يرى مراقبون أن فشل عمران خان في الحصول على السلطة السياسية في باكستان أو بناء قاعدة دعم محلية يرجع إلى نقص نضج خان السياسي والسذاجة، وكان بطل الكريكيت الرياضي متهمًا بإقامة علاقات غير شرعية مع نساء حتى وصف بالبلاي بوي.


نصر المجالي: شعاراته واضحة في الانتخابات الرئاسية الباكستانية وهي: تغيير البلاد، إزاحة الطبقة الثرية التي تحتكر السلطة، اجتثاث الفساد، حل أزمة الطاقة، مجابهة واشنطن التي تكثر من ضغوطها في اتجاه مكافحة الإرهاب ومحاولة التحادث مع متمردي طالبان الإسلاميين ... !

لكن هل يستطيع عمران خان (نيازي) الموصوف بـ (السياسي البائس) تارة، وquot;البلاي بويquot; تارة أخرى، و(المُفسد) من جانب آخر تحقيق طموحه بقيادة باكستان ذات التقاليد الإسلامية المحافظة العريقة.

ناشط خيري وسياسي
يشار إلى أن عمران خان لاعب كريكيت باكستاني عالمي المستوى، تحوّل إلى السياسة في منتصف التسعينات، وهو ناشط بشكل دائم في الأعمال الخيرية، ويعمل معلقًا على لعبة الكريكيت في تلفزة وإذاعات باكستان، جنبًا إلى جنب مع أنشطته السياسية.

كما يرأس خان حركة الإنصاف الباكستانية، التي ازدادت شعبيتها سنة 2011، تحت تأثير الثورات العربية، لتناهز الحزبَيْن السياسيَيْن التقليديَين، وكان أسّس الحركة في أبريل/ نيسان عام 1996.

وكان عمران خان النائب الوحيد عن حركة (الإنصاف) الذي انتخب للبرلمان، وقد مثل مدينة ميانوالي كعضو في الجمعية العامة من نوفمبر/ تشرين الثاني 2002 وحتى أكتوبر/تشرين الأول 2007.

ولد عمران خان لشوكت خانوم وإكرام الله خان نيازي مهندس مدني في لاهور، حيث نشأ صبيًا هادئًا خجِولًا في شبابه، ضمن أسرة متوسطة مكونة إلى جانبه من أربع شقيقات. استقر والد خان في إقليم البنجاب، وهو ينحدر من قبيلة نيازي شيرمان خيل الباشتونية في مدينة ميانوالي، كما يضم نسبه من جهة الأم نماذج ناجحة من لاعبي الكريكيت، ومنهم سبيل المثال: جاويد بوركي، وماجد خان.

وقد أسهم خان من خلال جمع التبرعات من حول العالم في بناء مركز أبحاث ومستشفى سرطان شوكت خانوم التذكاري عام 1996، وكلية نامال في ميانوالي عام 2008.

بلاي بوي وكريكيت وطلاق
تلقى خان تعليمه في كلية أيتشسون (Aitchison College) في مدينة لاهور، ومدرسة القواعد الملكية في ورسيستر (Royal Grammar School Worcester) في إنكلترا، حيث تفوق في لعبة الكريكيت. وفي عام 1972 التحق بكلية كيبل (Keble College) في أكسفورد لدراسة الفلسفة، والسياسة، والاقتصاد، حيث تخرج في الكلية في المرتبة الثانية في السياسة، والمرتبة الثالثة في الاقتصاد.

إلى ذلك، فإن أكثر ما عُرف عن عمران خلال عقدي السبعينات والثمانينات الماضيين أنه (بلاي بوي) وصار نجمًا معروفًا كشخصية اجتماعية ناشطة بسبب حفلاته، التي لا تنتهي في نوادي لندن الليلية، مثل: أنابيلس (Annabel's) وترامب (Tramp)، على الرغم من أنه ادّعى أنه يكره الحانات الإنكليزية، وأنه لم يشرب الخمر مطلقًا.

كان عمران خان تزوج بسيدة المجتمع الإنكليزية جيميما كريمة الملياردير البريطاني غولدسميث، وهي تحوّلت إلى الإسلام بعد حفل ديني مدته دقيقتان في باريس في 16 مايو/ أيار عام 1995، وبعد ذلك بشهر تقريبًا، وتحديدًا في 12 يونيو/ حزيران تزوجا في حفل مدني في مكتب تسجيل ريتشموند في إنكلترا، وأُتبع باستقبال في منزل غولدسميث في مقاطعة ساري جنوب غرب لندن.

