بعد 38 عامًا على ابتداء حرب أهلية، غيَّرت معالمها تاريخ لبنان، بقيت لغة التخاطب السياسي على حالها النارية، ونبرتها الطائفية الحادة، فيستمر الاحتقان مهددًا سلامًا أهليًا هشًا.


بيروت: خطابات نارية لقادة سياسيين خلال الحرب اللبنانية لا تزال هي هي، بل بشهادة بعض النواب ازدادت حدة عما كانت عليه في الحرب، فهل تؤدي تلك الخطابات النارية الى اشعال حرب مجددًا في لبنان شبيهة بحرب دمرته منذ 38 عامًا؟

يرى النائب عاصم عراجي ( المستقبل) في حديثه لquot;إيلافquot; انه بعد 38 عامًا على الحرب اللبنانية لا يزال خطاب السياسيين يشبه خطاب الحرب، ويعود ذلك الى الازمة المفتوحة منذ العام 1975، والمشكلة ان الخطاب السياسي لدى البعض لا يزال حتى اليوم كما هو، وخطاب السياسيين اليوم اكثر طائفية ومذهبية من ايام الحرب، وهذا سبب من اسباب الاحتقان في البلد.

عن المفردات التي كانت تستعمل في الماضي بلغة الحروب والتي لا تزال تستعمل حتى الآن، هل هذا يعني امكانية عودة الحرب الى لبنان؟ يجيب عراجي :quot; اكثر من ذلك استنبطنا مفردات كثيرة، اضفناها الى مفردات الحرب، ولكن هذا لا يعني امكانية حدوث حرب مستقبلية في لبنان، ففي 1975 كانت الحرب طائفية اسلامية ومسيحية، واليوم اخذت طابعًا مختلفًا ربما احتقان سني - شيعي، رغم ذلك ومع الكلام السياسي والاحتقان الطائفي، والسياسيون يساعدون احيانًا بتجييش الشارع ومشاعر الناس، رغم ذلك الناس لم يعد لديهم الاندفاع لحرب تدمر لبنان، هناك لبنانيون كثر من الجيل الجديد لم يعوا الحرب اللبنانية ومآسيها وكوارثها، من اعاقات وتهجير، ربما يتحمسون ويندفعون، رغم ذلك يجب ان نعلِّم اولادنا كم الحرب اللبنانية كبدتنا مآس وويلات، ويجب توعية الجيل الجديد عن ويلات الحرب الاهلية الداخلية التي لا توصل الا الى الخراب، لا ارى رغم ذلك امكانية حدوث حرب في لبنان، بل مشاكل واحتقان يومي، كما حصل في البقاع والشمال وبيروت.

السياسيون لم يتعلموا من ويلات الحرب

ويرى عراجي ان السياسيين اللبنانيين لم يتعلموا مما جنته الحرب لذلك لم يغيروا خطاباتهم، وخطاب الماضي وكأنه كان اقل حدة مع استعمال للمدافع اكثر، لكن اليوم استعمل الكلام بحدة اكبر، ولا بأس اذا بقي الامر محصورًا بالكلام فقط.

ويلفت عراجي الى ضرورة صياغ خطاب يكون بعيدًا عن مفردات الحرب من خلال التركيز على ان لبنان لا يمكن ان يكون فيه غالب او مغلوب، ولا احد يمكن ان ينصِّب نفسه رئيسًا على الآخر، يجب ان نقتنع ان البلد بمساحته الصغيرة وطبيعته ومناخه هو للجميع.

خطاب الحرب هو نفسه

بدوره يقول النائب مروان فارس لquot;إيلافquot; ان الخطاب السياسي ينقصه الكثير من الثقافة واصبح يدخل بالمهاترات اكثر من المصالح الفعلية للمجتمع، واصبح اليوم اكثر حدة برأيه من ايام الحرب اللبنانية التي استمرت على فترة 30 عامًا، والسياسة بقدر ما تعبِّر عن مصالح المجتمع بقدر ذلك يكون خطابها على مستوى المجتمع، اما اذا كان الخطاب فرديًا وانانيًا، يعبر حينها عن مصالح حزبية.

ومقارنة مع الخطاب الماضي قبل الحرب اللبنانية، يقول فارس لا نستطيع قياسه بالماضي، ودائمًا للخطاب السياسي مقاييسه وهي الحياة الديموقراطية، وبما ان لبنان يتمتع بالحرية الكاملة للاعلام فمفترض الحياة الديموقراطية تكون على مستوى الاعلام، ولكن المشكلة في لبنان ان القصة الديموقراطية تشوبها المسائل المذهبية والطائفية، ولبنان لا يرتفع الى مستوى خطاب لائق بالنسبة للحضارة التي ينتمي اليها الا اذا ارتفع فوق الخطاب الطائفي.

ويضيف quot;نحتاج في لبنان الى اعادة صياغة الحياة السياسية بمعنى ان نرتفع من الطائفية الى المواطنية.quot;