عادت ظاهرة منتحلي صفة quot;الإمام المهديquot; لتطغى على المشهد الإيراني عشية الانتخابات، بعدما نشرت أخيرًا صورة لقائد الحرس الثوري وإلى جانبه من ادّعت وكالة أنباء إيرانية أنه الإمام المنتظر، واعدة المؤمنين بنقل خطابه صوتًا وصورة في وقت لاحق.
نصر المجالي: عشية الانتخابات الرئاسية الإيرانية المصيرية بالنسبة إلى الأجنحة المتصارعة على السلطة في جمهورية منقسمة، خيّمت أنباء قديمة جديدة تُدخل الجميع في دهاليز من quot;اللوثةquot; الدينية، والمتعلقة بظهور المهدي المنتظر، وهو الإمام الغائب الذي يبشّر به المذهب الشيعي الاثنا عشري.
أثار وزير الاتصالات وتقنية المعلومات الإيراني اللواء محمد حسن نامي دهشة الجميع واستغرابهم، حين وعد باستخدام شبكة الإنترنت لبثّ صوت وصورة quot;المهدي المنتظرquot;.
وذكرت مصادر إيرانية أن وكالة الأنباء الإيرانية (فارس) نشرت الجمعة صورة إدّعت أنها للمهدي المنتظر، وبجواره قائد الحرس الثوري الإيراني، محمد جعفري. وفي الصورة، ظهر رجل طويل القامة يخفي وجهه، وزعمت أنه هو المهدي المنتظر، ووعدت الوكالة ببثّ خطابه صوتًا وصورة لاحقًا.
علق رجل الدين الشيخ عبدالرحمن دمشقية بالقول: quot;وأخيرًا ظهر المهدي كما وعدت إيران، سبحان اللي خلقو على هالجسم مثل فرانكو كاسباري، ليش لابس بربارة على وجهو؟، هل لا يزال خائفًا من أن يلتقطه هارون الرشيد؟، وكأنه جالس في حمام الهنا في شارع كل مين إيدو إلو؟quot;.
وكانت مسألة ظهور المهدي المنتظر مركز سخرية بعض الصحف الإيرانية تزامنًا مع معركة الانتخابات الرئاسية، فقد كانت صحيفة quot;مشرقquot; الإيرانية قالت الأربعاء الماضي ساخرة إن من بين المتقدمين للترشيح quot;صاحب الزمانquot;، أي الإمام المهدي المنتظر، الذي يعتقد الشيعة الإمامية الاثنا عشرية أنه مغيّب، وسيظهر ليملأ الأرض قسطًا وعدلًا بعدما ملئت ظلمًا وجورًا.
وأشارت الصحيفة إلى أن شخصًا سجل اسمه في قائمة طالبي الترشيح زعم أنه المهدي المنتظر، وأنه ظهر من غيبته الطويلة قبل يومين فقط، وها هو يتقدم لخوض سباق الانتخابات ليقيم العدل ويقطع دابر الجور في البلاد.
نجاد: سيقضي على أميركا
ليست هذه المرة الأولى التي تثار فيها ضجّة وردود فعل متفاوتة في إيران حول ظهور المهدي المنتظر، فقد كان الرئيس الإيراني محمد أحمدي نجاد اعتبر أن انتصاره في الانتخابات الرئاسية الماضية كان بقرار قدسي من المهدي المنتظر. وكان نجاد تحدث في تصريحات في العام 2009 عن سعي الولايات المتحدة إلى ضرب إيران، لأن quot;المهدي المنتظرquot; سيظهر فيها، هو quot;سفسطة سياسية تستغل الدين.. وعليه أن يقدم الوثائق على كلامهquot;.
وقال نجاد، خلال جولة له في مدن إيرانية، آنذاك: إن سبب هجوم أميركا العسكري على بعض دول المنطقة هو علمهم بأنه سيظهر رجل في هذه المنطقة ليقضي على جميع الظالمينquot;. وأضاف نجاد: ان الولايات المتحدة تعتقد أن المهدي سوف يظهر في الشرق الأوسط ويجفف منابع الظلم الموجود في العالم، وتابع نجاد: quot;يعلمون أن الأمة الإيرانية سوف تساعد على تهيئة الأمور لظهوره وستؤيد حكمهquot;، على حد زعمه.
وكانت وكالة quot;مهرquot; للأنباء شبه الرسمية نقلت عن نجاد وقتها خلال زيارة لمدينة أصفهان قوله: quot;إن السبب الذي دفعهم لشنّ هذا الهجوم، والذي لم يصرحوا به، هو علمهم بأنه سيأتي يوم يظهر فيه رجل من نسل آل الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) في هذه المنطقة، ويقضي على جميع الظالمين في العالم، والشعب الإيراني من بين أنصار هذا الرجل، وأن إيران لديها وثائق تثبت ذلكquot;، على حد تعبيره.
إلى ذلك، كانت الصحافية الإيرانية، نيوشا صارمي، على موقع quot;روز أونلاينquot; قبل أيام تقول: quot;بلغت الضجّة التي أثارتها هذه التصريحات درجة أرغمت الوزارة على إصدار بيان لتقديم إيضاحات حول هذه التصريحات، إلا أنها عمدت إلى التبرير الديني والعلمي بهذا الخصوص، حيث قيل إن عملية البث سوف تتم باستخدام تقنية حديثة تعد أكثر تطوراً من تقنية الألياف الضوئيةquot;.