شهد زواج عمران خان هزات عنيفة، حيث كان نفسه وصف الزواج بأنه صعب، وانتهى في نهاية المطاف بطلاق في 22 يونيو/ حزيران 2004، وذلك لصعوبة تأقلم على المعيشة في باكستان، وقد أثمر هذا الزواج طفلين هما سليمان عيسى من مواليد 18 نوفمبر/ تشرين الثاني 1996، وقاسم من مواليد 10 أبريل/ نيسان 1999.

فضائح ونساء
كما احتل عمران خان شهرة واسعة في صحافة الفضائح البريطانية، وأعمدة القيل والقال في لندن، بسبب الفتيات الرومنسيات، مثل: سوزانا قسطنطين، ولادي ليزا كامبل، والفنانة إيما سيرجينت البريطانية وريثة سيتا وايت واحدة من صديقاته السابقات ابنة غوردون وايت بارون مدينة هال (Hull) التي أصبحت أمًا لابنته غير الشرعية المزعومة.

وكان قاض أميركي حكم بأن عمران خان أب لتيران جاد وايت، ولكن خان نفى أبوته له، ويقال أيضًا: إن عمران خان على اتصال دائم مع تيرانا جاد وايت خان ابنته المزعومة، وهو ما لم يعترف به علنًا على الإطلاق.

بطولات عالمية
لعب خان لمصلحة فريق الكريكيت الباكستاني من عام 1971 وحتى عام 1992، وشغل منصب قائد بشكل متقطع طيلة الفترة ما بين عامي 1982 وحتى عام 1992. بعد تقاعده من لعبة الكريكيت في نهاية بطولة كأس العالم عام 1987 استدعي مرة أخرى للانضمام إلى الفريق عام 1988.

وبينما كان في التاسعة والثلاثين قاد زملاءه في الفريق لتحقيق الفوز الأول والوحيد لباكستان ببطولة كأس العالم عام 1992؛ فلديه سجل من 3807 نقطة، و362 ويكيت في الـlaquo;تيست كريكيتraquo;، ما جعله واحدًا من ستة لاعبي كريكيت في العالم حقق التفوق في الثلاثي متعدد المهارات في مباريات الـ(تيست).

يقيم عمران خان الآن في بني جالا في العاصمة إسلام أباد، حيث بنى منزلًا في بمزرعة بالأموال التي باع بها شقته في لندن، وهو يزرع أشجار الفاكهة، والقمح، ويربّي الأبقار، وفي الوقت نفسه يحافظ على أرضية للكريكيت لولديه اللذين يزورانه أثناء فترة إجازتهما.

ظهور مختلف
ظهر خان للمرة الأولى بشكل باهت في الدرجة الأولى في لعبة الكريكيت، بينما كان في السادسة عشرة من عمره في مدينة لاهور. ومع بداية حقبة 1970 كان يلعب لمصلحة الفريق الوطني في لاهور A من 1969 إلى 70، لاهور B من 1969 إلى 70، لاهور جرينز من 1970 إلى 71، وفي النهاية لاهور من 1970 إلى 71.

كما كان خان جزءًا من فريق بلو كريكيت لجامعة أكسفورد، في مواسم 1973 وإلى 1975. وفي ورسيسترشاير، حيث لعب كريكيت المقاطعات من 1971 إلى 1976، لم يكن سوى لاعب كريكيت ذي معدل سرعة متوسطة.

خلال هذا العقد مثل خان فرقًا أخرى، بما في ذلك داود إندستريز من 1975 إلى 76، الخطوط الجوية الدولية الباكستانية من 1975، 76 إلى 1980- 81، ثم لعب لمصلحة ساسيكس في الفترة من 1983 إلى 1988.

وفي عام 1971 ظهر خان للمرة الأولى في أول مباراة تيست كريكيت ضد إنجلترا في برمينجهام، وبعد ثلاث سنوات ظهر للمرة الأولى كذلك في مباراة وان داي إنترناشيونال (One Day International) اختصارًا (ODI)، وذلك ضد إنجلترا في مدينة نوتينجهام أيضًا، لمصلحة برودينشال تروفي (Prudential Trophy).

بعد تخرجه في جامعة أكسفورد وانتهاء مدة الاختبار القانونية في ورسيستشاير - عاد إلى باكستان عام 1976، وحصل على مكان دائم له في فريقه الوطني، بدءًا من موسم 1976- 1977، وخلال تلك الفترة لعبوا أمام نيوزيلاندا وأستراليا.

في أعقاب سلسلة مباريات مع أستراليا قام بجولة في جزر الهند الغربية، حيث التقى توني جريج، الذي جعله يشترك في سلسلة الكريكيت العالمية، التي ينظمها كيري بيكر.

