحملة الانتخابية.
وبدا بيلاول، على الرغم من حضوره غير المكثف في البلاد واتقانه المحدودة للغة الاردو، مستعدا لقيادة الحملة الانتخابية لحزبه. الا ان حزب الشعب الباكستاني، المهدد من متمردي طالبان والذي لا تزال تؤرقه ذكريات اعدام مؤسسه ذو الفقار علي بوتو جد بيلاول في العام 1979، ثم اغتيال بنازير بوتو في العام 2007، لم يرغب في تكبد مخاطر تقديم هذا الوريث الشاب الى الواجهة خلال الحملة.
لذلك احجم حزب الشعب الباكستاني عن تنظيم تجمعات انتخابية كبيرة تبث مباشرة عبر شاشات التلفزيون والادلاء بالمقابلات التي تطبع عادة الحملات الانتخابية الوطنية، وفضل التخفيف من الظهور الاعلامي شأنه في ذلك شأن باقي الاحزاب المهددة. ولم يظهر بيلاول من جانبه اي رغبة جامحة في القيام بحملات انتخابية اذ لم يقم باطلالات الا عبر برنامج quot;سكايبquot; للمحادثة عبر الانترنت او عبر الدائرة التلفزيونية المغلقة خلال تجمعات محلية صغيرة.
ولم يظهر في النهاية الا من خلال بعض الرسائل الانتخابية لحزب الشعب الباكستاني محاطا بصور شهداء العائلة. وعلى التلفزيون، اطل خلال خطابه في 27 كانون الاول/ديسمبر الماضي الى جانب صور ارشيف بالابيض والاسود لجده وبالالوان لوالدته. وفي الصحف، ظهر مطلقا وعودا انتخابية ومعددا انجازات حزبه.
وامضى بيلاول جزءا من فترة حملته الانتخابية في دبي، وجزءا اخر في باكستان قبل التوجه الى مكان لم يعلن عنه. كما ان والده الرئيس آصف علي زرداري البالغ 57 عاما تميز ايضا باطلالاته القليلة خلال الحملة الانتخابية. لكن الرئيس الباكستاني لم يكن لديه خيارات كثيرة، فقد اصدر القضاء امرا لزرداري بالبقاء على الحياد خلال الحملة الانتخابية.
ولم يكن آصف علي زرداري ابن عائلة مالكي صالات سينما في كراتشي، معروفا لدى العامة الى حين اقترانه ببنازير بوتو نهاية ثمانينات القرن الماضي. وورث التاجر زرداري حقائب وزارة مهمة في حكومات زوجته. وبسرعة، التصق به لقب quot;السيد 10%quot;، في اشارة الى العمولات التي يتهم بانه حصلها على عقود عامة وخلال السنوات التي امضاها خارج الحكم، راكم هاوي رياضة البولو هذا فترات الاقامة داخل السجن وفي المنفى.
وعند وفاة بنازير، تولى اكمال المسيرة وفاز في الانتخابات ونجح في البقاء على رأس الدولة على رغم الشائعات بقيام انقلابات عسكرية. لكن الحصيلة المسجلة لحكم حزب الشعب الباكستاني تبقى هزيلة خصوصا بفعل الاتهامات بالفساد وارتفاع منسوب عدم الاستقرار وازمة طاقة غير مسبوقة. وهذا الارث المثير للجدل لا يجعل حزب الشعب الباكستاني الاوفر حظا للفوز بالانتخابات السبت، ما يفسر ربما تحفظ بيلاول الذي لديه وقت طويل ليشق طريقه ويصل الى السلطة.
التعليقات