ويبقى لبنان عامرًا بالأحداث اليومية، بين ردود الفعل المتباينة من مؤتمر عقاب صقر الإعلامي، وبين اشتباكات ضارية على كل محاور مدينة طرابلس، مرورًا بعبوة ناسفة فككها الخبير العسكري قبل أن تنفجر 100 متر عن النائب عمار حوري.


بيروت: كشفت صحيفة الجمهورية اليوم تعقيبا على المؤتمر الصحفي الصاخب الذي عقده النائب عقاب صقر أمس أن حزب الله هو من نجح في اختراق الدائرة الضيقة لصقر، وتمكن من التنصت على الأحاديث بينه وبين لؤي المقداد، القيادي في quot;الجيش السوري الحرquot;.

اختراق وصيد ثمين

وبحسب الجمهورية، تمّت عملية اختراق صقر عبر احد الأمنيّين في حزب الله، واسمه حسين، الذي صار مساعدًا لصقر ومرافقًا له في تجواله، حتى بات يشعر بالضيق نتيجة استقرار الهدف المكلّف به خارج لبنان، ما حرمه حياته العائلية، فطلب من مرجعيته في حزب الله إنهاء مهمته.
وبسبب صعوبة استبدال الامني بآخر مثله ليتابع عنه مهمته، طلبت منه مرجعيته الخروج من حلقة صقر بصَيد ثمين، فبدأت عملية تسجيل مكالمات صقر مع الجيش السوري الحرّ.
كما أكدت معلومات المصدر أنّ عدد المكالمات الهاتفية المسجّلة لصقر كبير جدًا، وأن حزب الله يحضر في الأيام المقبلة مفاجأة كبيرة لصقر بناء على هذه التسجيلات.

عشر سنوات.. عشرين سنة

اما صحيفة الأخبار فردّت بقلم الصحفي بيار أبي صعب الذي كتب افتتاحية الصحيفة بعنوان quot;عقاب showquot; ساخرًا مما ساقه صقر بحق الصحيفة من اتهامات، ومن طريقة كلام صقر المتوترة.
يصف أبي صعب المؤتمر وما جاء فيه بالمسرحية الغوطية، quot;بطلها نائب الأمّة الضاحك من منفاه التركي. يضحك من خصومه المخادعين الأغبياء الجهلة القتلة الذين انفضحت خططهم السخيفة بسهولة. لقد انتصر عليهم، انتهينا منهم، قال. هذا أمر واقع، ألم تسمعوا التسجيلات الكاملة؟ الشيخ سعد لا يريد أن يعرف شيئًا عن السلاح والذخيرة، مساعدات انسانيّة فقط. لقد أُغرقت سوريا، على فكرة، بالمساعدات الانسانيّة، وبطلنا القومي لن يغمض له جفن قبل أن يعود زوّار أبو ابراهيم إلى ذويهم: البطانيّات مقابل المخطوفين إذًاquot;.
ولفت أبي صعب إلى أخطاء لغوية وقع فيها صقر أثناء كلامه المتوتر. قال: quot;عقاب يجيد اللغة العربيّة أيضًا، لكن الحق على التوتّر العالي: أيها المجرمون، ثم يصحّح: أيها المجرمين. مرارًا يقول الكلمة الصحيحة ثم يستدرك بالكلمة الخطأ. ثمّة تأنيب ضمير ـــ لغوي على الأرجح ـــ عند هذا الجندي الشجاع والشهم. يعرف سلفًا أنّه مذنب، يخشى دائمًا من ارتكاب الخطأ، فيرتكبه. يا أخي طيب، راحت البطانيّات، فأين المخطوفون؟ عفوًا المخطوفينquot;

صقر صحيح

في سياق متصل، اعتصم أهالي المخطوفين في أعزاز أمام وزارة الداخلية اللبنانية، وقطعوا الطريق ساعتين، للمطالبة بالافراج عن أبنائهم. وخلال الاعتصام، صرح عوض ابراهيم، المخطوف المحرر، للصحافة قائلًا إن الأهالي تلقوا وعودًا بالافراج عن أربعة من المخطوفين يوم الخميس الماضي، quot;لكن التسجيلات التي نشرتها صحيفة الأخبار أخرت هذه العمليةquot;. اضاف: quot;يبدو ان ما قاله النائب عقاب صقر في مؤتمره الصحافي أمس عن هذا الملف صحيحquot;.
واثناء الاعتصام، استقبل مروان شربل، وزير الداخلية اللبناني، وفدًا من أهالي المخطوفين ، طالبوه التعجيل في الافراج عنهم. وكان الحاج محمد صالح، أحد أقرباء المخطوفين، قال في تصريح إعلامي إن وعود السياسيين لم تكن صادقة منذ سبعة أشهر، متمنيًا على الاعلام إبعاد هذه القضية عن التجاذب السياسي الداخلي، وعلى الرئيس سعد الحريري والنائب عقاب صقر الاستمرار في جهودهما لإقفال هذا الملف.

