المعارضة السورية في موقف لا تحسد عليه، عشية جنيف-2، فهي ستفقد الغطاء السوري الشعبي إن قبلت بالجلوس مع ممثلين للأسد، وهي ستفقد الغطاء الدولي الذي تحتاج إليه إن رفضت الرضوخ للضغوط الدولية والذهاب إلى المفاوضات.


لندن: تقف المعارضة السورية مترددة بين ناري الحل السياسي، نار تحرقها شعبيًا إن قبلت بالتفاوض مع نظام بشار الأسد، الذي قتل حتى الآن نحو 80 ألفًا من السوريين، ونار تحرقها دوليًا إن رفضته، خصوصًا أن أفق التدخل الأميركي مسدود، ودخول الأزمة في بازار التسويات الدولية.

يشترط ميشيل كيلو، مؤسس اتحاد الديمقراطيين السوريين، تبدلاً جديًا في سياسات الغرب والشرق السورية لنجاح الحل السياسي، quot;بحيث تصير الأولى أكثر هجومية والثانية أقل عدائية وتصلبًا حيال الشعب السوري المظلوم، اضافة إلى تغيير في موازين القوى الداخلية بين النظام والمقاومة، وإلا جاء الحل لصالح النظامquot;.

ويتساءل كيلو: quot;إذا كان صحيحًا أن الأسد يجب أن يرحل، فهل يكفي لرحيله المطالبة به أم يجب إحداث تغيير جدي في موازين القوى لصالح المقاومة، من شأنه إجبار الأسد على الرحيل وتحقيق الحل الذي يريده الشعب؟ وإذا لم يتقدم الغرب باتجاه إحداث هذا التغيير، فما معنى الكلام عن حل سياسي لمصلحة النظام ورئيسه؟!quot;.

لا أسد

لا ينكر معارضون سوريون وجود ضغوط دولية قوية، تحاول أن تفرض على المعارضة السورية حلًا للملف السوري عبر حكومة انتقالية مشتركة، وتفاوض من دون أسس واضحة.

وفي المقابل، يبدو وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يحمل العصا من دون الجزرة، ويقول للمعارضة السورية إن الامر الأهم بالنسبة إلى المؤتمر الدولي حول سوريا هو موافقة المعارضة السورية على المشاركة فيه من دون شروط مسبقة، فيما يردد روبرت فورد، السفير الاميركي، كلمة لكن، ويترك الباب مفتوحًا للاسد على مصراعيه في ظل الموقف الاميركي الذي أعطى مفتاح الحل للروس، ويقول: quot;في رأينا، لا يمكن لبشار الاسد أن يشارك في الحكومة الانتقالية لكن في نهاية المطاف، يبقى الموضوع خاضعًا للنقاش بين السوريين أنفسهم، وليس قرارًا اميركيًاquot;.

لكن المعارض السوري كمال اللبواني يشدد على أن لا تفاوض إلا بعد ايضاح المبادرة الدولية وحسم مصير الأسد. وهو ينفي أن تكون المبادرة واضحة كما أشار جون كيري، وزير الخارجية الاميركي، مؤكدًا ضرورة رحيل الاسد، quot;وألا يبقى في السلطة ليعيد ترشيح نفسه في انتخابات الرئاسة العام 2014quot;.

مراهنات معارضة

ويراهن بعض المعارضين على موافقتهم على حضور المؤتمر الدولي في ظل امتناع النظام عن الاقتراب منه فعليًا وعمليًا، لأن الأسد سيرفض تطبيق بنود جنيف، فهناك قبل الحوار والتفاوض نقاط وآليات لا بد من تطبيقها، مثل وقف العنف واطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وهي تعني حتمية سقوط النظام سريعًا، لذلك لن يوافق النظام على أي مبادرة دولية.

ويرى معارضون آخرون أنه يمكن للأسد أن يمضي إلى تسوية سياسية، بحسب الخطة التي عُرضت في مؤتمر جنيف، والتي قد تكون صياغتها الغامضة فرصة ذهبية له، فهو لن يُجبر على التنحي فورًا، وفي مقابل ذلك ستنشأ حكومة وطنية يقبلها الطرفان تُنقل اليها صلاحيات الجيش النظامي وأجهزة الأمن.

الا أنه مع لعبة النظام المستمرة والتي يجيدها، ستضطر المعارضة إلى التخلي عن طلب تنحيه باعتباره شرطًا لكل تسوية في المستقبل، مقابل حكومة تحكم بالفعل وانتخابات غير ممكنة التطبيق بسبب طبيعة السيطرة على الاراضي السورية.

وفي ظل محاور اللعب مع الروس على موضوع الحل السياسي، وحشد طاقات ايران وحزب الله ميدانيًا لاستعادة الارض التي أخذتها المعارضة العسكرية بشتى الطرق، تبدو آمال الاسد الوحيدة الواضحة، لتبقى آمال المعارضة بحاجة إلى تحديد، في ظل فوضى حقيقية تعيشها اليوم، مع انعدام أي أفق لتدخل عسكري أميركي.