بولينغ
كانت أوراق عمران خان اعتمدت بوصفه وحدًا من أسرع رماة لاعبي البولينغ في العالم، وذلك عندما جاء في المركز الثالث 139.7 كيلو متر/ ساعة في مباراة البولينغ السريع في مدينة بيرث، ليأتي بعد كل من جيف طومسون وميشيل هولدينج، وقبل دينيس ليلي وجارس لي روكس وأندي روبرتس.

كما حقق عمران خان تصنيف تيست كريكيت بولينج بواقع 922 نقطة ضد الهند في 31 يناير/كانون الثاني عام 1983. تصنيف مباريات بولينج تيست آل تيم (All Time Test) لمستوى الأداء لمجلس الكريكيت الدولي كان الأعلى في ذلك الوقت.

حقق أيضاً ثلاثي التفوق في كل من البولينغ والباتينغ (محققًا 3000 رمية، و300 ويكيت) في 75 مباراة تيست، أسرع ثاني رقم مسجل بعد لان بوتهام بواقع 72 تيست. كما عيّن - بما أن لديه أعلى متوسط في الباتينج بواقع 61.86 - لاعبًا ضاربًا للكرة في التيست في المركز السادس لترتيب الضرب.

لعب خان آخر مباراة تيست لمصلحة باكستان في يناير 1992 ضد سيريلانكا في مدينة فيصل أباد. وتقاعد نهائيًا من لعبة الكريكيت بعد ستة أشهر من مباراة وان داي إنترناشيونال الأخيرة له (ODI)؛ نهائيات كأس العالم التاريخي عام 1992 ضد إنجلترا في مدينة ملبورن في أستراليا.[14] وقد أنهى مسيرته بـ 88 مباراة تيست، و126 جولة، وسجل 3807 رمية بمتوسط 37.69، شمل ذلك ست دول و18 خمسيني، وكانت أعلى درجة له 136 رمية. وكلاعب بولينغ فقد حقق 362 ويكيت في التيست كريكيت، ما جعله أول باكستاني يحقق ذلك، والرابع على مستوى العالم.

وفي مباريات وان داي إنترناشيونال لعب 172 مباراة، وسجل 3709 رمية، بمتوسط 33.41، ولم يزد أعلى عدد أهداف له عن 102. ووقفت أفضل لعبة بولينغ موثقة له في وان داي إنترناشيونال عند 6 ويكيت، لأربعة عشر رمية.

قيادة الفريق
في ذروة حياته المهنية في عام 1982 تسلم خان قيادة فريق الكريكيت الباكستاني وهو في سن الثلاثين من جاويد ميانداد. وحين يستعيد عمران خان ذكرياته في عدم ارتياحه لدوره الجديد، يقول: عندما أصبحت قائدًا للفريق لم يكن بوسعي الحديث إلى الفريق مباشرة، فقد كنت خجولًا جدًا، كان عليّ أن أخبر المدير، قلت: إسمعني، هل يمكنك التحدث إليهم بما أريد أن أقوله للفريق. وأعني هنا اجتماعات الفريق الأولى، فقد كنت خجولًا ومرتبكًا، لم يكن بوسعي الحديث إلى الفريق.

كتابة مقالات
منذ تقاعده أخذ خان في كتابة مقالات رأي في صحف متنوعة؛ إنجليزية وآسيوية، خاصة في ما يتعلق بفريق الوطني الباكستاني. وقد نشرت إسهاماته في مجلات أوت لوك الهندية، الغارديان، الإندبندنت، والدايلي تيليغراف.

كما ظهر خان أحيانًا كمعلق كريكيت على الشبكات الرياضية الآسيوية والإنجليزية، بما في ذلك إذاعة بي بي سي الناطقة بالأردية، وشبكة ستار تي في. وفي عام 2004، عندما قام فريق الكريكيت الهندي بجولة في باكستان بعد 14 عامًا، كان خان المعلق على البث الخاص المباشر على شبكة تي إي إن سبورت، وسترايت درايفر (Straight Drive) بينما كان كاتب عمود في شبكة (sify.com) وحتى عام 2005 في سلسلة مباريات التيست الهندية الباكستانية.

وقدم عمران خان تحليلًا لدورة كأس عالم في لعبة الكريكيت منذ عام 1992، والذي يتضمن تقديم ملخصات للمباريات لإذاعة البي بي سي خلال كأس العالم عام 1999.

العمل السياسي
بعد سنوات قليلة من عملة كلاعب محترف في لعبة الكريكيت، اقتحم خان الانتخابات السياسية، بينما اعترف أنه لم يصوّت في انتخابات من قبل.