تقنيات حديثة لنقل خطاب الإمام
وحسب وسائل الإعلام الإيرانية، قال اللواء نامي: quot;اليوم ومع تطور التقنية التي تتفوق على الألياف الضوئية، يمكن استخدام طبقات الغلاف الجوي لنقل المعلومات الصوتية والتصويرية، وسيتم إرسال صوت وصورة سيدنا الإمام المهدي للعالم أجمع عبر هذه الطبقات الجديدةquot;.
يذكر أن اللواء نامي كان يشغل منصب معاون الأركان المشتركة ورئيس الهيئة الجغرافية للقوات المسلحة قبل تعيينه وزيرًا للاتصالات وتقنية المعلومات، ويحمل شهادة quot;الإدارة الحكوميةquot; من جامعة quot;كيم إيل سونغquot; في كوريا الشماليةquot;.
من جهتها، كانت وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات الإيرانية، أصدرت يوم الأحد الماضي، بياناً أكدت فيه تصريحات الوزير، وقدمت إيضاحات حول إمكانية تحقيق وعد الوزير جاء فيه: quot;يتكون الغلاف الجوي من سبع طبقات، وهي التروبوسفير والثروموسفير والاستراتوسفير والأوزون والميزوسفير واليونوسفير والأجزوسفير، والتي أشار إليها القرآن بالسماوات السبعquot;.
وأضاف بيان وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات: quot;إن طبقة اليونوسفير فيها شحنة كهربائية جلبت انتباه المحققين، حيث يمكن استخدامها لنقل المعلومات الصوتية والتصويرية، وحتى نقل الطاقة الكهربائية من نقطة إلى نقطة أخرى على الكرة الأرضية أو إلى الفضاءات الخارجيةquot;.
وقال الوزير نامي quot;يقال إن سيدنا الإمام المهدي سيظهر بين الدرب والحجر في مكة المكرمة، وعندها سيسمع العالم بأسره صوته ويرون صورته، وقد يتم ذلك عبر طبقتي اليونوسفير والتروبوسفيرquot;.
وسبق أن أثار الوزير الإيراني نفسه ضجّة إعلامية واسعة النطاق إثر تصريحات أخرى بخصوص إطلاق quot;غوغل إرث الإسلاميquot; في بلد يتعمد في تقليل سرعة الإنترنت إلى أدنى مستويات، ويخضع 5 ملايين موقع للحجب، ومقاهي الإنترنت فيه مراقبة بشدة.
حكومة المهدي
يشار إلى أن تيارًا واسعًا في السلطة الإيرانية وخارجها، ولا سيما في فريق أحمدي نجاد، يؤمن بأن نظام الجمهورية الإسلامية يخطط ويمهّد الأرضية لظهور المهدي المنتظر.
وكان نجاد نفسه قال ذات مرة إن قائمة أعضاء حكومته موقعة من قبل المهدي المنتظر، وعندما نشبت خلافات بينه وبين المرشد الأعلى، توسل أيضًا المهدي المنتظر، الذي يعد الإمام الثاني عشر لدى الشيعة الإمامية.
وفي عام 2010 كشف النائب في البرلمان الإيراني، علي رضا زاكاني، على موقعه الإلكتروني quot;جهان نيوزquot;، وبعد خلافات ظهرت بينهما كشف عن مزاعم أعضاء حكومة الرئيس حول الارتباط والاتصال بالمهدي المنتظر.
وبما أن المرشد الأعلى للنظام، علي خامنئي من مواليد محافظة خراسان شمال شرق إيران، فقد لمحّت مواقع حكومية إيرانية مرارًا إلى أنه quot;شعيب بن صالحquot;، الذي سيقود جيش المهدي المنتظر الآتي من خراسان حسب الروايات الشيعية.
خامنئي هو شعيب بن صالح
وقامت أوساط حكومية بتوزيع مئات الآلاف من الأقراص الممغنطة تروّج أن المرشد هو quot;شعيب بن صالحquot;، ولكن إثر بعض الاحتجاجات في الوسط الديني على ذلك، تم تغيير اتجاه الإشارات والإيحاءات من علي خامنئي إلى أحمدي نجاد، على أنه هو quot;شعيب بن صالحquot;، حسبما ذكرته صحيفة quot;إيرانquot; الحكومية.
على الرغم من هذه المزاعم، يواجه الرئيس أحمدي نجاد، الذي كان يحظى حتى الأمس القريب بدعم قوي من قبل المرشد الأعلى للنظام، ضغوطاً كبيرة جداً من قبل المرشد والمؤسسة الدينية، نتيجة لإصراره على ترشيح نسيبه ورئيس مكتبه إسفنديار رحيم مشائي للانتخابات الرئاسية المقبلة.
وكان مشائي أطلق منذ أشهر شعارات quot;الإسلام الإيرانيquot;، وعبّر مرارًا عن دعمه للحريات الاجتماعية، التي يرى المحافظون المتشددون أن هذا الطرح يتعارض والشريعة.
يذكر أن رحيم مشائي اختار شعار quot;فليحيا الربيعquot;، ويقال إن الربيع هنا إشارة إلى المهدي المنتظر، وتقوم أوساط حكومية في فريق أحمدي نجاد ببثّ قصص حول اتصال مشائي بالمهدي المنتظر في الأوساط الشعبية، وخاصة في القرى والأرياف.
وسبق أن زعم رحيم مشائي، الذي قد يرفض مجلس صيانة الدستور، غداً الثلاثاء، أهليته لخوض الانتخابات الرئاسية، :quot;أن أهليتي عقدت في السماء، فأنا لست بحاجة إلى تأييدها من قبل مجلس صيانة الدستورquot;. وأضاف مشائي في الختام أن quot;البلاد تدار بطريقة من قبل الإمام المنتظر تجعل مجلس صيانة الدستور مرغمًا على تأييد أهليتيquot;.
التعليقات