يوسّع الجيش انتشاره في طرابلس، وهو يحذر اللبنانيين من الوقوع في فخ استدراجهم عبر التضليل إلى حرب عبثية جديدة، بينما يتوعّد عميد في الجيش الحر بإغراق لبنان في دم، قد لا ينجو منه الجيش، إن لزم جانب حزب الله.


بيروت: الوضع اللبناني هشّ بالأصل، وهو واقع تحت التأثير المباشر للحرب الأهلية المستعرة في سوريا، إذ انقسم اللبنانيون، كما السوريين، بين مؤيّد للثورة، وآخر مؤيد للنظام. وتواترت أنباء كثيرة في الأيام الماضية، خصوصًا أثناء احتدام معركة القصير وبعدها، تتحدث عن وقوع البلاء في لبنان عاجلًا.

اليوم، أصدرت قيادة الجيش اللبناني بيانًا، قالت فيه إنها سعت، في الأشهر الأخيرة، إلى العمل بقوة وحزم وتروٍّ، لمنع تحوّل لبنان ساحة للصراعات الإقليمية، وانتقال الأحداث السورية إليه، quot;لكن الأيام الأخيرة حملت إصرارًا من جانب بعض الفئات على توتير الأوضاع الأمنية، وخلق الحساسيات بين أبناء الشعب الواحد، على خلفية الانقسام السياسي الحاصل في شأن التطورات العسكرية في سورياquot;.

شديد اللهجة
أضاف بيان الجيش اللبناني أن قيادته بدأت سلسلة تدابير أمنية حاسمة في طرابلس وصيدا وبيروت والبقاع وجبل لبنان، وستكون عملياتها رادعة ومتشددة، quot;فالجيش مزمع على تنفيذ خطته الأمنية في طرابلس مهما كلف ذلك، ليس على محوري باب التبانة وجبل محسن فقط، إنما أيضًا في كل بقعة يراد لها أن تكون محور قتال بين أبناء المدينة الواحدة، وهو تدخل في صيدا بقوة أيضًا لمنع استثمار تطورات سوريا، وفي بعض أحياء جبل لبنان، حيث أطلق مسلحون النار ابتهاجًا، وهو مستمر في ملاحقة الفاعلين، الذين ارتكبوا جريمة اغتيال عسكرييه في عرسالquot;.

وتابع البيان بالشدة نفسها: quot;إن قيادة الجيش بقدر ما ستكون حازمة في تدابيرها الأمنية، تدعو المواطنين إلى التنبّه لما يحاك من مخططات لإعادة لبنان إلى الوراء واستدراجه إلى حرب عبثية، وإلى الحذر من الشائعات الكاذبة والتضليل، الذي تمارسه بعض الجهات السياسية والدينية، كما تدعوهم إلى أن يكون تعبيرهم عن آرائهم السياسية، سواء بالنسبة إلى مجريات الأحداث في لبنان أو سوريا، بالوسائل السلمية الديموقراطية، والتي لا تستفز أحدًا، وإلى عدم الانجرار وراء مجموعات تريد استخدام العنف وسيلة لتحقيق أهدافها، والتجاوب مع تدابير الجيش لما فيه مصلحتهم ومصلحة لبنان، فاستعمال السلاح سيقابل بالسلاح، ولن ندّخر جهدًا لتجنيب الأبرياء ثمن غايات سياسية وفئوية تريد خراب لبنانquot;.

انتشار واسع
وكانت وحدات الجيش اللبناني واصلت أمس توسيع انتشارها في أحياء جبل محسن وباب التبانة والمناطق المحيطة بهما في طرابلس. ونفّذت سلسلة عمليات دهم بحثًا عن المسلحين ومخابئ الأسلحة، فضبطت في محلة سوق القمح مخزنًا يحتوي على عبوات ناسفة ومدافع هاون محلية الصنع، وبنادق حربية وذخائر عائدة إليها، وأعتدة عسكرية متنوعة، تعود بما فيها إلى زياد علوكي، أحد قادة المحاور في المدينة. كما استمرت قوى الجيش في مطاردة المسلحين، الذين انتشروا في أحياء المدينة، وحذرتهم بأنها لن تتهاون في التصدي المباشر للعابثين بالأمن وللمظاهر المسلحة، إلى أي جهة انتمت.

أما اليوم الجمعة، فنشر الجيش وحداته في باب التبانة السنية، بعد يومين من انتشاره في منطقة جبل محسن العلوية. وعملية الانتشار هذه، بحسب مصدر أمني لبناني، تهدف إلى ضبط الأمن بشكل نهائي، بعد سقوط عشرات القتلى والجرحي خلال ثلاثة أسابيع من القتال بين موالين للنظام السوري ومعارضين له.

كما أقام الجيش حواجز ثابتة في أنحاء مختلفة من طرابلس، بعد اشتباكات متقطعة ومتنقلة في بعض أحيائها القديمة، خلال الليلة الماضية، بين جماعات سنية مؤيدة وأخرى معارضة لحزب الله، أسفرت عن مقتل أربعة أشخاص.

لبنان المسلخ
عزز بيان الجيش الطمانينة بين المواطنين، من كل الانتماءات، إذ يتخوّفون من مرحلة ما بعد دخول حزب الله والجيش السوري النظامي إلى القصير. وهذه المرحلة قاتمة، من أي جهة نظرت إليها. فقد نقلت جريد السياسة الكويتية كلامًا مروعًا، أطلقه عميد في الجيش السوري الحرمن ريف القصير، متوعّدًا حزب الله ولبنان. إذ قال: quot;إننا قد نكون فقدنا أي رحمة من قلوبنا، بعدما شاهدناه من عصابات أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله الشيعية من مجازر وانعدام أي حسّ بشري إنساني في صفوفها، عندما تتعامل مع المدنيين العزّل بالساطور والسيف والخنجر ومناشير الخشب المحمولة، فتقتل الطفل والمرأة والولد والشاب والشيخ من دون أي رحمة أو رأفةquot;.

أضاف: quot;نخشى ما نخشاه ألا نتمكن مستقبلًا من كبح جماح مقاتلينا في الانتقام لأهلهم في القصير وحلب ودرعا وريف دمشق ودير الزور، من آلاف مقاتلي حسن نصرالله في بعلبك والهرمل والقرى الخمس عشرة المتداخلة مع الأراضي السورية، وفي شمسطار وسرعين ويحفوفا وعلي النهري وصولًا إلى شمال الليطاني، بحيث يتحوّل لبنان إلى مسلخ حقيقي، قد يغرق في نهر دمائه الجيش اللبناني نفسه، إذا انحاز إلى حزب الله، وحارب إلى جانبهquot;.

وفي هذا الكلام تهديد صريح، هو الأول، يوجّه إلى الجيش اللبناني، أي للدولة اللبنانية، على خلفية وقوف حزب الله إلى جانب الأسد وقتاله في صفوف جيشه.

وكان العميد نفسه قال إن خسارة معركة القصير بسبب تفاوت القوى المتقاتلة لا تعني خسارة الحرب، quot;فكسب سوريا وإيران مجتمعتين مع روسيا هذه المعركة، بالطائرات وصواريخ سكود وغراد وزلزال والدبابات وراجمات الصواريخ والبراميل المتفجرة والقنابل الفراغية، لا تعني الكثير، إذ لا أمل لنظام الأسد في استعادة شبر واحد مما خسره في المحافظات السورية كافةًquot;.