مع بدء التجهيزات لانعقاد مؤتمر (جنيف 2) للتوصل لعملية انتقال سلمي في سوريا، فإن شبح الانقسام الدولي يخيم على الأجواء، مع تحذير صدر عن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون يوم الأربعاء من تعثر التخطيط للمؤتمر، وقال إنه ينبغي أن يتفق الطرفان المتحاربان في أسرع وقت ممكن على حكومة انتقالية.
يهدف مؤتمر (جنيف 2) للبحث عن سبيل لاحياء اتفاق تم التوصل إليه في جنيف في يونيو حزيران 2012 دعا إلى تشكيل حكومة انتقالية quot;تتمتع بسلطات تنفيذية كاملة بموافقة الطرفينquot;، وهي صياغة غامضة تركت بشكل متعمد دور الأسد في المستقبل غير واضح.
وتزامناً، حذر دبلوماسيون في الأمم المتحدة من أن أي مؤتمر للسلام ربما يكون مآله الفشل لأن الخلافات لا تزال كبيرة بين وجهة نظر روسيا ووجهة نظر الولايات المتحدة وأوروبا.
وفي التفاصيل، قال كاميرون للصحافيين في الأمم المتحدة إنه يدعم تمامًا المبادرة الأميركية الروسية لتنظيم المؤتمر في مطلع يونيو/ حزيران بمشاركة الحكومة والمعارضة السورية.
مواصلة الضغط
وقال quot;المهم هنا هو ممارسة الضغط على المشاركين لطرح الأسماء الضرورية لحكومة انتقالية وأن نبدأ مفاوضات تفصيلية ملائمة.quot;
وأشار كاميرون إلى قلقه من أن يطول التخطيط لمؤتمر السلام في جنيف، مضيفًا أن من الضروري التحرك سريعًا لوقف إراقة الدماء في سوريا.
وقال quot;مبعث قلقي أن ندخل عملية أطول من اللازم. ينبغي القيام بتحرك عاجل الآن والضغط على المشاركين للاجتماع والاتفاق على حكومة انتقالية يمكن أن يقف وراءها الجميع في سوريا.quot;
وحضر كاميرون اجتماعاً للجنة رفيعة المستوى خاصة بأهداف التنمية يشارك في رئاستها واجتمع مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون.
وقال المكتب الصحافي لبان في بيان إنهما بحثا سبل دفع quot;الطرفين المتحاربين في سوريا للمجيء إلى المؤتمر الدولي المقترح بوفود جادة واستعداد حقيقي للتوصل إلى حلول وسط لاسيما بشأن الانتقالquot; السياسي.
وسئل كاميرون عن فكرة فرنسية بأن يخفف الاتحاد الأوروبي حظر السلاح عن المعارضة السورية مع تأجيل تنفيذ القرار بهدف زيادة الضغط على دمشق للتفاوض لإنهاء الحرب الأهلية.
ولم يرد بشكل مباشر على الفكرة لكنه قال إن من المهم الحوار مع المعارضة.
وقال quot;إذا لم نتحاور مع المعارضة فينبغي ألا نفاجأ إذا نمت العناصر المتطرفة في صفوفها. هذا ما لا نريده ولذا ينبغي أن نتحاور. هذا هو النقاش الذي سيدور في أوروبا.quot;
تصريحات كيري ndash; لافروف
ومن جهتهما، قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف يوم الأربعاء إنهما يعتقدان أن بمقدورهما إطلاق مباحثات سلام بشأن سوريا، حيث يساند البلدان الأطراف المتناحرة في حرب من المحتمل أنها حصدت أرواح ما يصل إلى 120 ألف شخص.
وكانت الخلافات بين روسيا -وهي حليف رئيسي للرئيس بشار الأسد- والولايات المتحدة التي تساند الذين يسعون للإطاحة به، قد عرقلت منذ وقت طويل اتخاذ الأمم المتحدة إي إجراء بشأن الفوضى التي تعصف بسوريا منذ أكثر من عامين، ولكن كيري ولافروف اعلنا الأسبوع الماضي عن خطط لعقد مؤتمر سلام من المتوقع الآن أن يكون في جنيف في شهر يونيو حزيران.
وقال كيري في مؤتمر صحافي بعد لقائه لافروف في كيرونا بالسويد: quot;كلانا مفعم بالأمل بأنه خلال فترة قصيرة ستتهيّأ الظروف حتى يكون لدينا فيما هو مأمول بديل للعنف والدمار اللذين تشهدهما سوريا في الوقت الحالي.quot;
واضاف لافروف قوله: quot;إني أشاطر إلى حد كبير جون في التقييمات التي عرضها لتوه.quot; وقال إن موسكو وواشنطن تحاولان حشد التأييد لهذه المفاوضات من الحكومة والمعارضة في سوريا، وكذلك البلدان الأخرى المعنية.
