لم يكن نشر الصور الخاصة بأفراد الأسرة الحاكمة في السعودية، أمرًا معتادًا، حتى بدأت صور الملك عبد الله بن عبد العزيز، غير الرسمية، تنشر في الصحف، والمجلات، ومواقع التواصل الاجتماعي، وتحولت إلى هوس، لعدة أشهر، وفتحت الباب أمام ظاهرة جديدة في الأسرة، ألا وهي: الصور والمصورون.

كان الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد، أبن أخت الملك، الرجل الأول الذي فتح أبواب الأسرة، وعوالم شخوصها الكبار، على العامة، من خلال الصور التي كان يلتقطها للملك، خلال جولاته الخاصة، أو على هامش عمله الرسمي، ثم تبعه الأمير بندر بن سلمان، كمصور محترف، وثق لقطات مختلفة من حياة الأمراء سلطان ونايف وسلمان.

ولا تزال صور الملك عبد الله الأكثر متابعة، وتداولاً، بين السعوديين، فقد كان الشخص المنتظر شعبياً منذ كان وليًا للعهد، وكان أول مسؤول رفيع يراه السعوديون في أسواقهم، وأماكنهم الخاصة، بعد قيامه بعدة زيارات لأسواق تجارية، قبل، وبعد، توليه حكم المملكة عام 2005.

ويغلب على صور الملك الطابع الديني، فهو يظهر إما وهو يؤدي الصلاة، أو يقرأ القرآن، أو يرفع يديه بالدعاء، فيما يمكن رؤية بضع صور له في إجازاته الخاصة، خصوصًا في الصحراء، أو مع أخوته الكبار، ومستشاريه.

وتكشف الصور غير الرسمية، التي بدأت تنتشر أكثر وأكثر، لرجال الحكم الكبار في الأسرة الملكية، جوانب جديدة في شخصياتهم، بعيداً عن الطبيعة الرسمية للعمل.

وفي عدم وجود جهاز رسمي يتولى نشر هذه الصور الخاصة، كما يحدث في الدول الغربية، تولى أحفاد الأسرة نشر هذه الصور، وتداولها، أو الاحتفاظ ببعض هذه الصور كذكرى.

وعلى سبيل المثال، فإن الأميرة بسمة بنت سعود، حفيدة مؤسس المملكة، لديها مجموعة من الصور المفضلة تحبها: quot; يوجد لدي3 صور أحبها... للوالد وفهد ونايف... وجدي على الحصان مع والدي.. الملك سعود يشم الورود... والملك فهد يتحاور مع أخيه سعود... وصورة جماعية لآل عبد العزيز. ووالدي يصلي بالحجاج يوم عرفة، ويؤم المسلمين في المدينةquot;.

وتضيف الأميرة بسمة: quot;الصور هي التاريخ غير المكتوب... من غير الصور تبقى حروف من غير ألوف الأعين التي تنظر ولا تقرأ. الصورة هي ألف حكاية في إطار منغلق. الصورة هي شهادة حية بأنني حية، وكنت حية... الصورة هي أجمل كلمة صورنا الله بهquot;.

ونشر الصور غير الرسمية يتولاه عادة جهاز خاص، تختلف مسمياته من دولة إلى أخرى، ولطالما كانت مهنة مصور الرئيس إحدى المهن التي يأنس الرؤساء لشاغليها، وكان مصور الرئيس، في الولايات المتحدة، مثلا، الأكثر قربًا، حتى تتطور علاقته بالرئيس لتصبح شخصية أكثر.

وفي أميركا كان نيكسون وكينيدي مولعين بالصور، على عكس آخرين مثل تشرشل وتشارلز، اللذين كانت علاقتهما مع الكاميرا مزيجاً من الحب والكره. وأعاد نشر الصور الخاصة، لعدد من رجال الحكم الكبار في المملكة، تكوين صورتهم في ذهن العامة.

وعلى سبيل المثال يمكن أن ترى الراحل الأمير نايف، الذي تولى وزارة الداخلية لأكثر من ثلاثة عقود، وعرف عنه أنه رجل عملي للغاية، في لحظات دافئة مع أحفاده، على غير الصورة المأخوذة عنه، رغم أنه يوصف بأنه الأمير الأكثر حنانًا داخل الأسرة.

وهذا ما يجعل أمل الهزاني، وهي أكاديمية وكاتبة في صحيفة الشرق الأوسط، تلفت النظر إلى أن الصورة تكشف أمراً غير ملاحظ في شخصية صاحب الصورة.

تقول عن ذلك: quot;كلنا لدينا جانب آخر خاص لا يعرفه كثير من الناس يتضح فيه وجهنا الآخر مع المقربين والأصدقاء، إنما يأخذ هذا الأمر بعداً مثيراً حينما يكون الحديث عن الشخصيات السياسية التي يعرفها عامة الناس صارمة، جادة، وأحياناً قاسية، فالشواهد التاريخية تثبت أن خلف الشخصيات النافذة القوية جانباً إنسانياً ليناً، لم يعتده الناسquot;.

وتضيف الهزاني أن هذا الجانب الإنساني quot;قد يكون من الصدفة أو حسن الحظ التقاطه بعدسة تصوير أو تدوينه في مذكرات، ليظهر يوماً، مؤكداً أننا في نهاية المطاف بشر، ممتلئين بالعاطفة والوجدان الحيquot;.

وثمة صور لا ينساها كتاب التاريخ السعودي: صورة الملك عبد العزيز مع روزفلت، الملك فيصل وهو عابس في وجه كيسنجر، صور الملك فهد وهو يستعرض القوات في حرب الخليج، الملك عبد الله وهو يهاجم القذافي في قمة شرم الشيخ، وكذلك وهو يمسح دموعه بعد وفاة الملك فهد، الأمير نايف وهو يتأمل قبر الأمير سلطان، وبندر بن سلطان يتكئ على الأريكة مع جورج بوش.