السجال اللبناني اليوم دائرٌ بحدة حول رسالة التهديد السورية للبنان، إذ اعتبرتها 8 آذار شرعية ومن حق سوريا الدفاع عن نفسها ضد مجموعات تتسلل إليها، بينما وقفت 14 آذار عاجزة إلا عن التهديد بالقرار الأممي 1701. أما الموقف الرسمي فخجول يختبئ خلف سياسة النأي بالنفس.



بيروت: تتفاعل في لبنان أصداء رسالة وزارة الخارجية السورية إلى نظيرتها اللبنانية، بما تتضمنه من تهديد بالتدخل العسكري ضد ما أسمته مجموعات مسلحة تنطلق من الأراضي اللبنانية باتجاه العمق السوري.
ففي حين بقي الموقف الرسمي خجولًا، رأى منسّق الأمانة العامة لقوى 14 آذار فارس سعيد تماديًا سوريًا وقحًا يجب الرد عليه بقطع يد كل من يتجرأ على ممارسة الاستفزاز اللفظي ضد السيادة اللبنانية. إلا أن المحلل السياسي فيصل عبد الساتر برر لسوريا اتخاذ ما تراه مناسبًا لحماية نفسها من عمليات التسلل التي تطال أمنها، لا سيما أن الحكومة اللبنانية اعتمدت سياسة النأي بالنفس، أي أخلت مسؤوليتها.
تجلى الموقف الرسمي في جانبين. فمن ساحل العاج، أعلن الرئيس اللبناني ميشال سليمان أن الرسالة السورية لا تزال قيد الدرس، وأن على الجيش اللبناني تولي مهمة منع الاخلال بإعلان بعبدا، في حين عملت quot;إيلافquot; من مصادر خاصة أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ناشد اللبنانيين الاستمرار بسياسة النأي بالنفس، وردد في مجالسه: quot;سنستفسر عن الرسالة عبر الطرق الديبلوماسيةquot;.
إنهاء التمادي
وقال سعيد في حديث خاص لـquot;إيلافquot; إن الردود التي صدرت عن قوى 14 آذار كانت دبلوماسية، وترتكز على إعادة تكرار الموقف التقليدي بنشر الجيش على الحدود ومؤازرة الجيش بقوات اليونيفيل. وشدد على أن quot;المطلوب هو وضع حد لهذا التمادي الذي يقوم به السفير السوري علي عبد الكريم علي بحق سيادة لبنان، وأنهاء هذا الاستفزاز اللفظي والكلامي الذي يمارسه، ونحن نقول له أننا سنقطع كل يد تمتد إلى سيادة لبنانquot;.
ولفت سعيد إلى أن الأمور تجاوزت المطالبة بطرد السفير السوري، وهو مطلب كان مطروحًا عندما كانت الإنتهاكات محدودة. قال: quot;السفير موجود في السفارة التي ناضلنا من أجل فتحها لتأسيس علاقات دبلوماسية سوية بين البلدين، لكن هذا السفير يهدد من على منبر وزارة الخارجية أمن اللبنانيين وإستقرارهم وسيادتهمquot;.
الحلّ الدولي
أكد سعيد لـquot;إيلافquot; أن النظام السوري يخطط لنقل العنف إلى لبنان، quot;وهذا موضوع يجب أن نضع له حدًا بموقف حازم يرتكز على توجيه رسالة إلى المعتدي، مفادها أننا سنتصدى لاعتداءاته بكل الوسائل الدبلوماسية والسلمية والديموقراطيةquot;، مطالبًا بأن تتقدم 14 آذار برسالة مكتوبة ومفتوحة ممهورة بتواقيع عدد من النواب، لمطالبة مجلس الأمن والأمم المتحدة ودوائر القضاء الدولي بأن يكون القرار 1701 هو الضامن على الحدود اللبنانية ـ السوريةquot;.
ولا ينتظر سعيد الموقف الرسمي اللبناني في هذا الشأن، quot;لأن المسؤولين في بلدنا لن يتجرأوا على القيام بأكثر مما قاموا به من اتخاذ مواقف خجولة، بينما المطلوب من القوى السياسية والسيادية أن تستبدل اولوياتها، فالنظام السوري يمعن منذ كانون الأول (ديسمبر) 2012 في انتهاك سيادة لبنان، بعدما زرع في لبنان سفيرًا أقل ما يمكن وصفه بأنه وقحquot;.
ورأى أن النظام السوري غير قادر على تنفيذ تهديده، وأن اي اعتداء من الجيش النظامي السوري على الاراضي اللبنانية سيكون المسمار الأخير في نعش النظام السوري.
حق للسوريين
على الضفة اللبنانية الأخرى، كان موقف عبد الساتر مختلفًا. قال: quot;اذا اردنا أن نتحدث بتجرد، نعم، من حق الخارجية السورية توجيه مثل هذا الكتاب إلى لبنان، بعد أن تحملت سوريا الكثير مما يجري على حدودها مع لبنانquot;.
وتابع: quot;إن راقبنا نشرات الاخبار السورية، لا تمر نشرة إلا ويتخللها خبر عن تسلل مجموعات مسلحة من لبنان، وعن اشتباكات تجري مع مسلحين داخل الأراضي السورية، إذًا هذا حق لسوريا، لا سيما أن هناك معاهدات أمنية واتفاقاتquot;.
وشدد عبد الساتر على ضرورة إبعاد القضية عن التوظيف السياسي، والتحقق فعليًا من وجود خلل أمني مسؤول عنه لبنان، عندها يتحمل لبنان مسؤوليته، واذا لم يستطع فمن حق سوريا أن تمارس اي فعل تراه مناسبًا لضبط حدودها والدفاع عن نفسها.
لسنا تركيا
ورأى عبد الساتر أن لبنان رفع شعار النأي بالنفس، في وقت كان يفترض به أن يتعامل مع الأمور بطريقة مختلفة، وفق الإتفاقات بين البلدين، ولكون لبنان مسؤولًا عن الأمن تجاه سوريا والعكس بالعكس.
وقال: quot;من رفع شعار النأي بالنفس وضع نفسه خارج منطق المسؤولية على المستوى القانوني، ولو كان الأمر يجري مع تركيا على سبيل المثال لكان التعاطي السوري مختلفًا، لأن سوريا تعرف أن تركيا تمارس دورًا عدائيًا رسميًا تجاه سوريا، فأنقرة لم ترفع شعار النأي بالنفسquot;.
ويطلب عبد الساتر عدم التسرع في إبداء أي رأي حيال الرسالة السورية، quot;فعلينا التحقق من فحواها، وأعتقد أن لدى سوريا ما يكفي من الوثائق الميدانية لتستخدمها أدلة على الموضوع، لذلك علينا التواضع في تعاطينا مع موضوع لا يحتمل العنترياتquot;.
وأعرب عن اعتقاده بأن الأمور ستهدأ في اليومين القادمين، لأن طبيعة الانقسام في لبنان ستلعب دورًا مهمًا في تبريدها.