ثلاثة مليارات دولار يبلغ حجم الانفاق القطري في سوريا، والذي تضعه قطر في خانة الاستثمار طويل الأمد، بينما ترى الولايات المتحدة أنّه يغذي الجماعات المتطرفة، ما استدعى رفع يد هذه الدولة الصغيرة ذات الشهية الكبيرة عن الملف السوري.


بيروت: لا يخفى على أحد التدخل القطري في الأحداث الجارية في سوريا، خصوصًا أن المعارضة السورية لا تنفي أن بعضًا منها ينفذ الأجندة القطرية. ووصل الأمر ببعض مجموعات الجيش الحر إلى رفع الشكوى، لأنها تخسر الرجال لصالح مجموعات جهادية إسلامية متشددة، لأنها حسنة التمويل والتسليح، بفضل ما يأتيها من قطر.
دعم مثير للجدل
في صحيفة فايننشال تايمز، تحليل يتصدرها، تحت عنوان: quot;قطر أنفقت مليارات الدولارات في العامين الماضيين لتمويل الانتفاضة السوريةquot;، تورد فيه أن قطر انفقت نحو ثلاثة مليارات دولار في العامين الماضيين لدعم الانتفاضة في سوريا، ما يفوق ما قدمته أي حكومة أخرى.
وبحسب فايننشال تايمز، يطغى الدعم القطري للثورة في سوريا، والتي تحولت إلى حرب أهلية طاحنة، على الدعم الغربي، لكنه لا يمثل إلا جزءًا ضئيلًا للغاية من الاستثمارات الدولية لقطر، واضعة الدعم هذا في سياق استثمار قطر لأموالها في الحرب السورية، ليكون لها الموقع المؤثر في أي حل مستقبلي، طالما أن تمويلها يذهب إلى جماعات إسلامية متشددة، تملك جانبًا واسعًا من الميدان السوري.
وفي عشرات المقابلات التي اجرتها الصحيفة مع القيادات المقاتلة في الداخل السوري، ومع السياسيين المعارضين في الخارج، ومع كبار المسؤولين الإقليميين والغربيين، أكد الجميع أن تنامي الدور القطري في الأزمة السورية صار أمرًا مثيرًا للجدل.
المانح الأكبر
تقول فايننشال تايمز إن قطر، الدولة الصغيرة ذات الشهية الكبيرة، هي أكبر مانح للمساعدات إلى المعارضة السياسية السورية، إذ تسخى في تقديماتها للمنشقين، والتي تبلغ وفقًا لبعض التقديرات خمسين ألف دولار في العام لكل منشق وأسرته. ولهذا، يقول مقربون من الحكومة القطرية إن إجمالي الانفاق على الازمة السورية بلغ ثلاثة مليارات دولار، بينما تؤكد مصادر في المعارضة المسلحة ومصادر دبلوماسية غربية أن قيمة المساعدات القطرية بلغت نحو مليار دولار.
وتنقل الصحيفة عن معهد ابحاث السلام في ستوكهولم، الذي يتابع امداد السلاح إلى المعارضة السورية، قوله إن قطر هي أكبر مصدر لإرسال السلاح إلى سوريا، وقد مولت أكثر من 70 شحنة جوية للسلاح إلى تركيا منذ نيسان (أبريل) 2012 حتى آذار (مارس) الماضي.
ولأن هذا الدعم يذهب إلى مجموعات إسلامية متشددة، فقد وضعها في مواجهة الدول الخليجية الأخرى، التي تحملها مسؤولية أي خطر يتهددها، بفعل تداعيات الأزمة السورية.
ويرجع التدخل القطري إلى النفعية والمصلحة، لكن الصحيفة تراها عالقة في الاستقطاب السياسي في المنطقة، ما يعرضها لانتقادات حادة.
أميركا مستاءة
وتنامي الدور القطري لم يرقَ أبدًا للولايات المتحدة، على الرغم من أن قطر تحاول الادعاء بأنها تسخر الجماعات الاسلامية المتشددة للإرادة الأميركية. فالرئيس الأميركي باراك أوباما وجه أكثر من رسالة لأمير قطر، حذره فيها من دعم جماعات دينية مسلحة سورية تابعة لتنظيم القاعدة. واشار في إحداها إلى امتلاك إداراته معلومات متوفرة تؤكد أن قطر وتركيا تدعمان جبهة النصرة وجماعات سلفية متطرفة، داعيًا الأمير القطري إلى حصر الدعم المسلح الذي يقدمه داخل سوريا في الجيش الحر دون سواه.
وفي لقاء أوباما الأخير بأمير قطر، قالت مصادر مطلعة إنه طلب من وزير خارجيته جون كيري إطلاع ضيوفه القطريين على معلومات أميركية دقيقة تتناول تحريض قطر المستمر على اللواء سليم إدريس، قائد الجيش الحر، ومقاطعته وعدم تسليم أية أسلحة له، وتوجيهها إلى جماعات إرهابية مثل النصرة وغيرها. وقد فوجئ الوفد القطري بالمعلومات التي عرضها كيري، خصوصًا عندما عرض أدلة على تمويل قطري لجبهة تحرير سوريا والجبهة الاسلامية لتحرير سوريا، اللتين تعتبرهما الولايات المتحدة منظمتين إرهابيتين.