اعتبر المحلل السياسي العراقي حيدر سعيد، أن مصالح سياسية واقتصادية مشتركة ستطوق الأزمة الأردنية العراقية الحالية، وتعود بها إلى دفئها المعروف، مشيراً إلى أن الحكومة الأردنية لن تسمح لمجموعة من البعثيين بالتشويش على علاقات الأردن بجاره الشرقي.


لندن: قال حيدر سعيد، المحلل والخبير السياسي في المعهد العراقي للدراسات الاستراتيجية في عمان، في اتصال هاتفي مع quot;إيلافquot; إن الأزمة التي أثارها حادث المركز الثقافي الملكي، في العاصمة الأردنية عمان الخميس الماضي، هي سحابة صيف، لأسباب سياسية واقتصادية، في مقدمتها اقتصادية، بكل تأكيد، فالأردن الرسمي لن يسمح لمجموعة من البعثيين أن يشوشوا على علاقته الاقتصادية، بالغة الأهمية له، مع العراق، ولا سيما بعد المباشرة بخط البصرة ndash; العقبة الذي يؤمن للأردن حاجته الكاملة من النفط.
وأشار إلى انه خلال السنوات الخمس الأخيرة، توطدت العلاقات الاقتصادية بين العراق والأردن بشكل لافت.

استثمارات العراق في الأردن ساهمت في تماسك اقتصاده
وقال سعيد إنه بعد الأزمة المالية العالمية عام ٢٠٠٨، لعبت الاستثمارات العراقية في الأردن التي وصلت إلى نحو ١٥ مليار دولار، دوراً مهماً في تماسك الإقتصاد الأردني. وقال إنه لذلك، أطلقت الحكومة الأردنية، آنذاك، حزمة تسهيلات للعراقيين، ولا سيما للمستثمرين.

وأوضح أن الحكومة الأردنية عملت، منذ ذلك الوقت، على زيادة صادرات الأردن إلى العراق، لتتجاوز المليار دولار وخلال السنة الأخيرة، جمعت الطرفين مصلحة مشتركة، فمن جهة، يسعى العراق إلى تنويع منافذه لتصدير النفط ولذلك، أطلق مشروع أنبوب لتصدير النفط العراقي عبر الأردن يأمل الأردنيون أن يلبي احتياجاتهم كاملة. وأضاف أنه من جهة ثانية، يرى الأردن في علاقته الاقتصادية مع العراق منفذاً يخلصه من ضغوط دول الخليج عليه، في ما يخص الثورة السورية، ولذلك فإن مصالح مشتركة تجمع الطرفين.

والأسباب سياسية أيضاً
وأشار حيدر سعيد إلى وجود اسباب سياسية ايضًا لن تسمح بأن تتطور الأزمة أو أن تتخذ منحى خطيراً فحكومة الأردن ليست على وئام مع بعثييه، الذين أشعلوا الأزمة ولا يسرها بكل تأكيد أن تسمع هتافات تأييد لصدام حسين في وسط عمان .
وشدد على أن المعارضين الأردنيين للعراق لا تأثير لهم في مؤسسة القرار الرسمي الأردني، كما أن المعارضين العراقيين المقيمين في الأردن قد حددت الدولة الأردنية حركتهم، وخاصة بعد التقارب الأخير بين حكومتي البلدين والاتفاق على خط البصرة ndash; العقبة.
وأقر بأن الجهات التي أشعلت الأزمة نجحت في تعبئة الشارع الأردني، عبر وسائل الاعلام الجديدة، ليتنبه الأردنيون على الحادث، بعد نحو أسبوع عليه، مختزلاً في مشهده الأخير: إهانة واعتداء موظفين كبار في السفارة العراقية على مواطنين أردنيين، غير أن رد فعل الدبلوماسيين العراقيين في الأردن على هتاف مجموعة من بعثيي الأردن لصدام، كان مخزياً ولطخة عار للعراق ودبلوماسيته، فقد تصرف هؤلاء الدبلوماسيون مثل quot;شقاوات (بلطجية) لا يفهمون غير لغة الركل، والضرب، واللكم وأظن أن بعضهم لم تكن تهمه سوى تلك اللحظة الانتهازية، التي سيعرض فيلم (حميته) على رؤسائه ولم تكن تهمه سمعة العراق، ولا الأخلاق الدبلوماسية، لان هؤلاء يتصورون أن الرد على البعثيين لا يكون إلا بالضرب، لا بتقديم صورة جديدة لعراق متحضر، مسالم، في حين كان بإمكان هؤلاء الطلب من أمن المركز الثقافي الملكي التدخل، ولكنهم لم يفعلوا، الأمر الذي أدى إلى تسخيف القضية العادلة التي كان الاحتفال بشأنها: قضية المقابر الجماعية وقاد إلى السماح بأن يهتف هؤلاء البعثيون، أكثر فأكثر، لصدام، في الوقت الذي تتساقط فيه أنظمة الاستبداد في المنطقة، وهو كان الأكثر وحشية من الأسد، والقذافي، ومبارك، وعلي صالح.

