أثبتت الهجمات على السفارة الأميركية في بنغازي، أن الولايات المتحدة الأميركية لا تفي بالوعد الذي تقطعه بحماية ديبلوماسييها في الخارج، حيث علق أحدهم قائلاً إن هذه الحادثة ما كانت لتقع في عهد رايس أو كولن باول.


بيروت: دائماً ما يعتمد السفراء غير المسلحين على النوايا الحسنة للدول التي يعملون فيها وتستضيفهم، ويتوقعون منها الحماية. لكن عندما تقع الأعمال العدائية وتسقط الحكومات وتصبح حياة السفراء وموظفيهم مهددة، يعتمد هؤلاء على وطنهم لضمان أمنهم.
قبل المباشرة بمهامهم، يحصل سفراء الولايات المتحدة على خطاب رئاسي يفيد بأن وزارة الخارجية quot;لديها مسؤولية التنسيق والإشراف على جميع أنشطة حكومة الولايات المتحدة والعمليات في الخارجquot;، ويؤكد على ضرورة quot;حماية جميع موظفي حكومة الولايات المتحدة في مهامهم الرسميةquot;.

هجمات بنغازي أثبتت العكس
وقد أظهرت التحقيقات التي أجراها الكونغرس في هجمات 11 أيلول (سبتمبر) الارهابية على البعثة الديبلوماسية الأميركية في بنغازي- ليبيا، أن وزارة الخارجية لم تقم بواجباتها، وكسرت بذلك العهد الذي قطعته على السلك الدبلوماسي.
جون برايس، سفير الولايات المتحدة السابق إلى جزر القمر، وموريشيوس وجزر سيشل، هو أحد الذين تلقوا هذه الرسالة. وقال: quot;ذهلت تماماً عندما حاولت وزيرة الخارجية آنذاك هيلاري رودام كلينتون، في شهادتها أمام الكونغرس في كانون الثاني (يناير)، التقليل من أهمية وفاة موظفين أميركيين في بنغازي عندما قالت إن الأمر لا يحدث فرقاً في هذه المرحلةquot;.
برأيه، مقتل السفير كريستوفر ستيفنز، والضابط شون سميث، وجندي البحرية السابق غلين دوهرتي وتايرون وودز، بعد أن هاجمهم عدد من المتطرفين المدججين بالسلاح الذين دخلوا مجمع الديبلوماسية الأميركي، يحدث فرقاً كبيراً.
السفراء على علم بالمخاطر التي تفرضها خدمتهم في مناطق النزاع. لكن في ظل الجهاد المستمر ضد الولايات المتحدة، كان ينبغي على وزارة الخارجية الاستعداد بشكل أفضل لحماية بعثاتها في الخارج، وفقاً لما قاله برايس لصحيفة الـ quot;واشنطن تايمزquot;.
في يناير 2012، أنشأت وزارة الخارجية مكتب مكافحة الإرهاب لتعزيز جهد الإدارة quot;في مكافحة الإرهاب في الخارج وتأمين الولايات المتحدة ضد التهديدات الإرهابية الأجنبية ومواجهة الشبكات التي تدعم الإرهابquot;.
وفي تشرين الأول (أكتوبر)، أدلت نائب مساعد وزيرة الخارجية شارلين لامب، التي أشرفت على مكتب عمليات الأمن الدبلوماسي في وقت الهجمات في بنغازي، بشهادتها حول هذه المسألة وقالت إنها تعارض إبقاء الفريق الأمني في سفارة طرابلس بعد أن تلقى الأوامر بالمغادرة في آب (أغسطس)، وأضافت quot;إن هذا الفريق ما كان ليقدم أو يؤخر في بنغازيquot;.
وقالت لامب مضيفة لضابط الأمن الإقليمي في السفارة ألا يهتم لطلب مساعدة إضافية عندما يعود الفريق العسكري إلى الولايات المتحدة.

رايس وباول أحسنا في حماية الدبلوماسيين
يوم الأربعاء الماضي، أدلى غريغوري هيكس، نائب رئيس البعثة في السفارة الأميركية إلى طرابلس، وإريك نوردستروم، ضابط الأمن الإقليمي، ومارك تومسون، القائم بأعمال نائب مساعد وزيرة الخارجية لشؤون مكافحة الإرهاب بشهاداتهم في جلسة استماع للجنة الرقابة والإصلاح الحكومي حول فشل وزارة الخارجية الأميركية في حماية موظفيها.
لكن العديد من أعضاء الكونغرس لا يرغبون بالاستماع إلى الحقائق حول الهجمات، لاعتبارات سياسية وفقاً للسفير السابق برايس، الذي قال: quot;عندما كانت وزارة الخارجية بقيادة كولن باول وكوندوليزا رايس، كانت الأولوية بالنسبة لهما هي أمن البعثات الخارجية. لو كان باول أو رايس على رأس الوزارة خلال هجمات بنغازي، أشك في أن يقول أحدهما (ما الفرق الذي سيحدثه ذلك).
وشدد السفير على أن أمن البعثات الخارجية تحت قيادة رايس وباول لم يشهد أي حادثة قتل لديبلوماسيين أميركيين، فقد اعتمد الاثنان على التواصل المباشر مع السفراء حول حالات التهديد وتبادل البرقيات السرية في الوقت المناسب، لاتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية مصالح الولايات المتحدة، وموظفي السفارة والمواطنين الأميركيين.
وأشار برايس إلى أن وزارة الخارجية لم تتخذ أية تدابير طارئة لحماية البعثة الديبلوماسية الأميركية في بنغازي، مما جعل القنصلية متاحة بسهولة في حال وقوع هجمات إرهابية.
السفير ستيفنز كان قد حذر من هجمات محتملة ضد البعثة في أوائل شهر آب (أغسطس)، وهذا الأمر كان يتطلب اتخاذ إجراءات أمنية في بنغازي، مع العلم أن الحكومة الليبية الضعيفة لا تستطيع السيطرة على الميليشيات المسلحة.
ويقول برايس:quot;لكن ذلك أيضاً لم يحدث. كل ما حدث يدل على الإهمال الجسيم وعدم الكفاءة من جانب المشاركين في صنع هذه النتيجة المؤسفةquot;.