لا تزال قضية خالد سعيد، تلقي بظلالها على المجتمع المصري، بل أن قرار الإفراج عن المتهمين بقتله، فجر الغضب في صفوف شباب الثورة، وسط دعوات إلى وقفات صامتة بالملابس السوداء أمام منزله.
القاهرة:أثار الإفراج عن المتهمين بقتل خالد سعيد، المعروف بـquot;أيقونة الثورة المصريةquot;، الكثير من الغضب في أوساط شباب الثورة، لاسيما أن الجلسة التي قررت فيها المحكمة الإفراج عن المتهمين، شهدت اعتداء أقارب وأعوان المتهمين على والدة وشقيقة سعيد. وضاعف القرار آلام المصريين، خاصة أن الغالبية العظمى من المتهمين في قضايا قتل المتظاهرين، حصلوا على البراءة النهائية أو حصلوا على أحكام بإخلاء سبيلهم.
يأتي قرار الإفراج عن الشرطيين المتهمين بتعذيب خالد سعيد حتى الموت، قبل خمسة أيام من الذكرى الثالثة لرحيله، في 6 يونيو/ حزيران من العام 2010. ودعت صفحة quot;كلنا خالد سعيدquot;، إلى وقفات صامتة بالملابس السوداء، واستمرار الثورة، حتى يتم القصاص من قتلة الضحايا.
إعتداء على والدة خالد سعيد
قررت محكمة جنايات الإسكندرية، الإفراج عن الشرطيين المتهمين بقتل أيقونة الثورة المصرية خالد سعيد، بسبب إنقضاء مدة الحبس الاحتياطي، وهو السبب نفسه الذي حصل بموجبه الرئيس السابق حسني مبارك على قرار إخلاء سبيله في قضية قتل المتظاهرين. جاء ذلك في أولى جلسات إعادة محاكمة الشرطيين، كما قررت المحكمة تأجيل نظر القضية إلى جلسة يوم 6 يوليو/ تموز، المقبل، وتعرضت والدة خالد سعيد، ليلى المرزوقي، وشقيقته زهرة سعيد، لمحاولات الإعتداء عليهما من قبل بعض البلطجية وأقارب المتهمين، أثناء نظر القضية، ما أثار غضب النشطاء.
ليلى المرزوقي، والدة خالد سعيد، شعرت بمرارة وحسرة وفاة نجلها، عندما صدر قرار الإفراج عن الشرطيين قاتلي نجلها. وقالت المرزوقي لـquot;إيلافquot; إنها شعرت بالكثير من الحزن على ابنها خالد وجميع الشباب الذين فقدوا حياتهم أثناء الثورة، مشيرة إلى أنها تشعر أن دماءَهم قد أهدرت.
وأضافت أنها تعرضت لمحاولات للاعتداء عليها هي وأبنتها زهرة داخل قاعة المحاكمة، منوهة بأن الشرطة وشباب الثورة هم من أنقذوهما من أيدي من وصفتهم بـquot;البلطجيةquot;، الذين كان بعضهم يحمل سكاكين في يديه.
النار لم تبرد
مصدر حزن أم خالد سعيد، يرجع إلى أن جميع ضحايا الثورة لم يتم القصاص لهم، مشيرة إلى أن الرئيس محمد مرسي وعد أسرهم بالقصاص لهم، عبر تقديم أدلة جديدة، لكنه لم يفعل، ودعت إلى استمرار الثورة، حتى يتم القصاص للضحايا، ومنهم نجلها خالد، وقالت: quot;لن تجف دموعي، ولن تبرد النار في قلبي حتى يتم إعدام من قتلوا خالد، ومن قتلوا جميع الشهداء في الثورةquot;، مؤكدة أن ذلك لن يتم إلا من خلال قوانين ومحاكم ثورية.
الثورة مستمرة حتى القصاص
أثار القرار غضب شباب الثورة، ورددوا هتافات عقب صدور القرار، منها: quot;يا أم خالد ما تبكيش..اللي قتل خالد مش هيعيشquot;، quot;المحاكمة كوسة .. ليه القتلة مش محبوسةquot;، quot;خالد خالد يا شهيد.. أنت شاهد و شهيدquot;، quot;كلنا خالد سعيدquot;، quot;أجل يوم اجل مية مش راح ننسى القضيةquot;، الشعب يريد تطهير القضاءquot;، وquot;الشعب يريد إعدام قتلة خالد سعيدquot;.
محمد مجدي، أحد شباب ثورة الخامس والعشرين من يناير، فقد العين اليمني يوم جمعة الغضب، فإن عدم القصاص لخالد سعيد، بل والإفراج عن قاتليه، يؤكد الحاجة لإستمرار الثورة، وأنها لم تحقق أول أهدافها. وأضاف مجدي لـquot;إيلافquot;، أن حصول جميع المتهمين على البراءة في قضايا قتل المتظاهرين، يؤكد أن هناك حاجة للقيام بأمرين، الأول إنشاء محاكمة ثورية، والثاني تطهير القضاء والشرطة، لافتاً إلى أن محامي المتهمين بقتل خالد سعيد، طالب القاضي بالإفراج عنهما أسوة بالإفراج عن الرئيس السابق حسني مبارك في القضية ذاتها، والإتهامات نفسها التي يواجهها مبارك، هي الإتهامات التي حصل فيها غالبية المتهمين من ضباط وأفراد الشرطة على البراءة فيها، متوقعاً حصول مبارك وقتلة خالد سعيد على البراءة أيضاً في نهاية المحاكمة الثانية.
