أدلى رئيس الحكومة الأردني الأسبق معروف البخيت بتصريحات نارية كشف من خلالها أن حكومته الثانية نجحت بإحباط مخطط للإخوان المسلمين، كان يهدف إلى نقل تجربة ميدان التحرير المصري إلى الأردن، والوصول إلى سدة الحكم.
عمّان: في تصريحات غير مسبوقة لرئيس حكومة الأردن السابق، معروف البخيت رمى من خلالها بـquot;صخرة في مياة ساكنةquot; يحتمل أن تفجر صراعاً سياسياً على الساحة الأردنية ومن أبرز ضحاياها الأخوان المسلمون.
فالبخيت الذي ظل في صراع مكشوف وعلني خلال فترة رئاسته الحكومة، فجّر قنبلة في وجه الجماعة، حين قال إن حكومته الثانية التي تشكلت عام 2011 على وقع تظاهرات شعبية استلهمت انتفاضات العالم العربي، quot;نجحت في إحباط مخطط لجماعة quot;الإخوان المسلمينquot; كان هدفه استيراد تجربة ميدان التحرير المصري للوصول إلى سدة الحكمquot;.
ولم يصدر حتى الآن أي رد فعل على تصريحات البخيت من جانب الإخوان المسلمين.
وأكد البخيت للمرة الأولى في تصريحات لصحيفة (الحياة) اللندنية أن الجماعة quot;تلقت نصائح سابقة عبر تنظيم الإخوان الدولي، تقترح نقل فكرة ميدان التحرير إلى قلب العاصمة الأردنية لتحقيق أكبر قدر من المكاسبquot;.
وأوضح البخيت وهو عسكري سابق وسفير لدى تركيا وإسرائيل ومدير لمكتب الملك: quot;صدرت تعليمات واضحة باختيار موقع حساس يكون مجاوراً لمستودع بشري يعتقدون (الإخوان) أن لهم فيه وجوداً كثيفاً، على أن يحتوي مستشفيات ومراكز طبية، كما طُلب منهم تجهيز الطعام والشراب بغرض الإقامة الدائمةquot;.
وأضاف: quot;بعد صدور التعليمات، اختار الإخوان منطقة دوار الداخلية وسط عمان (ميدان جمال عبدالناصر) لاحتوائه على حوالى 7 مستشفيات خاصة، وباعتباره يمثل تقاطعاً حيوياً وسط تجمعات سكنية يستمدون منها قوتهمquot;.
رصد المعلومات
وتابع رئيس الحكومة السابق: laquo;كان لأجهزتنا دور مهم في رصد هذه المعلومات، واعتقد laquo;الإخوانraquo; أن بإمكانهم حشد تجمع بشري يقارب 300 ألف متظاهر، وبالتالي أن تعمّ الفوضى لدينا. لكن قرار الدولة كان صارماً وحاسماً بإنهاء مطامح الجماعة منذ اللحظة الأولى، وهو ما نجحنا في تحقيقه بالتفاف الكثير من الحراكات والقوى السياسيّة الوطنيّة والقوميّة واليساريّة، وحتى الإسلاميّة الوسطيّةraquo;.
ولفت البخيت إلى أن هذه الحادثة جاءت في وقت laquo;شُكلت لجنة للحوار الوطني، وبدأت اجتماعاتها بقصد التوافق على أولويات الإصلاح، وشملت الأطياف السياسيّة المختلفة، وبالذات المعارضة منها، فيما انفرد laquo;الإخوانraquo; برفض المشاركة، علماً أنهم كانوا ممثلين فيها عبر بعض القيادات النقابيّة المنتمية للجماعةraquo;.
ووفق البخيت، فإن جماعة laquo;الإخوان كانت تسعى إلى السلطة، خاصة بعد النجاحات التي تحققت لها في مصر وتونسquot;، وقال: quot;لم يكن الأمر غريباً عام 2006 على سبيل المثال عندما سيطرت حركة حماس على قطاع غزة صرح أحد قادة التنظيم، وهو النائب السابق عزام الهنيدي، أن الجماعة جاهزة لاستلام حكم الأردنquot;. وتابع: quot;تشاورت مع قادة quot;الإخوانquot; كثيراً، عرضت عليهم أن يكونوا قريبين، لكنهم قالوا لي بالحرف الواحد: مصلحتنا أن نبقى في الشارعquot;.
