يعود الدور السعودي في لبنان ليلعب لصالح الدعوة الى الحوار ولمّ الشمل، فهل يستمر هذا الدور في انجاح مهمة تأليف الحكومة والاتفاق على قانون للانتخاب؟.

بيروت: يقول الكاتب والمحلل السياسي علي الامين لـquot;إيلافquot; إنه لا تزال هناك اسئلة حول مدى التأثير السعودي على مستوى ايجاد عوامل تسوية فعلية في لبنان، لأننا نشهد الدور السعودي المتنامي على اكثر من مستوى،منها على مستوى قوى 8 آذار/مارس على اختلافها، من حزب الله والتيار الوطني الحر، ولمسنا آثاره في الفترة السابقة، وايضًا شهدنا دورًا في الاجماع على رئيس الحكومة المكلّف تمام سلام، ولكن في الوقت ذاته، مقابل تلك الايجابية التي برزت نرى على مستوى تشكيل الحكومة أن الامور تبدو وكأنّها كما كانت عليه الحال سابقًا، ويبقى قانون الانتخاب يشكل عقدة، وكأن العوائق لا تزال ذاتها، وحتى يبدو أن التدخل السعودي على هذا المستوى، لم يعطِ ما يرجوه اللبنانيون، ولكنه يندرج ضمناعادة فتح علاقات للسعودية لكنها لم تصل الى الحد الذي تلعب فيهدورًا يبدو مؤثرًا وفاعلاً بصورة كبيرة، ويضيف الامين :quot; تقديري أن هناك نوعًا من المستوى لاعادة العزوف عندما انسحبت السعودية من الدور في لبنان، ولكنها تبدو عودة هادئة ومن دون ضجيج ولا يبدو أنها قد تؤدي الى تغييرات سياسية كبيرة في لبنان، إنها بمستوى كسر الجليد مع العديد من القوى السياسية في لبنان، لكنها لم تؤدِ الى التأثير بشكل واضح وجلي بمستوى ايجاد تسويات على قضيتين اساسيتين وهما موضوع الحكومة ومجلس النواب، ويلفت الامين الى أن هناك امرًا لا بد من الاهتداء اليه دائمًا، وهو مهما كان الدور السعودي اليوم ايجابيًا، لكن مع وجود ازمة تتعلق بالملف السوري، ومهما كانت النوايا حسنة باتجاه النأي بلبنان عن الاخطار الداخلية، يبقى الملف السوري المحور الاساس في الحسابات اللبنانية الداخلية، ولدى العديد من الاطراف السياسية، وتحديدًا بدرجة اولى قوى 8 آذار/مارس، التي تعتبر أن علاقتها وتحالفاتها تبنى على الملف السوري وليس على أي ملف آخر.

لا تعزيز لفريق على حساب آخر

ولا يرى الامين أن الدور السعودي المتنامي في لبنان سيكون تعزيزًا لفريق على حساب آخر، لا بل نرى أن الحركة السعودية تسعى الى الطرف الآخر، لأن المصالحة السعودية مع التيار الوطني الحر لم تفد الطرف الآخر، ولكن بدا وكأنّه مكسب لقوى 8 آذار/مارس، من دون أن يكلفهم ذلك أي أمر سياسي.

ويتحدث الامين عن الدور القطري ومدى رضاه عن تنامي الدور السعودي في لبنان، فيقول إن الاولوية اليوم في الحسابات القطرية والعربية عمومًا للملف السوري وليس اللبناني، وليست للبنان اولوية في الحسابات العربية ومنها قطر بطبيعة الحال، والجهد كله يبذل في الملف السوري، وهناك اعتقاد لدى الكثيرين الملمين بالوضع السوري، أن انهاء هذا الملف ستكون له تأثيرات كبيرة على لبنان، فلماذا نبذل جهدًا في لبنان، ربما يكون غير نافع، في وقت أن التحول السياسي في سوريا سوف يؤدي الى تحول على الاقل ويغيّر في المعادلة الى حد كبير.

ويلفت الامين الى أن جانباً من تعزيز الدور السعودي مجددًا في لبنان، يعود الى التطورات الاقليمية التي تحصل في سوريا، واعتقاد الكثيرين أن الازمة في سوريا ستطول اكثر، وهناك قلق لدىالكثيرين من انفجار الازمة والفتنة السنية الشيعية، كما هناك اعتقاد أن الدور السعودي على المستوى اللبناني يمكن أن يكون لاجمًا لهذه الفتنة التي ربما آثارها ستشمل المنطقة كلها والعرب ايضًا، وستكون سلبية عليهم اكثر من أي جهة أخرى، بهذا المعنى قد يكون بمكان ما هناك اهتمام سعودي بلبنان، وهذا ما عبّر عنه السفير السعودي في لبنان، عندما قال إن أحد الدوافع للسعودية باتجاه لبنان، محاولة الحد من احتمالات انفجار هذه الفتنة، وهي واقعة بشكل أو بآخر، لكنها تبقى محاولة لمحاصرتها والحد من انتشارها او محاولة معالجتها، وهذا التحرك ايجابي، ولكن ثمة اسئلة حول مدى القدرة على منع هذه الفتنة من أن تحصل في ظل الاجواء التي نشهدها والتطورات سواء التدخل من لبنان الى سوريا أو ما يجري في سوريا عمومًا، ويبدو الموضوع وكأنه يتجاوز الكثيرين ومنهم بطبيعة الحال السعوديون.

التيار العوني والسعودية

ويرى الامين أن التيار العوني بالغ كثيرًا في السابق بوضع كل اوراقه في السلة الايرانية، وفي ظل التطور الذي يجري في العالم العربي وتحديدًا في سوريا، هناك مؤشرات سوف تحصل ربما في المدى المتوسط، والمصلحة السياسية للتيار الوطني الحر أنه على الاقل ألا يكون كل مصيره مرتبطًا بجهة واحدة، بمعنى أن يضع اوراقه في سلة حزب الله وايران، وبالتالي يحاول أن يفتح نوافذ، خصوصًا أن التيار الوطني الحر ساهم في الفترة الماضية، وخلال مواقف عدة صدرت عن رئيس تكتل التغيير والاصلاح ميشال عون، في خلق حال من عدم الثقة والشرخ الكبير بين هذا التيار والسياسة الخليجية والعربية عمومًا، وهي محاولة لاصلاح الخلل الحاصل ومعالجة الازمة في المواقف، وهو امر بالحد الادنى يفتح بابًا لعودة الثقة.