واكد أن هذا العمل أدى إلى تلطيخ سمعة الدبلوماسية العراقية في العالم والهدر بجهود سنين بذلتها لبناء وئام بين العراق ومحيطه العربي.
واليوم الاربعاء، دعت جماعة الاخوان المسلمين في الأردن لإحالة أفراد من طاقم السفارة العراقية في عمان إلى القضاء بتهمة الاعتداء على أردنيين وقالت في بيان إن quot;الجماعة تدين اعتداء طاقم السفارة العراقية السافر على المواطنين الأردنيين وتدعو إلى محاسبة كل المعتدين أمام القضاء الأردنيquot;.
ودعت الجماعة الشعب الأردني إلى quot;التمييز بين هذه الفئة المحدودة التي تمثل حكومة (نوري) المالكي، وهي التي ارتكبت هذا الفعل المشين، وبين الشعب العراقي الشقيق الذي تربطنا به وشائج الجيرة والاسلام والعروبة، والذي وقف إلى جانب الأردن في الاوقات الصعبةquot;.

اعتصام اردني ضد سفارته .. العراق يسحب موظفيه المعتدين
وقد فضت قوات الدرك الأردنية الليلة الماضية اعتصاماً أمام مقر السفارة العراقية في منطقة جبل rlm;عمان، باستخدام القوة بعد محاولة بعض المعتصمين اقتحامه احتجاجاً على ما حدث اثناء احتفال السفارة rlm;في المركز الثقافي الملكي الخميس الماضي حول quot;المقابر الجماعيةquot;.
وكانت الاحتجاجات بدأت الاثنين أمام السفارة في أعقاب تداول مقطع فيديو على نطاق واسع يظهر rlm;اعتداء موظفين في السفارة على مواطنين اردنيين.
وابلغ وزير الخارجية الأردني ناصر جودة مجلس النواب، أنّه تلقّى مساء أمس اتصالاً هاتفيًا من rlm;نظيره وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري، الذي قدّم لجودة اعتذار حكومة العراق عمّا حدث من rlm;اعتداء على مواطنين أردنيين من قبل عاملين في السفارة العراقية في عمان يوم الخميس الماضي، في rlm;المركز الثقافي.
واضاف جودة الذي كان يتحدث خلال جلسة لمجلس النواب الأردني أن وزير rlm;الخارجية زيباري ابلغه rlm;أنه سيتم سحب كل المسؤولين العراقيين المتورطين في هذا الحادث، وأن الحكومة العراقية حريصة كل rlm;الحرص على استمرار علاقاتها الأخوية مع الأردن، وأنها لن تسمح لأي موظف او دبلوماسي في سفارة rlm;العراق في الأردن الإساءة للعلاقات المتميزة والأخوية بين البلدين الشقيقين .
وأكد جودة من جانبه للوزير زيباري أن ما حدث في المركز الثقافي كان فيه خطآن، الأول دبلوماسي حيث أقامت السفارة العراقية الحفل دون اعلام وزارة الخارجية، والخطأ الثاني أن المركز الثقافي الملكي من خلال القائمين rlm;عليه لم يبلغوا الحاكم الاداري بهذه الاحتفالية.