جزء من نسيج الدولة
وعن العلاقة الحالية بين الجماعة ومؤسسة القصر الملكي، قال البخيت: laquo;من المؤكد أن laquo;إخوانraquo; الأردن ما زالوا جزءاً من نسيج الدولة، رغم أنّ تياراً داخل الجماعة تولى قيادتها، وسعى إلى جرّها إلى ما يشبه الاستقواء عند فترات معينة. وشعروا في لحظة ما، بأنهم يستحقون مكاسب أكثر. الآن عليهم أن يعيدوا حساباتهم جيداً، وأن يكونوا جزءاً من الحوار. باختصار أن يعودوا كما كانوا سابقاًraquo;.
وقال البخيت، إن الأردن laquo;يهدف إلى تحقيق إصلاحات جذرية، لكنها متدرجة وآمنةraquo;، معتبراً أن التعديلات التي طرأت على الدستور المعمول به منذ عام 1952 laquo;قد لا تكون كافية من وجهة نظر البعض، لكنها تؤكد حرص الدولة على المضي نحو الأفضلraquo;.
وأردف: laquo;الخلاف الآن حول قانون الانتخاب، ومع ذلك كلّف البرلمان الحالي إعداد قانون يرضي معظم الأردنيين. يجب أن نتجاوز عقدة الصوت الواحد، وأن يتم اللجوء إلى توسيع الدوائر الانتخابيةraquo;.
الحكومات البرلمانية
ولم تتوقف تصريحات البخيت عند جماعة الاخوان المسلمين، بل انتقد نواب المجلس السابع عشر عدم قدرتهم على تشكيل كتل برلمانية قادرة على المشاركة في حكومة برلمانية.
وقال البخيت، إن الملك عبدالله الثاني laquo;ابتدع فكرة الحكومات البرلمانية لكنهم، أي النواب، لم يوفّقوا في تشكيل 3 إلى 4 كتل وازنة تحت القبة. صحيح أن قانون الانتخاب كان له دور سلبي، لكن الرهان كان كبيراً على النواب ليتفقوا في ما بينهمraquo;، لافتاً إلى أن خيار توزير المشرعين هذه الفترة laquo;غير واقعيraquo;، على اعتبار أن الكتل القائمة laquo;تواجه خطر التشرذمraquo;.
وقال: laquo;لو كانت هناك أحزاب كبيرة تحت القبة لكان الأمر مختلفاً. صحيح أن ثمة تشريعات تعيق عملها، لكن ذلك لا يحد كثيراً من تقدمهاraquo;. وزاد: laquo;كنت أول من دعا إلى تداول تأليف الوزارات سلميّاً وعلى أسس ديمقراطيّة عام 2006، وكنت في حينه رئيساً للوزراء في الحكومة الأولى التي ألفتها، وذلك قبل الربيع العربي، وهو ما يؤكد سعي الأردن إلى الإصلاح منذ سنواتraquo;.
وقال البخيت: laquo;لا تنجز الاصلاحات كافة في يوم وليلة. هناك فرق بين التوجه الإصلاحي وبين العملية الانقلابية المنظمة، وهي عملية مرفوضة بالمطلق. حاورت كل القوى أثناء حكومتي الثانية على قانون خاص بالانتخابات كنت أرى أنه يلبي تطلعات الأردنيين.
وتابع: حاورت laquo;الإخوانraquo; بهذا الخصوص وقلت لهم: ما رأيكم بقانون يكفل للمواطن انتخاب 3 مرشحين على مستوى الدائرة، ومرشح رابع على مستوى الوطن، لكنهم رفضوا، واليوم يشعرون بالندمraquo;.
الأردن والربيع العربي
وأكد البخيت أن الأردن laquo;تجاوز خطر الربيع العربي بإجراءاته الإصلاحيّة واقتراب القيادة من الناس، والتفاعل مع المطالب الديمقراطيّة الإصلاحيّةraquo;، منوّهاً بأن ذلك laquo;لا يعني نهاية المطاف، ولا يستدعي الركون للاسترخاءraquo;، وقال إن القلق laquo;سيبقى متواصلاً طالما يشكو الأردنيون تهميش العدالة، وارتفاع الأسعار، وعدم مكافحة الفسادraquo;.
