رأت أغلبية قراء ايلاف أن المعارك المتكررة بين الجيش السوري الحر وجبهة النصرة ساهمت في تراجع المجتمع الدولي عن دعم المعارضة السورية عسكريًا لإسقاط النظام خاصة بعد النفوذ الميداني الذي حازته جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة على حساب الجيش الحر. ويخشى هؤلاء من إخماد الثورة بسبب هذه المعارك.


لم تكن إصابة قائد الجيش السوري الحر رياض الاسعد في شهر آذار (مارس) الماضي سوى بروز لحدة الخلافات بين الجيش الحر وجبهة النصرة، التي وجدت في نفوذ الجيش الحر منافسًا كبيرًا لها، يحوز على التعاطف الداخلي والخارجي، وعلى الدعم بالسلاح والمال.

فعمدت جبهة النصرة على إزاحة الجيش الحر من المناطق التي كان حررها من الجيش السوري، ونشبت معارك دامية بين الطرفين أودت بحياة عدد من القادة فيهما. إنطلاق الخلافات فالمعارك بين الفصيلين كان إيذانًا بتراجع الثورة السورية عن أهدافها التي كانت تركز على اسقاط النظام واقامة نظام ديمقراطي تداولي للسلطة التي ترى جبهة النصرة انها الاحق بها.

فجبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة عقائديًا ترى أحقيتها في السيطرة على المناطق السورية المحررة لتبسط نفوذها عليها وتقيم شريعتها التي يجب تطبيقها، حتى على عناصر وقادة الجيش الحر الذين ترى في معظمهم خارجين عن الدين لعدم التزامهم بعقيدتها. ونجحت النصرة في شق قادة وعناصر في الجيش الحر لطرفها، خصوصًا في مناطق حمص وحماة ودير الزور والرقة.

وquot;إيلافquot; سألت القراء عن دور الاشتباكات بين الجيش الحر وجبهة النصرة في إخماد الثورة السورية التي فشل النظام في اخمادها، فرأى ما نسبته 54% ، أي 3700 مشارك أنها تساهم في فشل واخماد الثورة السورية، فيما خالفهم 46% اي 3213 مشاركًا.

شق الصف

يرى مراقبون أن استهداف جبهة النصرة لقيادات كتائب الفاروق في الجيش الحر، تلك الكتيبة التي حققت انتصارات واضحة حازت فيها نفوذًا واضحًا في شمال وشرق سوريا، فنجحت جبهة النصرة في شق هذه الكتائب وقتل عدد من قادتها.

فكانت أسماء مثل ثائر وقاص في أدلب وابو بصير اللاذقاني الذي قتلته النصرة خلال اجتماع معه، اضافة لاستهداف رياض الأسعد الذي قطعت ساقه وخرج من الخدمة العسكرية، كافية لبث روح الرهبة بين جنود و ضباط الجيش الحر الذين تلقوا تهديدات من جبهة النصرة مباشرة او عبر وسطاء ليبقوا في اماكن تواجدهم في اسطنبول أو الدوحة او القاهرة، مكتفين بالتصريحات اليومية لوسائل الاعلام فقط.

ومع تراجع نفوذ الجيش الحر تحت وطأة التهديدات بالتصفيات الجسدية او الانضمام لجبهة النصرة وممارسة طقوسها بما فيها الذبح بالسيف لكل مخالف لمذهب جبهة النصرة، تشوهت صورة الثورة السورية التي كانت تنتظر مساعدة دولية لاسقاط النظام السوري.

فمنظر أحد أعضاء جبهة النصرة وهو يمزق جسد جندي سوري ويخرج قلبه ويأكله متباهيًا امام الكاميرا كان كافيًا لتراجع أي دعم دولي من خلال السلاح أو المال، خشية أن يذهب لمقاتلي جبهة النصرة المصنفة كفصيل ارهابي دوليًا. ويحمل عدد من المراقبين الدول الداعمة لجبهة النصرة مسؤولية اجهاض نفوذ الجيش الحر، حيث كانت معظم المساعدات المالية والعسكرية تصل وتسلم لقادة جبهة النصرة التي تتعامل طائفيًا مع الازمة السورية. وهو ما أفقد الثورة السورية الكثير من المتعاطفين معها.

تخمد الثورة

تعاظم دور جبهة النصرة في سورية أكسب النظام السوري ورقة رسم عليها صورة معارضيه وروجها دوليًا، فحقق من خلالها انتصارات على الارض قوّت معنويات مقاتليه التي كانت شبه منهارة. حتى تساءل الرئيس السوري عن سبب تواجد مقاتل من افغانستان او الجزائر أو الشيشان في سوريا، وعن نوع الديمقراطية التي يطالب بها هؤلاء المقاتلون.

وهذا شجعه على فرض شروطه في أي مؤتمر دولي لحل الازمة السورية بعد أن كان أقرب لاستجداء مشاركته في هكذا مؤتمرات، فحولته الصدامات بين جبهة النصرة والجيش الحر إلى لاعب قوي في الميدان، خاصة بعد انتصاره في معركة القصير وبعدها في حمص وحلب حيث رفض أي هدنة خلال شهر رمضان كانت طلبتها المعارضة التي يرى الكثير من المراقبين أن جبهة النصرة أقوى فصائلها.

ودموية النصرة وتهديداتها للاقليات المختلفة معها دينيا ومذهبيًا حتمت على الدول الداعمة اشتراط تقدم على الارض لاي فصيل سوري معارض يكون قادرًا على طرد مقاتلي جبهة النصرة من مناطق تواجدها.

والخشية اليوم من مساهمة هذه الخلافات والمعارك بين جبهة النصرة والجيش الحر في اخماد الثورة السورية التي فشل النظام في اخمادها، خصوصًا بعد تجدد المعارك في الرقة و أسر لواء جبهة الاكراد التابع للجيش الحر لأمير الدولة الإسلامية في العراق والشام، في بلدة تل ابيض في الرقة الحدودية مع تركيا، ليقوم مقاتلو تنظيم القاعدة بأسر 300 مواطن كردي مشترطة الافراج عن أبي مصعب، وهو ماحصل اليوم وفق ماذكره المرصد السوري لحقوق الإنسان.