قنبلة بسيطة

داخليًا، عاد هاجس الاغتيالات إلى الساحة السياسية، بعدما تمكن الخبير العسكري من تفكيك عبوة دست تحت إحدى السيارات، عند الطريق المؤدي إلى محطة الدنا، قبيل انفجارها بدقائق، بحسب ما أفاد مصدر امني رفيع لصحيفة النهار.
وبحسب معلومات النهار، وضعت العبوة امرأة بسيطة تدعى سعدى سليمان الكردي (65 سنة)، وتم توقيفها بعد الاتصال بقوى الامن الداخلي. وان هذه العبوة كانت عبارة عن قذيفة هاون من عيار 120 ملم ملفوفة بمتفجرات سانتكس، ومربوطة بصاعق، وموصولة إلى ساعة موقت ومعدة للتفجير.
وتضيف النهار أن مصدرًا أمنيًا أبلغها أن الكردي أفادت خلال التحقيقات أنها عثرت على كيس مرمي قرب محل صفصوف في المنطقة، فحاولت نقله إلى مكب النفايات، ولم تكن تعرف ان في داخله قنبلة. وبعد ابلاغ القوى الامنية، حضرت وتسلمت المرأة. ووضع المصدر الامني فرضية أن جهة ما قد تكون استفادت من كونها امرأة بسيطة فجندتها لتضع العبوة مقابل مبلغ قد يكون زهيدًا، لذلك تم توقيفها على ذمة التحقيق.

حوري مستهدفًا

ووفقًا للنهار، الفرضية الثانية التي يعمل التحقيق عليها هي في اطار تبيان ما اذا كانت الكردي قامت بالعمل فعلًا، من دون أي تكليف من أحد. وتجري القوى الامنية المعنية تحرياتها عنها لمعرفة اوضاعها النفسية والعقلية قبل التعامل معها على انها مختلة فحسب، اذ ان احتمال انها قد تكون تلعب دور المرأة البسيطة لا يزال قائمًا.
وبعدما تناقل المواطنون خبر استهداف عمار حوري، النائب في تيار المستقبل بهذه العبوة، أفاد لتلفزيون المستقبل بأنه كان متوجهًا لتقديم واجب التعزية بوالد مدير مكتبه في مسجد الإمام علي في طريق الجديدة، الذي يبعد عن مكان العثور على القذيفة بحوإلى مئة متر.
قال: quot;يأتي هذا الأمر منسجمًا مع اتصالات الأجهزة الأمنية لتوخي الحيطة والحذر التي تلقيناها منذ فترة طويلة وهي مستمرةquot;. وشدد على أن هذه القنبلة جريمة موصوفة ومرفوضة إن استهدفت شخصًا معينًا أم أناسًا أبرياء، وأن هناك نية إجرامية لا تريد أن ترتدع أو أن تهدأ.

طرابلس تحت النار

ونسجًا على الهاجس الأمني، أمضت طرابلس ليلة ليلاء من الاشتباكات العنيفة أودت بحياة 14 مواطنًا، وجرحت أكثر من مئة.
وكان اجتماع طارئ عُقد أمس في منزل النائب محمد كبارة، عضو كتلة المستقبل، الذي قال إن المدينة تتعرض لمؤامرة كبرى بهدف تركيعها، وهي تحاسب على موقفها السياسي ودعمها لسيادة الشعب السوري وحريته.
وأكد كبارة أن قيادة الجيش اللبناني غير جدية في معالجة الوضع الامني في طرابلس، وأن الدولة غائبة كليًا عن المدينة التي تواجه مصيرها بدماء أبنائها، محملًا قيادة الجيش ومن ورائها الحكومة اللبنانية مسؤولية ما يجري في طرابلس والشمال.
كما اتهم النائب معين المرعبي، عضو كتلة المستقبل، قائد الجيش العماد جان قهوجي بأنه quot;يريد أن يقيم معركة رئاسة الجمهورية في طرابلسquot;، مطالبًا بقوات دولية إن كان الجيش سيستمر في عجزه.

حمام دم جديد

كشفت مصادر سياسية لصحيفة الأخبار أن التصعيد الحاصل في طرابلس هدفه إحراج الرئيس نجيب ميقاتي، وأن فرقاء عدة التقوا على إبقاء الوضع الأمني متوترًا، ومن بينهم فريق يريد أن يكون التوتر في طرابلس مقدمة لإسقاط حكومة ميقاتي في مدينته، وآخر يريد أن تتحوّل طرابلس وبعض الشمال إلى قاعدة خلفية لدعم المعارضة السورية.
وتوقفت المصادر باستغراب أمام وقوف ميقاتي وحكومته عاجزين عن معالجة الأزمة المفتوحة في طرابلس منذ تأليف الحكومة، والاكتفاء بالبقاء متفرجين على ما يحصل.
من جانب طرابلسي آخر، لفتت صحيفة السفير إلى حديث عن تسوية تقضي بنقل جثامين 14 قتيلًا لبنانيًا في تل كلخ عبر المعابر الحدودية الرسمية، على أن تشمل الدفعة الأولى، السبت ، خمسة جثامين، ثم تنقل بقية الجثامين على دفعتين. وبحسب السفير، رفض أهالي الضحايا هذا الأمر وطلبوا نقلهم دفعة واحدة.
وأبدت مراجع أمنية تخوفها من سقوط المدينة في حمام جديد من الدم، خصوصًا إذا ما جرى تسليم جثامين قتلى كمين تلكلخ على دفعات.