وأضاف: laquo;حتى نحقق الإصلاح الذي ينشده الأردنيون، ويستجيب للخصوصيّة الأردنيّة ولحقيقة التحدّيات الداخليّة التي نواجهها، لا بد من تنمية المحافظات على غير النهج الحالي. يجب أن تحظى بمخصصات رأسمالية، وأن يتم التركيز على إيجاد فرص عمل بأسرع وقت. لا بد من أن تقدم الدولة أراضي للأسر لغايات الزراعة وتربية الماشية، وأن تضمن بيع منتجاتهم وتصديرها، وأن تعيد إحياء مبدأ التعاونيّات وفق منظور جديد حداثي ينسجم مع متطلبات العصرraquo;.
وأوضح: laquo;يجب أيضاً وضع حد لقضايا الفساد، ولا ينبغي تسييسها. على الدولة أن ترسل كل القضايا إلى المحاكم، وأن تعلن نتائجها للرأي العامraquo;.
وأردف البخيت: laquo;جزء من هذه القضايا كيدي وليس له أصل. أنا أحد الذين اتهموا بقضية قصد منها التشويش والتضليل وخلق انطباعات زائفة، وفي النهاية أثبتت المحكمة عدم وجود أي تهمة من الأساس. ثمة جهات لا أريد تسميتها، لكن المواطن الأردني ذكي ويعرفها جيداً، هدفها إحداث القلاقل في البلادraquo;.
وأضاف رئيس الحكومة السابق: laquo;يجب أن لا نغفل عن أن هناك أزمة ثقة بين المواطن والدولة بسبب المناخ الذي نعيشه، وهو مناخ أقرب إلى مرحلة انتقالية تعبّر عن أزمات اجتماعية وثقافية وقيمية... الشباب على سبيل المثل كانوا لا يستطيعون التعبير عن آرائهم. اليوم ومع ثورة الاتصالات، بدأوا بإخراج شحنات الغضب القديمةraquo;.
وتابع: laquo;لاحظوا حدة التعليقات على المواقع الاجتماعية، والشعارات التي ترفع خلال التظاهرات، كل ذلك له علاقة بحال الغضب لدى الشبابraquo;.
قوى عكسية
كما تناول البخيت في تصريحاته وجود سياسيين محافظين لهم سلطة كبيرة داخل المؤسسة الرسمية يتسببون بإجهاض خطط الإصلاح، وقال: laquo;ثمة قوى شد عكسي تسعى إلى مقاومة التغيير لأنها تخشى النتائج المحتملةraquo;.
وعن اتهام جهاز الاستخبارات العامة بالوقوف وراء أحداث العنف الجامعي عبر تدخله المستمر في السياسات التعليمية، قال البخيت: laquo;لا، أبداً، غير صحيح. خرجت مكاتب الاستخبارات من الجامعات منذ فترة طويلة. لم يعد لها أي دور كما كان سابقاً، بمعنى أن ليس لها مكاتب داخل المؤسسات التعليميةraquo;. واستطرد: laquo;المؤكد أن جهاز الاستخبارات يتعرض لاستهداف متواصل. ثمة جهات هدفها تفكيك مؤسسات الدولةraquo;، معتبراً أن هناك laquo;رواسبraquo; تقف وراء هذا العنف، منها laquo;تأخر التعليم العالي داخل الجامعاتraquo;.
وفي الأخير، تحدث البخيت عن الوضع السوري، فقال إن الأردن laquo;يخشى خطر الخلايا النائمة من أي جهة كانت، كما يخشى تقسيم الأرض السورية، أو استدامة الفوضى وفقدان السيطرة، وانعكاس ذلك عليهraquo;. وأضاف: laquo;المهم لدى المملكة أن تبقى الدولة السورية موحدة، وأن تتوقف أعمال العنف فوراً، وأن ينجح المجتمع الدولي في إيجاد حل سياسي لإنهاء الأزمةraquo;.
التعليقات