صفقة مؤجلة
وقال كيري إن هذا المسعى من أجل السلام يقوم على صفقة ظلت خاملة منذ الإعلان عنها في جنيف في يونيو حزيران 2012 من أجل إقامة حكومة انتقالية في سوريا quot;ذات سلطات تنفيذية كاملة وبموافقة متبادلةquot;، وهو تعبير غامض ترك عن عمد دور الأسد في المستقبل غير واضح.
وقال كيري: quot;هذا ما نعمل من أجله ولا أظن أنه أمر غير مهم أننا نجد في هذا الوقت هذه الأرضية المشتركة ونعمل بجد معًا.quot;
وكانت المعارضة السورية تطالب من قبل بتنحي الأسد قبل أي مفاوضات بشأن مستقبل البلاد. ومن المقرر أن يجتمع ائتلاف المعارضة السورية الرئيسي المدعوم من الغرب في اسطنبول الأسبوع القادم لدراسة موقفه من حضور محادثات جنيف الجديدة.
وقال دبلوماسي غربي في باريس إن أصدقاء سوريا وهو تجمع معادٍ للأسد يتألف أساسًا من بلدان غربية وعربية سيجتمع في الأردن في 22 من مايو/ آيار لمناقشة المبادرة الأميركية الروسية.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية إن كيري يعتزم حضور اجتماع الأردن لكنه لم يستطع تأكيد التاريخ.
وكان وزير الإعلام السوري عمران الزعبي قد قال في وقت سابق إن بلاده تريد تفاصيل بشأن مؤتمر جنيف قبل أن تتخذ قرارها بشأن المشاركة فيه.
وقال كيري ولافروف كلاهما إنهما يتوقعان أن تحضر سوريا.
الأمم المتحدة تدين قوات بشّار
إلى ذلك، أدانت الجمعية العامة للأمم المتحدة القوات الحكومية في سوريا وأشادت بالائتلاف الوطني السوري المعارض يوم الأربعاء لكن التأييد للقرار الذي صاغته دول خليجية عربية كان أقل من الدعم الذي حصل عليه نص مشابه أقر العام الماضي وهي علامة على تزايد القلق بشأن جماعات المعارضة المسلحة المنقسمة.
والقرار غير ملزم لكن قرارات الجمعية العامة التي تضم 193 دولة قد تنطوي على أهمية معنوية وسياسية كبيرة. وحصل القرار على تأييد 107 أصوات مقابل رفض 12 وامتناع 59 دولة عن التصويت في تباين كبير مع نتيجة التصويت على القرار السابق، الذي ادان الحكومة السورية في أغسطس آب الماضي واعتمد بموافقة 133 دولة مقابل رفض 12 وامتناع 31 عن التصويت.
وعزا دبلوماسيون بالأمم المتحدة تراجع التأييد للقرار الى مشاعر القلق من أن سوريا ربما تتجه الى quot;تغيير في النظامquot; توجهه حكومات اجنبية، ومخاوف من زيادة عنصر التطرف الإسلامي بين المعارضين.
رسائل روسية
ورفضت روسيا وهي حليف وثيق للرئيس بشار الأسد القرار الذي صاغته قطر التي تتهمها الحكومة السورية بتسليح المعارضين الساعين للإطاحة بالأسد.
لكن موسكو التي استخدمت مع الصين حق النقض (الفيتو) ثلاث مرات لمنع مجلس الأمن الدولي من التحرك ضد سوريا لم تتمكن من عرقلة قرار الجمعية العامة، حيث لا تتمتع أي دولة بحق النقض.
وقال دبلوماسيون إن الوفد الروسي بعث برسائل إلى جميع أعضاء الأمم المتحدة تحثهم على معارضة القرار. وشكت موسكو من أن القرار يقوض الجهود الأميركية الروسية لعقد مؤتمر للسلام تشارك فيه الحكومة السورية والمعارضة، وقال وزير الخارجية الأميركي جون كيري إنه سينظم على الأرجح في اوائل يونيو حزيران.
وأبلغ سفير سوريا لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري الجمعية العامة قبل التصويت أن القرار يتعارض مع المساعي الأميركية الروسية للبحث عن حل دبلوماسي للأزمة المستمرة منذ اكثر من عامين، والتي تقول الأمم المتحدة إنها أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 80 ألف شخص.
وقال الجعفري إن القرار quot;يمثل سباحة عكس التيار فى ضوء التقارب الروسي الأميركي الذي رحبت به سوريا.quot;
لكن نائبة السفير الاميركي روزماري دي كارلو قالت إن القرار يتفق مع المبادرة الروسية الاميركية ويبعث quot;برسالة واضحة بأن الحل السياسي الذي نسعى اليه جميعًا هو افضل وسيلة لإنهاء معاناة شعب سوريا.quot;
التعليقات