وأوضح جودة أنه وفور وقوع الحادثة، تم استدعاء القائم بأعمال السفارة العراقية في الأردن واسمعناه كلاماً rlm;حازماً بأننا نفرق بين علاقاتنا مع العراقيين، وأن الأردن لن يسمح لأي احد المس بكرامة أي اردني.
وقال إن وزير الخارجية العراقي أبلغه أن العراق بكل مكوناته يحرص كل الحرص على علاقاته مع rlm;الأردن، وأنه لا يقبل لأي موظف أو دبلوماسي أن يسيء لهذه العلاقات .
بدوره قال رئيس مجلس النواب الأردني سعد هايل السرور إن حادثة الاعتداء يجب أن نتعامل معها rlm;بحدودها، والعراق دولة شقيقة نحترمها، وما تصرف فيه هذا النفر لا يمكن أن ينعكس على شعب rlm;العراق وابناء العراق الذين يعيشون بيننا. ودعا السرور وسائل الاعلام إلى عدم تضخيم هذا الموضوع الذي ندينه بقوة وأن لا نؤججه ليظهر rlm;موقفنا بأننا ضد اخوتنا العراقيين في الأردن وفي العراق. وقال إن الذي اعلنه وزير الخارجية امام rlm;مجلس النواب ونقله على لسان وزير خارجية العراق بأنه اعتذار باسم الحكومة العراقية عن هذه rlm;الحادثة.

مطالب بمغادرة السفير العراقي
وقد سيطر حادث الاعتداء على نقاش النواب في الجلسة التي عقدها المجلس الليلة الماضية برئاسة سعد هايل السرور وبحضور رئيس الوزراء عبدالله النسور وهيئة الوزارة. وتحدث 101 نائب عن الحادث تباينت آراؤهم حوله، ومنهم من طالب باتخاذ جميع الاجراءات القانونية لمعاقبة المعتدين والعمل على طرد السفير العراقي من الأردن وأن تقدم الحكومة العراقية اعتذاراً رسمياً للحكومة الأردنيةquot;، بينما طالب نواب آخرون بـquot;عدم المس بالعلاقات الأردنية العراقية وعدم تحميل الشعب العراقي مسؤولية ما حدث على اعتبار أن الحادثة هي حادثة استثنائية من نفر محدودquot;.
وتناقلت مواقع الأخبار المحلية الأردنية مشاهد على شريط فيديو لا يتجاوز ثلاث دقائق تظهر تعرض عدد من الأردنيين كانوا يهتفون بحياة الرئيس العراقي السابق صدام حسين للاعتداء بالضرب على يد عدد من افراد طاقم السفارة العراقية، ومرافقي السفير العراقي في عمان. ومن بين الأردنيين الذين تعرضوا للاعتداء زياد النجداوي المحامي السابق لصدام حسين.
وقد نظم عشرات الأردنيين خلال اليومين الماضيين تظاهرات امام السفارة العراقية في عمان للمطالبة بطرد السفير العراقي من عمان والموظفين المتورطين بالحادث.
وكان الأردن الملاذ الآمن لمئات الآلاف من العراقيين الهاربين من أعمال العنف التي بدأت عام 2004 وبلغت ذروتها بين عامي 2006 و 2007. ورغم مرور عشر سنوات على غزو للعراق فما زال هناك عشرات آلالاف من العراقيين يفضلون العيش في الأردن وعدم المخاطرة بالعودة إلى العراق.