تكشف مدونة لندسي ميلز، صديقة إدوارد سنودن، الذي سرّب معلومات سرية أميركية، أنه كان رجلًا غامضًا، وخطط لما فعله من دون أن يفشي لصديقته بأسراره، بل تركها ضائعة في هاواي، حيث كانا يعيشان.


يبدو أن الخبير السابق في وكالة المخابرات المركزية إدوارد سنودن، الذي سرّب معلومات سرّية هزّت الحكومة الأميركية، شخصية غامضة في أكثر من جانب.

فقد اتضح أن سنودن (29 عامًا) كان يعيش مع راقصة استخدمت مدوّنتها لكشف تفاصيل عن حياتهما معًا في هاواي. وصوّرت الراقصة ذات الشعر الأحمر لندسي ميلز نفسها عارية إلا من الملابس الداخلية، ثم نشرت صورتها مع وصف لشعورها بالصدمة والحزن العميق بسبب فرار شريكها.

وكتبت ميلز (28 عامًا): quot;إن عالمي انفتح وانغلق على حين غرّة، ليتركني ضائعة في عرض البحر بلا بوصلةquot;. وأضافت: quot;إذ أكتب هذه الكلمات على لوحة مفاتيحي المبللة بالدموع، أُفكر في كل الوجوه التي عطَّرت طريقي، لكن الحياة أحيانًا لا تسمح بالوداعquot;.

الرجل الغامض
لا يظهر اسم سنودن، الذي شوهد آخر مرة في هونغ كونغ قبل أن يختفي عن الأنظار، إلا بين حين وآخر، في عشرات المدونات التي تشير فيها إليه بحرف E وتسميه quot;رجلي الغامضquot;.

ولا يُعرف مكان ميلز أيضًا، فلا أثر لها في المنزل الذي استأجرته مع سنودن في هاواي، على بعد كيلومترات من بيرل هاربر. ويُعتقد أنهما انتقلا في الأول من أيار (مايو) الماضي، بعدما أخبرها سنودن أنه سيغيب بضعة أسابيع، لكنه لم يفصح عن أسباب غيابه بلغة مفهومة. وكان في الواقع يخطط للتوجّه إلى هونغ كونغ، التي زارها سابقًا مع صديقته، ليكشف من هناك أسرار الحكومة التي عمل سابقًا في أجهزتها السرية.

وفي 7 حزيران (يونيو)، حين بدأت التسريبات تتوالى قبل أن تُكشف هوية سنودن بوصفه مصدرها، قالت ميلز إنها امرأة مريضة ومنهكة وتحمل ثقل العالم على كتفيها.

وتروي مدونة ميلز، بعنوان quot;مغامرات بطلة تجوب العالم وترقص حول العمودquot;، تفاصيل اهتمامها بالرقص الهوائي والبهلواني مع عشرات الصور الذاتية. ويبدو أن المدونة أُغلقت، ولم يعد بالإمكان الدخول عليها منذ مساء الثلاثاء. وتظهر ميلز مع سنودن في إحدى الصور يضحكان تحت شلال. وفي صورة أخرى، تقف بملابسها الداخلية فوق صديق مكبّل اليدين يركع خانعًا تحت قدميها، فيما تطعمه قطعة بسكويت.

طردته شركته
لا تشير صديقة سنودن الراقصة إلى موضوعات سياسية في مدونتها، لكنها نشرت ذات مرة صورة امرأة ترتدي قناعًا من النوع الذي أصبح رمزًا شائعًا بين المناهضين لسياسات الحكومة الأميركية. وكتبت تحت الصورة: quot;كل ما يريدونه هو نفوسناquot;.

ولا يُعتقد أن ميلز كانت على علم بمخططات صديقها للفرار إلى هونغ كونغ، ومن هناك كشف برامج التجسس التي تنفذها الحكومة الأميركية لمراقبة ملايين المواطنين والأجانب بجمع بيانات عن اتصالاتهم على الهاتف والانترنت. وقال سنودن لصحيفة غارديان: quot;إن الشيء الوحيد الذي أخافه هو الآثار الضارة على عائلتي، التي لن أتمكن من مساعدتها بعد الآنquot;.

وقال سنودن إنه كان يعيش في هاواي بنحو 200 ألف دولار سنويًا، هي راتبه من شركة بوز ألن هاملتون، التي تربطها علاقات وثيقة بالحكومة الأميركية ومقاولات البنتاغون. وأعلنت الشركة عن طرده رسميًا يوم الثلاثاء، طاعنة في صحة الرقم الذي أعطاه عن راتبه. وقالت الشركة إن راتبه كان في حدود 122 ألف دولار، وأكدت مصادر أن سنودن لم يكن يتقاضى أي مكافآت إضافية أو مخصصات سكن.

اهتمامات مشتركة
كان سنودن وميلز التقيا في ولاية ماريلاند، وقال أصدقاء إن علاقتهما تعود إلى 10 سنوات، حين كانت ميلز طالبة في كلية الفنون. ونقلت صحيفة ديلي تلغراف عن امرأة كانت جارة ميلز إنها كانت تصبغ شعرها باللون الوردي يومًا، وبلون آخر في اليوم التالي.

انتقلت ميلز إلى اليابان مع سنودن حين عُيّن هناك في العام 2009، وربما رافقته إلى سويسرا، حيث خدم عميلًا لوكالة المخابرات المركزية تحت غطاء دبلوماسي. وكتبت ميلز أنها انتقلت إلى هاواي في العام 2012، لمواصلة علاقتها مع سنودن بعد انتقاله إلى العمل في شركة بوز ألن هاملتون. وقالت: quot;إنها كانت رفقة مثيرة عاطفيًا منذ اللحظة التي نزلتُ فيها من الطائرةquot;.

ويبدو أن ميلز لاقت صعوبة في إقناع سنودن بالانخراط في مغامراتها. وكتبت في أيلول (سبتمبر) الماضي أنها تمكنت أخيرًا من تقديمه إلى صديقاتها اللواتي كنَّ يشكّكن بوجوده. وعلى الرغم من التناقض بين نمط حياتهما، حيث كان سنودن رجلًا يحب العيش في الظل، بعيدًا عن الأضواء، وهي امرأة تحب حياة اللهو الصاخب تحت أضواء كاشفة، فإن لديهما اهتمامات مشتركة. وكتبت ميلز أنهما كانا يتناقشان في الفلسفة، ويلعبان الشطرنج حتى ساعة متأخرة من الليل.