منذ ذلك الحين كان أهمّ عمل سياسي قام به هو معارضة الحكام السياسيين، مثل: برفيز مشرف، وآصف علي زرداري، ومعارضته للسياسة الخارجية للمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركية. لم تؤخذ سياسات خان على محمل الجد، وكانت على أفضل تقدير كعمود أخبار مفرد في معظم الصحف. وكما قيل وباعترافه هو شخصيًا فإن أبرز مؤيديه السياسيين كانوا من النساء والشباب.

كانت معركة عمران خان السياسية متأثرة بالفريق حامد غول الرئيس السابق للمخابرات الباكستانية، والمشهور بدعمه لصعود طالبان ومناهضته لوجهات النظر الغربية في باكستان.

وفي 25 أبريل/ نيسان عام 1996 أسّس خان حزبه السياسي، أطلق عليه اسم (باكستان تحريك إنصاف)، مع شعار مقترح quot;إنصاف ، وإنسانية، واحترام الذاتquot;.

وقد هُزم عمران خان بشكل شامل في الاقتراع في انتخابات 1997 العامة هو وأعضاء حزبه، حيث عارضته سبع مقاطعات، كما إنه دعم الانقلاب العسكري بقيادة الجنرال برويز مشرف عام 1999، لكنه ندد برئاسته قبل أشهر عدة من انتخابات عام 2002 العامة.

انتهازية سياسية
يصف العديد من المعلقين السياسيين مواقف عمران خان بالانتهازية السياسية، وكان خان اعتقل بوساطة طلبة من حزب جماعة الإسلام السياسي، والتي زعمت أن خان كان مصدر إزعاج ولم يُدع إلى التجمع، وسلموه إلى الشرطة، والتي اعتقلته بمقتضى قانون مكافحة الإرهاب، بزعم تحريض الشعب على حمل السلاح، والدعوة إلى العصيان المدني، ونشر الكراهية.

وفي سجن ديرا غازي خان كانت لأقارب خان صلاحية الوصول إليه ومقابلته لتسليم السلع خلال فترة احتجازه في السجن، والتي استمرت على مدى أسبوع. وفي 19 نوفمبر/تشرين الثاني سمح لخان بإلقاء كلمة في أعضاء حزبه، وأعلنت عائلته أنه بدأ إضرابًا عن الطعام، لكن نائب مراقب سجن ديرا غازي خان نفى هذه الأنباء، قائلًا: إن خان تناول في إفطاره الخبز والبيض والفاكهة.

وكان عمران خان واحدًا من بين السجناء السياسيين الثلاثة آلاف، الذين أفرج عنهم في 21 نوفمبر 2007. وقد قاطع حزبه الانتخابات المحلية في 18 فبراير/شباط 2008، ومن ذلك الحين فإن أحدًا من أعضاء حزب (PTI) عمل في البرلمان منذ تقاعد خان عام 2007.

وعلى الرغم من أنه لم يعد عضوًا في البرلمان فقد تم وضعه قيد الإقامة الجبرية في حملة يقوم بها الرئيس الباكستاني آصف على زرداري على الاحتجاجات المناهضة للحكومة في مارس/آذار عام 2009.

وغالبًا ما وصف خان بأنه سياسي، ليس له وزن يذكر، وهو مغمور في باكستان، حيث تشير إليه الصحف المحلية بـ quot;السياسي المفسدquot;. ويقول المراقبون السياسيون إن الجماهير التي يجذبها، لكونه لاعب كريكيت شهيرًا، تعتبره شخصية للتسلية أكثر منه سلطة سياسية جادة.

وكما يقول المعلقون والمراقبون فإن فشله في الحصول على السلطة السياسية أو بناء قاعدة دعم محلية يرجع إلى نقص نضج خان السياسي والسذاجة، وقال الكاتب الصحافي آياز أمير أخبر صحيفة (واشنطن بوست) الأميركية إن خان ليست لديه تلك السياسة التي تمنحه القوة والعزيمة لمواجهة المصاعب.

أما صحيفة (الغارديان) البريطانية فإنها وصفت عمران خان بأنه quot;سياسي بائسquot;، مشيرة إلى أن أفكاره وانتماءاته قد انحرفت وانزلقت منذ دخوله المعترك السياسي، كعربة يد في الأمطار، فهو يدعو إلى الديمقراطية في يوم، ثم يعطي صوته للملا الرجعي في اليوم التاليquot;.

أخيراً، فإن التهمة التي دائمًا ما تثار ضد عمران خان، هي النفاق والانتهازية، بما في ذلك quot;منعطف حياته من مستهتر إلى متزمتquot;، فقد كان ناجام سيثي، وهو أحد أكثر المعلقين الباكستانيين احترامًا، صرح بأن quot;خان يخلف الوعد كثيرًا كثير في أشياء عدة أعلن عنها من قبل، وهذا هو الذي لا يمنحه ثقة الناسquot;.