تلقى وليام بيرنز، مساعد وزير الخارجية الأميركي، صفعة في القاهرة حين رفض جميع الأطراف المتناحرة لقاءَه، وأدرك أن انقسام المصريين حول مرسي لا يمنع توحدهم ضد سياسة الولايات المتحدة في مصر.


فوق شارع مشجَّر يتفرع عن ميدان التحرير، مهد الاحتجاجات التي تكللت بعزل الرئيس محمد مرسي، عُلقت لافتة كبيرة تعلن: quot;أوباما يدعم الارهابquot;. وبين المحتجين على عزل مرسي من مؤيدي الاخوان المسلمين، رُفعت لافتة كُتبت بعجالة تتهم الرئيس الاميركي نفسه بطعن الديمقراطية المصرية في الظهر.

في هذه الأجواء، هبطت طائرة مساعد وزير الخارجية الاميركي وليام بيرنز وسط مدينة منقسمة، في مهمة هدفها السعي إلى الجمع بين أطراف النزاع من مؤيدي الاخوان ورئيسهم المعزول، والمناوئين لحكم الاخوان ومرسي وانقاذ علاقة الولايات المتحدة بمصر التي كانت من أهم الدول العربية الحليفة في عهد مبارك. واكتشف بيرنز أن ما يوحد الفرقاء موقف واحد هو الغضب على الولايات المتحدة التي يرى كل فريق أنها تعمل في خدمة الفريق الآخر.

اتهامات متبادلة

لاحظ مراقبون أن الاخوان المسلمين وحركة quot;تمردquot;، صاحبة المبادرة إلى الاحتجاجات التي اسفرت عن عزل رئيسهم، وجهوا إلى بيرنز وحكومته صفعة مهينة، على حد وصف صحيفة تايمز، حين رفضوا الاجتماع به منددين بما يراه كل طرف تحيزًا اميركيًا لصالح الطرف الآخر.

ولم يبقَ لدى بيرنز من يجتمع به سوى اولئك الذين وافقوا على الاجتماع به، وهم قائد الجيش وزير الدفاع الفريق عبد الفتاح السيسي، والرئيس الموقت عدلي منصور، ورئيس الوزراء المكلف حازم الببلاوي. وبنظر الاسلاميين من جهة والملايين التي أيّدت عزل مرسي من الجهة الأخرى، فإن هذا يؤكد حقيقة لا مفر منها هي عودة الجيش إلى القيام بدور اللاعب الأقوى في الساحة السياسية.

وتركَّز غضب الاسلاميين المؤيدين للرئيس المعزول على رفض واشنطن وصف عزله بالانقلاب، الذي سيترتب عليه قطع 1.2 مليار دولار من المساعدات الاميركية سنويًا غالبيتها تذهب إلى الجيش المصري. وفي ميدان رابعة العدوية، حيث يعتصم مؤيدو الاخوان المسلمين مطالبين بعودة مرسي إلى منصبه، عبّر محتجون عن غضبهم على صمت البيت الأبيض متهمين الولايات المتحدة بخيانة الديمقراطية.

استجواب مرسي

على الجانب الآخر، يقول ناشطون في quot;تمردquot; وجمهور واسع من مؤيدي عزل مرسي إن القنوات التي فتحتها الولايات المتحدة مع الاخوان المسلمين حتى قبل صعودهم تؤكد انحيازها وتواطؤها معهم. وفي حين أعلنت واشنطن أنها تراجع مساعداتها العسكرية لمصر، فإنها لا تريد قطعها والتفريط بأداة الضغط الوحيدة المتبقية لديها، وفوق ذلك الحد من قدرة الجيش المصري على التعامل مع الجماعات المتطرفة في شبه جزيرة سيناء. وتشير quot;تمردquot; في هذا الشأن إلى الوعيد الذي اطلقه قياديون في جماعة الاخوان المسلمين بأن نشاط هذه الجماعات سيتصاعد إذا لم يتحقق مطلبهم بإعادة مرسي إلى منصبه.

وكانت هذه التهديدات تعاظمت منذ أن أطلق عزل مرسي موجة من الهجمات الجهادية في شرق سيناء بمحاذاة اسرائيل. ويرى العديد من المراقبين أن أعمال العنف هذه من تدبير جماعة الاخوان المسلمين لإقناع العالم بأنها وحدها القادرة على ضبط المنطقة، كما أفادت تايمز.

في هذه الأثناء، استجوب محققون من مباحث أمن الدولة مرسي في مقر الحرس الجمهوري في القاهرة، بشأن علاقاته بجماعات مسلحة مثل حماس وحزب الله، وهي علاقات إذا ثبتت يمكن أن تؤدي إلى محاكمته بتهمة الخيانة. وجاء القرار بإجراء تحقيق جنائي في علاقات مرسي، رغم دعوة واشنطن المتأخرة يوم الجمعة الماضي إلى الافراج عنه.