انتقد حلفاء أميركا العرب في رسالة وجّهوها إلى أوباماضخ أموال من قبل بعض الدول المنخرطة في الثورة السورية إضافة إلى أسلحة لدعم جماعات متطرفة بهدف نشر الإسلام السياسي، معبّرين عن قلقهم من تزايد نفوذ جبهة النصرة التي تلقى دعمًا قطريًا مباشرًا.


يضغط حلفاء الولايات المتحدة العرب على الرئيس الأميركي باراك أوباما لأخذ زمام المبادرة في الحدّ من الانقسامات في الشرق الأوسط، وتحديداً سوريا. وسافر القادة العرب شخصياً إلى واشنطن للتعبير عن مخاوفهم علناً من أن بعض الزعماء الآخرين في المنطقة يسعون إلى إطالة حكم الرئيس بشار الأسد.

وتسلم أوباما خلال اجتماعات البيت الأبيض رسالة من حلفائه العرب خلال لقائه في الأسابيع الأخيرة مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، وولي عهد دولة الإمارات العربية المتحدة محمد بن زايد آل نهيان، ووزير الخارجية السعودي سعود الفيصل، وفقاً لكبار الولايات المتحدة والمسؤولين العرب.

دعم الإسلام السياسي
الرسالة الثلاثية كانت بمثابة صفعة لقطر وتركيا، اللتين يعتقد المسؤولون في هذه البلدان العربية، أنهما تقومان بضخ الأموال، وربما الأسلحة، للجماعات المقاتلة المتطرفة في سوريا بهدف تعزيز الإسلام السياسي، لا سيما الجماعات المنحازة إلى الإخوان المسلمين.

وأشارت صحيفة quot;وول ستريت جورنالquot; إلى أن القادة العرب، الذين بعثوا رسالة إلى أوباما، يشعرون بالقلق من أن المساعدات القطرية عززت جبهة النصرة، التي صنفتها الولايات المتحدة منظمة إرهابية.

وقال مسؤول عربي كبير شارك في المناقشات: quot;نحن بحاجة إلى شخص لإدارة اللاعبين في المنطقة. الولايات المتحدة والرئيس هم الوحيدون، الذين يمكنهم أن يضعوا قطر في مكانها المناسبquot;.

لكنّ المسؤولين القطريين نكروا علناً دعمهم لجبهة النصرة، فيما نفى مسؤول تركي دعم حكومة رئيس الوزراء رجب طيب إردوغان للأحزاب الإسلامية في سوريا أو في أي مكان آخر في المنطقة. وأضاف quot;نحن ندعم فقط حقوق الشعب السوريquot;.

المملكة العربية السعودية والأردن والإمارات تلعب دور الوسط في الجهود الأميركية لوضع حدّ للحرب الأهلية في سوريا، كما تسعى إلى إعادة إحياء مفاوضات السلام العربية ndash; الإسرائيلية. لكن الولايات المتحدة أيضاً تعتمد بشكل كبير على قطر وتركيا لدفع عجلة التحول السياسي السوري، واستئناف عملية السلام في الشرق الأوسط.

ائتلاف معتدل لمواجهة التطرف
تسعى الرياض وعمّان وأبو ظبي إلى تثبيت نفسها كواجهة معتدلة في الأزمة السورية. وقال المسؤولون إن هذه الدول تسعى إلى دعم فصائل الثوار، التي لا تشارك رؤية الإخوان المسلمين، وغير المرتبطة بجماعات متشددة متطرفة مثل تنظيم القاعدة.

وقال مسؤولون عرب إنهم لم يضغطوا على أوباما لنشر القوات الأميركية في سوريا أو استخدام الطائرات الحربية الأميركية. بدلاً من ذلك، يأملون في أن تلعب الولايات المتحدة دوراً أكثر وضوحاً في السعي إلى تشكيل ائتلاف معتدل موحد يواجه العناصر quot;المتطرفةquot; التي تهدد الأقليات السورية.

ورفض مسؤول في البيت الأبيض التعليق على تفاصيل محادثات أوباما مع القادة العرب الثلاثة، لكنه شدد على أنه يعمل بجهد على توحيد الدول في الشرق الأوسط بشأن الأزمة السورية.

خلال أكثر من عامين منذ اندلاع الثورات السياسية في أنحاء المنطقة، أعربت الأردن والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية عن قلقها إزاء الهيمنة المفاجئة لجماعة الإخوان المسلمين في الحكومات الديمقراطية الحديثة في مصر وتونس، ما يهدد استقرار الأنظمة الملكية الخاصة بهم.

وقد شكلت الحرب الأهلية في سوريا تحدياً خاصاً للملك عبد الله والمملكة الأردنية، والتي تشترك في الحدود مع سوريا. وقد فرّ أكثر من نصف مليون لاجئ سوري إلى الأردن على مدى الأشهر الـ 18 الماضية، ما يضع ضغوطاً مالية على عمّان، وفقاً لمسؤولين أردنيين.

دور متنام لقطر وتركيا
مع ذلك، تسعى قطر وتركيا إلى استخدام الحراك في الشرق الأوسط لتوسيع نفوذها الدبلوماسي والاقتصادي والديني، وفقاً لمسؤولين أميركيين وعرب.

قطر وتركيا كانتا الأكثر عدوانية في السعي إلى إسقاط الرئيس الأسد. وكانت قطر الداعم المالي الرئيس للحكومات جديدة في القاهرة وتونس، ووفرت مليارات الدولارات من المساعدات لحكومة الرئيس المصري محمد مرسي على مدى الأشهر الـ 18 الماضية، وفقاً لمسؤولين قطريين.

العلاقات بين إدارة أوباما والأردن، والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة شهدت في الآونة الأخيرة توترات جراء التحولات الزلزالية في سياسة الشرق الأوسط على مدى العامين الماضيين.

سذاجة أميركية
المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، على وجه الخصوص، تعتقد أن البيت الأبيض لم يفعل ما يكفي لدعم الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك أو العائلة المالكة في البحرين، وفقاً للمسؤولين.

واعتبرت هذه الدول أن البيت الأبيض كان ساذجاً في التعامل مع المنظمات الإسلامية، مثل الإخوان المسلمين، وإيران، التي تسعى إلى الاستفادة من الفراغات السياسية في المنطقة.

مع ذلك، فقد أكد قادة هذه الدول في الأسابيع الأخيرة أن واشنطن هي الدولة الوحيدة التي يمكن أن تمنع سوريا من التدهور إلى دولة فاشلة. لكن هذا ليس دوره الوحيد، فقدرة أوباما على توحيد الدول العربية وتركيا أيضاً يجب أن تكون حاسمة بالنسبة إلى محاولاته لإحياء عملية السلام العربية الإسرائيلية.