طالب العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز بتغليظ الأحكام بمن يغررون بالشباب ويحثونهم على الذهاب إلى سوريا من أجل الجهاد، هذا في وقت يحذر الكثيرون من تكرار تجربتي أفغانستان والعراق.
الرياض: تضاعف السلطات السعودية تحذيراتها من quot;التغرير بالشبانquot; خشية تكرار تجربة العائدين من افغانستان والعراق، إثر تقارير حول شبان يقاتلون في سوريا، حيث تعلن مواقع التواصل الاجتماعي مقتل العديد منهم.
وقد طالب الملك عبدالله بن عبدالعزيز مؤخرًا بتغليظ الأحكام بمن quot;يغررون بالشبابquot;.
وقال: quot;سمعت مع الأسف أن هناك اشخاصًا يلتقون الشباب ويغررون بهم، وهذا الامر يجب أن يكون الحكم فيه ليس السجن فقط (...) لقد غرروا بأطفالنا، فمنهم من قتل ومنهم من حبسquot;.
ولم يوضح الجهة أو الدولة التي قصدها، لكنّ مراقبين تحدثوا عن شبان سعوديين يتوجهون الى سوريا للقتال هناك .
بدورها، تقدر مصادر دبلوماسية غربية أعداد السعوديين الذين يقاتلون في quot;ارض الجهادquot; الجديدة في سوريا بما لا يقل عن أربعة آلاف.
وتتضمن مواقع التواصل الاجتماعي صفحات كثيرة لكتائب وألوية منضوية في quot;الجيش السوري الحرquot; واخرى موالية لـquot;جبهة النصرةquot; تنعي فيها قتلاها منذ بداية الاقتتال في سوريا.
وهناك مئات الصفحات الخاصة بـquot;الجهادquot; في سوريا يتضمن بعضها نعي quot;شهداءquot; سعوديين لا يتجاوز عددهم الثلاثين بأسماء صريحة أو أخرى مستعارة.
اما المنابر الدعوية في المملكة وخصوصًا تلك التي تتبع المنهج السروري (نسبة الى المفكر الاسلامي السوري احمد سرور) فإنها تعمل على التعبئة غير المباشرة من خلال قصص وحكايات عن quot;ملائكة تقاتل في بلاد الشامquot; وأن الحرب هناك quot;ضد اهل السنةquot;.
وهناك ايضًا مقاطع فيديو لسعوديين لقوا مصرعهم في سوريا مثل احمد الصقري الذي قتل في حلب قبل فترة، في حين يعرض يوتيوب صور محمد سالم الحربي لحظة تشييعه وأخرى لشاب يافع يدعى بندر لحظة مقتله.
وتتضمن مقاطع أخرى لقطات لمجموعات سعودية تقاتل في سوريا.
من جهته، يقول خبير الحركات الاسلامية ستيفان لاكروا إن quot;القرار الرسمي للسلطات والمفتي بالنسبة إلى الجهاد في العراق لم يمنع مئات الشبان من التوجه الى هناك العام 2003، واليوم يواجهون الاشكالية ذاتها حيال سوريا فهم لا يشجعون على القتال هناكquot;.
واضاف: quot;اعلنت السلطات أن من يريد دعم القضية السورية بامكانه تقديم التبرعات التي يجب أن تمر عبر منظمات اهلية. لكن في الواقع، فإن السلطة ليست لديها امكانية مراقبة الشبكات المالية التي تنقل الاموال الى مجموعات جهادية تقاتل في سورياquot;.
بدوره، يحذر مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ من الدعوة الى الجهاد في quot;الدول المنكوبةquot; معتبرًا أنه quot;باب للتهلكةquot;، خصوصاً في ظل الانفلات الذي تشهده التنظيمات المسلحة التي quot;لا تقاتل تحت راية واحدةquot;.
وقال quot;لا يعد هذا جهادًا، اذ لا يعلم المرء تحت أي لواء ينخرط، ما يوقع الشباب في فخ واهداف الاعداءquot;، مشيرًا الى أن الجهاد من دون موافقة ولي الامر يدخل ضمن مفهوم quot;الجاهليةquot;.
واضاف أن quot;التنظيمات المسلحة لا تقاتل تحت راية، والذهاب الى بعض الدول المنكوبة باب للتهلكةquot;.
يذكر أن المملكة تعرضت لهجمات دامية بين العامين 2003 و 2006 قضى خلالها العشرات، ضمنهم عدد من الاجانب، ارتكبها العائدون من العراق.
وتنظر محكمة مختصة بالارهاب في قضايا عشرات الخلايا التي تضم آلاف الاسلاميين المتشددين منذ مطلع صيف العام 2011.
بدوره، يقول المحلل جمال خاشقجي لفرانس برس إن الأعداد المتداولة حول السعوديين الذين يشاركون في القتال في سوريا quot;مبالغ فيهاquot;.
واوضح: quot;حتى في افغانستان، لم تكن الدولة تشجع الشبان الذين توجهوا الى هناك تحت ستار العمل الانساني، وكذلك الامر بالنسبة للعراقquot;.
في المقابل، قال مسؤول امني عراقي رفيع المستوى: quot;كانت هناك أعداد كبيرة من المقاتلين السعوديين تأتي الى العراق، لكن بعد العمليات للقوات الاميركية والحكومية بدأت أعدادهم تقلquot;.
وتابع رافضًا ذكر اسمه أن quot;غالبية المقاتلين السعوديين كانوا متشددين بشكل كبير، واظهرت التحقيقات أن الجهات التي ارسلتهم جعلتهم يشاهدون مقاطع فيديو حماسية تؤجج مشاعرهمquot;، مشيرًا الى أن quot;معظمهم تم استخدامهم كانتحاريينquot;.
وقد اعلن المتحدث الامني باسم وزارة الداخلية اللواء منصور التركي الشهر الماضي رداً على سؤال حول اعداد السعوديين الذين يقاتلون في سوريا quot;لا اعتقد أنها كبيرةquot;.
وكان التركي اعلن في 24 اذار/مارس أن الوزارة quot;ستحقق مع من تثبت نيتهم الذهاب الى سوريا بهدف القتال وستمنعهم من السفرquot;، كما أنها quot;ستعتقل من ذهب الى هناك فور عودته الى السعوديةquot;.
كما كان اللواء سعيد البيشي مدير مركز الامير محمد بن نايف للمناصحة والرعاية صرح من جهته: quot;قمنا بمناصحة الذين ارادوا التوجه الى سوريا داخل دور التوقيف وخارجهاquot;.
واضاف: quot;في بعض الاحيان، يتصل احد اولياء الامور لإبلاغنا بأن ابنه يريد الذهاب الى سوريا وليسألنا عن الموقف الشرعي حيال ذلكquot;.
التعليقات