عاشت طرابلس ليلة من أعنف ليالي معاركها، خصوصًا أن القصف تجاوز المحاور التقليدية بين باب التبانة السنية وجبل محسن العلوي، بعدما منع الجيش اللبناني بقوة النار محاولة لاقتحام مواقع الحزب العربي الديمقراطي الموالي لنظام بشار الأسد في جبل محسن.


بيروت: تفجّر الوضع الميداني في طرابلس، شمال لبنان، ليل الثلاثاء ـ الأربعاء على نحو غير مسبوق وشهدت المدينة ما قيل إنه أعنف معارك النزاع المفتوح بين منطقة باب التبانة، التي تغلب عليها الأكثرية السنية الداعمة للثورة السورية، وبين منطقةجبل محسن بأكثريتها العلوية المؤيدة للنظام السوري.

وإذا كان هذا النزاع المسلّح الذي يمتد لسنين طويلة حمل في الماضي عناوين مختلفة، فإنه اليوم وباعتراف جميع الأطراف يحمل رائحة المعركة الدائرة في القصير في سوريا، والتي يشارك فيها حزب الله إلى جانب النظام.

ويشير سياسيو طرابلس في تصريحاتهم إلى أن رفعت عيد، زعيم الحزب العربي الديموقراطي، تلقى تعليمات من دمشق بفتح المعركة مع باب التبانة للفت نظر اللبنانيين شمالاً بعيداً عن انغماس حزب الله في الصراع السوري.

معطيات ميدانية

وفي حين اقتصرت المعارك على تبادل إطلاق النار ورصاص القنص بين المنطقتين على خطوط التماس التقليدية، إلا أن المعارك انفجرت وارتفعت حدتها بشكل كبير ليلاً، واستعملت فيها الاسلحة الخفيفة والمتوسطة والقذائف الصاروخية، ما أدى إلى سقوط 10 قتلى وجرح نحو 27 آخرين.

وأفادت أنباء بأن الجيش اللبناني منع محاولة اقتحام كانت مجموعة من شباب طرابلس تستعد لتنفيذها باتجاه جبل محسن من محور البقّار. لكن عبد اللطيف صالح، المسؤول الإعلامي في الحزب العربي الديموقراطي، نفى أي محاولة من هذا النوع.

وكان صالح وجه تحذيراً من أن الوضع متجه إلى المزيد من الـتأزم، وقال في تصريح quot;دخلنا في المعركة ولن نترك طرابلس تنام واليد التي ستمتد إلى جبل محسن سنقطعهاquot;.

جريمة موصوفة

النائب محمد كبارة رأى أن quot;طرابلس تدفع ضريبة الانتماء إلى الدولة، وسأل رئيس الجمهورية، ورئيس الحكومة والوزراء، هل تريد الدولة أن تدافع عن طرابلس؟quot;.

وقال في تصريح لـquot;إيلافquot; quot;سقط القناع ونفذ حزب شبيحة الأسد في جبل محسن تهديداته بقصف طرابلس واستهداف اطفالها ونسائها وشيوخهاquot;. أضاف quot;تهديدات حزب الأسد كما وردت على لسان الناطق باسم الحزب رفعت عيد وتنفيذها مساء اليوم (الثلاثاء)، جريمة موصوفة بمستوى القتلquot;.

وطالب كبارة النيابة العامة بالتحرك لتوقيف عيد والمتورطين معه من quot;شبيحة الاسدquot;. وسأل quot;هل سيطلب رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، تحرك النيابة العامة ضد ثكنة بشار الاسد التي تعتدي على طرابلس وحرمة بيوتها؟quot;.

ورداً على سؤال قال: quot;رئيس الجمهورية يعلم وقائد الجيش يعلم، وقادة الاجهزة الامنية يعلمون أن حزب الاسد في جبل محسن هو المعتدي، فهل سيدافعون عن طرابلس واهلها؟ أم سيكتفون بالضغط على القتيل والتساهل مع القاتل؟quot;.

وبنبرة حادة قال كبارة: quot;لا يعتقدَنَّ أحد بأن طرابلس تستعطي حماية أو تتسول تعاطفاًquot;. وتابع: quot;نحن نطلب من الدولة حق طرابلس في حمايتها وصون استقرارها وأمنها واقتصادها من شبيحة الأسد وحسن نصر الله الذين يقتلون الشعبين اللبناني والسوريquot;.

وأشارت معلومات إلى أن اجتماعاً مهمّاً سيعقد صباح الأربعاء في منزل كبارة يضم مسؤولي المحاور كافة، إضافة إلى القيادات الدينية والسياسية والعسكرية.

نداء الشعّار

في هذا المجال، وجّه الشيخ مالك الشعار، مفتي طرابلس والشمال، من دبي نداءً إلى المتقاتلين جاء فيه quot;رحمة بلبنان وبأهله، وحفاظاً على تنوعه وتميزه، وإبعادًا له عن كل المحاور التي تنعكس سلبًا على العيش فيه، أناشدكم يا أهلنا الطيبين أن تغلبوا لغة العقل والمنطق على لغة السلاح والتحدي، فليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب، ليس في السياسة شيء يستحق أن يخسر الإنسان نفسه وبلده وأهله لأجلهquot;.

أضاف quot;أن لبنان يستحق منّا أن نحافظ عليه، وعلى العيش المشترك فيه، وعلى أمنه واقتصادهquot;. وتابع متوجهاً إلى أهالي طرابلس quot;لا تنجروا إلى مستنقع الصراع الداخلي والطائفي الذي يريده المتربصون بلبنان شراًquot;.

وزاد في القول: quot;آن لهذه المدينة أن تستريح ... وأن تهدأ وتستقر ... وحذار أن يكون الرهان على طرابلس في أن تكون الشرارة لحرب جديدة سيخسر فيها الجميعquot;.

استهداف الجيش

وفي تطور لافت، سقطت قذيفة على مركز للجيش اللبناني في شارع الغرباء في طرابلس ما ادى إلى سقوط جريحين من عناصره، فردّ افراد الموقع على مصادر النيران. وفي السياق، نفّذت فعاليات المجتمع المدني الطرابلسي تحركاً مسائياً في منطقة المينا رفضاً لما يحصل في المدينة وللمطالبة بوقف سفك الدماء وانهاء الاشتباكات.