تراخي القضاء
وحسب وجهة نظر، المحامي عصام سلطان نائب رئيس حزب الوسط، فإن هناك تراخي من القضاء في قضايا الثورة، لإستهلاك الوقت، ومن ثم حصول المتهمين على البراءة، وأضاف في تصريحات له: quot;جميع القضايا المرتبطة أو المتعلقة بالثورة - بلا استثناء واحد - سواء قتل الشهداء أو نهب وسلب الأموال والأراضي والثروات، وبدءًا من قضية خالد سعيد مفجر روح الثورة، ونهاية بقضايا مبارك، كانت سمة وعلامة المحاكم هو التراخي لاستهلاك الوقت المحدد للحبس الاحتياطي، أو إصدار أحكام تم نقضها (جميع الأحكام تم نقضها إلا قضية موقعة الجمل رفض النقض وتأيّدت البراءة للجميع) أمام محكمة النقض من أول جلسة، ثم إعادة استهلاك ما تبقى من مدة للحبس الاحتياطي ثم إخلاء سبيل المتهمين المجرمين ثم اعتداء بأقذع الشتائم وبالعصا والشوم على أهالي المجني عليهم كما حدث مع أخت ووالدة خالد سعيد بمحكمة جنايات الاسكندرية .. وكله بالقانون .. ومن يعترض فإنه يهين السلطة القضائية، بما يستوجب ضبطه وإحضاره و التحقيق معهquot;.
دماء خالد في رقبة القضاء ومرسي
وأضاف سلطان في تصريح له عبر صفحته على فايسبوك: quot;مسؤولية القصاص لدماء خالد في رقبة القضاء، قولاً واحدًا، فإن لم يوفِ بها، كان على رئيس الجمهورية - لا أن يصدر قرارات سيصفها البعض بالاعتداء على السلطة القضائية - بل أن يلجأ للشعب في استفتاء عام وفقًا لنص المادة ١٥٠ من الدستور، للنظر في أمر هيئاتنا القضائية الموقرة، التي برّأت المتهمين بقتل الشهداء، قبل وأثناء وبعد ٢٥ يناير ٢٠١١ ، وحاكمت الثوار، وتركت أهالي الشهداء يُعتدى عليهمquot;، واعتبر سلطان أن quot;السكوت على الاعتداء على أم وأخت خالد سعيد بالاسكندرية هو طعن في رجولة كل مصري، من أول رئيس الجمهورية وحتى آخر معارض لهquot;.
إحياء الذكرى الثالثة بالملابس السوداء
صفحة quot;كلنا خالد سعيدquot;، التي انطلقت على موقع فايسبوك، عقب تعرضه للقتل على أيدي الشرطة، والتي ساهمت بدور واضح في الدعوة للثورة والتحضير لها، انتقدت قرار الإفراج عن قتلة خالد سعيد، والإعتداء على والدته وشقيقته، ودعت إلى إحياء ذكراه على الكورنيش بالإسكندرية أمام منزله، عبر وقفات صامتة بالملابس السوداء، وهي الطريقة نفسها التي إستخدمها النشطاء في الإحتجاج، عقب مقتله مباشرة، ولمدة سبعة أشهر، حتى إندلاع الثورة في 25 يناير، 2011.
ودعت الصفحة المصريين إلى المشاركة في الوقفات الصامتة، وقالت: quot;سواء كنت شاركت معانا قبل كده في وقفاتنا الصامتة أو ما شاركتش، هتنزل معانا لابس أسود، بتطالب بمحاكمات عادلة لقتلة الشهيد خالد سعيد وقتلة شهداء ثورتنا، وهتطالب معانا بالقصاص لحق الشهداء والمصابين، وهتطالب بحق الشعب أنه يعيش في: كرامة وحرية وعدالة اجتماعيةquot;.
كما دعت الى رفع صور ضحايا الثورة، وقالت: quot;هنرفع في إيدينا صورة لكل شهيد، نقرأ عن حياته وإزاي استشهد، علشان نفتكر شهداءنا اللي ضحّوا بأرواحهم علشان نعيش في بلد بتحترم حقوق الإنسان، هنفتكر الشهداء اللي نوروا لنا طريقنا وكسروا جدران الخوف والصمت والذل والإهانة، هنفكر الناس بيهم، هنفكرهم بأحلامهم وبحياتهم وإزاي استشهدواquot;.
إنتهاكات ووعود مرسي
وسردت الصفحة تفاصيل مقتل خالد سعيد، وما أعقبه من وقفات إحتجاجية صامتة، ثم الدعوة للمظاهرات والثورة، مروراً بإسقاط حكم مبارك، ثم فترة حكم المجلس العسكري، وإنتهاء بالإنتخابات الرئاسية، وتولي الرئيس محمد مرسي، مقاليد الأمور، واتهمته بمخالفة وعوده، وإستمرار إنتهاكات عهد مبارك، وقالت: quot;انتهاكات متكررة وتسلط وإخلاف وعود قالها للشعب قبلأن يتم انتخابه رئيسًا، وشهداء جدد وتعذيب مستمر وانتهاكات لم تنتهِ وثورة لن تنتهي حتى تنتصرquot;.
التعليقات