بعد مرور عام على توليه السلطة، يجد الرئيس المصري محمد مرسي نفسه محاصراً بالمعارضين، خاصة بعد أن خرجت الجماهير الغاضبة لمنع المحافظين الجدد من دخول مكاتبهم. ووقّع الملايين على استمارات حملة quot;تمردquot; لسحب الثقة منه، داعين لتظاهرات حاشدة فى 30 حزيران (يونيو) للمطالبة بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.


بيروت: يواجه محمد مرسي الرئيس المصري المنتخب الأول بعد خلع حسني مبارك حالة سخط واسعة من المجتمع والحملات الشعبية، الأمر الذي يحد من قدرته على الاستحواذ على السلطة ومعالجة مشاكل البلاد.

ضعف الحكومة
ويعتبر المراقبون أن الحكومة المصرية عالقة في دوامة، فضعفها يمنعها من اتخاذ إجراءات حاسمة، وذلك بدوره يزيد الوضع سوءاً ويؤدي إلى مزيد من السخط.
في هذا السياق، نقلت صحيفة الـ quot;نيويورك تايمزquot; عن عماد شاهين، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في القاهرة، قوله quot;لو كنت حاكماً لقلقت بشأن هذه الأوضاع، فالشارع خارج عن السيطرةquot;.
وعلى الرغم من أن مرسي تولّى الحكم في دولة تواجه صعوبات بالغة وحالة من الانهيار بعد عقود من الحكم المتسلط للرئيس السابق محمد حسني مبارك، اعتمد خلاله نهج تهميش الشعب، إلا ان أحوال مصر ازدادت سوءًاً خلال هذا العام.
مع بداية فصل الصيف، واقتراب شهر رمضان، وفي ظل انقطاع الكهرباء ونقص الوقود وارتفاع أسعار الغذاء، تحولت الأزمة إلى مسألة شخصية تماماً بالنسبة إلى العديد من المواطنين.
هذا المشهد المعقد، جعل مرسي وحيداً من دون أنصار، باستثناء جماعته الذين انشق الكثير منهم، حتى أن شيخ الأزهر أفتى بجواز التظاهر السلمي ضد الرؤساء، فيما انتقد رئيس الكنيسة المصرية البابا تواضروس الثاني أداء مرسي خلال العام الماضي.
وتزداد الأمور سوءاً مع التوقعات باندلاع موجة احتجاجات جديدة في البلاد، خاصة وأن معارضة الرئيس اليائسة وغير المنظمة تدعو إلى تظاهرات حاشدة فى 30 حزيران (يونيو) قد تشعل موجة جديدة من الاضطرابات.
لكنّ مرسي وحلفاءه يعتقدون أنهم يملكون شرعية انتخابية، وأن المعارضة هي من نأت بنفسها عن المشاركة، ولم تترك لهم خياراً سوى الاعتماد على الإخوان المسلمين.
ويقول أحد مساعدي مرسي للـ quot;نيويورك تايمزquot; أن مطالب المعارضة بانتخابات رئاسية جديدة غير منطقية quot;فعندما كانت نسبة التأييد للرئيس الأميركي جورج بوش 22%، لم يتحدث الأميركيون عن انتخابات مبكرةquot;.
من جهة أخرى، تتدهور الحالة الاقتصادية منذ الثورة إذ إن الاضطرابات تنفر المستثمرين والسائحين، كما أن احتياطي العملة الأجنبية أصبح نصف ما كان عليه في عهد الرئيس مبارك، وتراجع الجنيه المصري بنسبة 10% منذ العام الماضي.

فقدان الثقة
ويعتقد المحللون أن ضعف الدولة وعدم قدرة حكومة مرسي على معالجة قضايا الشعب الملحة، تجعل المعارضة أكثر قوة، هذا إلى جانب فشلها في الحصول على قرض من بنك النقد الدولي لعدة أشهر، نظراً لارتباطه بإجراءات تقشفية قاسية مثل خفض الدعم.
ويقول راجي أسعد، الاقتصادي في جامعة مينسوتا المتخصص في الشؤون المصرية، إن quot;مثل هذه الصفقات ممكنة في حال وجود حكومة قوية وذات مصداقية بحيث إنها عندما تقول للناس إنها سوف تعوضهم، سيثقون فى أن وعودها ستتحققquot;.
لكن هذه الثقة غير موجودة، فالأزمة في مصر هي أزمة مصداقية، وهذا هو الهدف الذي يحاول الرئيس مرسي تحقيقه في وجه المتظاهرين الذين يتحدون سلطته، والذين من المقرر أن يخرجوا في تظاهرات حاشدة نهاية الشهر مطالبين بسحب الثقة منه. ويواجه مرسي عراقيل كثيرة، كان آخرها منع وزير الثقافة المعين حديثاً، من دخول مكتبه من قبل المتظاهرين الذين يتهمونه بمحاولة quot;أخونةquot; الوزارة.

إحتجاجات مستمرة
قرارات مرسي أدت إلى تفاقم الوضع هذا الأسبوع عندما عيّن 17 محافظاً جديداً، 7 منهم ينتمون إلى جماعة الاخوان المسلمين، فاندلعت الاحتجاجات في العديد من المدن وقام نشطاء بإحراق إطارات سيارات، أغلقوا الأبواب بالسلاسل لمنعهم من الوصول إلى مكاتبهم، في حين احتجزوا بعضهم داخل المباني وفقاً لما ذكرته وسائل الإعلام الحكومية.
في مدينة طنطا، أدت الاشتباكات بين أعضاء جماعة الإخوان والمتظاهرين إلى إصابة 32 شخصاً. أما في الأقصر، فتسبب تعيين عضو في الجماعة الإسلامية، وهي المجموعة التي نفذت هجمات إرهابية أخرى في المنطقة نفسها ، باحتجاجات قام خلالها سائقو شاحنات النقل بإقفال شارع النيل في المدينة. وأدى تعيين المحافظ بوزير السياحة المصري الى التهديد بالاستقالة احتجاجاً، على الرغم من أنه لم يتضح حتى الساعة ما إذا كان قد ترك منصبه أم لا.
quot;في ظل الوضع الحالي من الاستقطاب وفشل محاولات التواصل أو التعاون بين معارضي ومناصري مرسي، سنصل إلى الجحيم وسيقوم الناس بقتل بعضهم بعضاًquot;، قال مراد علي، المتحدث باسم حزب الحرية والعدالة.