لا يستبعد مراقبون ومتابعون لتداعيات التحولات في عدد من بلدان الربيع العربي تورّط الإسلاميين في أفعال الاغتيال التي هزت ليبيا وجارتها تونس في اليومين الأخيرين. ومثل هذه العمليات يبدو أنها تأتي على وقع ما يجري في مصر الجارة، حيث أطيح حكم الإخوان المسلمين.


نصر المجالي: شهدت تونس وليبيا ومصر انتفاضات شعبية أطاحت برؤسائها، وتولى الإسلاميون السلطة في كل من مصر وتونس، بينما لم تتح الفرصة لهم في ليبيا، إلا أن لديهم نسبة مرموقة في مقاعد المؤتمر الشعبي الوطني (البرلمان)، لكن لم تؤهلهم للسلطة.

ومنذ سقوط معمّر القذافي يشهد شرق ليبيا، مهد الثورة الليبية، انفجارات واغتيالات وهجمات تستهدف قضاة وعسكريين وضباط شرطة خدموا في عهد الزعيم الراحل معمّر القذافي، الذي أطاحت الثورة بنظامه في 2011، فضلًا عن أنها طاولت علمانيين من أنصار الثورة.

غداة اغتيال المعارض التونسي البارز محمد البراهمي على يد مسلحين إسلاميين الخميس في العاصمة التونسية، في حادث هو الثاني من نوعه خلال هذا العام، وكان الأول اغتيال شكري بلعيد، فقد ضربت سلسلة من عمليات الاغتيال ليبيا يوم الجمعة، حيث تشير كل أصابع الاتهام إلى الجماعات الإسلامية بالتورّط فيها. إذ اغتيل ناشط سياسي ومقدم متقاعد في مدينة بنغازي، ثاني أكبر المدن الليبية، كما قتل عقيد في الجيش في جنوب ليبيا.

المسماري يلتحق بالبراهمي
وقد هزّ بنغازي خبر اغتيال الناشط السياسي البارز عبد السلام المسماري، الذي وقع بعد خروجه من مسجد في المدينة، وتجمع حشد من المتظاهرين المحتجين على اغتياله وسط المدينة. ويقول مسؤولون في بنغازي إن نحو 57 شخصًا قتلوا في عمليات اغتيال في المدينة منذ نهاية العمليات المسلحة وإسقاط نظام القذافي.

ومعظم الضحايا هم ضباط شرطة متقاعدون أو مستمرون في الخدمة أو شخصيات عسكرية، ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن اغتيالهم. وأثار حادث اغتيال المسماري موجة واسعة من الإدانات، لأنه الأول من نوعه في المدينة لناشط سياسي. وعُرف المسماري بتصريحاته المعارضة لوجود الميليشيات المسلحة في الشوارع الليبية ومعارضته لتوجهات الإخوان المسلمين.

ويعد المسماري من المنظمين الأوائل لاحتجاجات عام 2011 في بنغازي ضد حكم الرئيس الليبي السابق معمّر القذافي. وسبق أن تعرّض لاعتداء بالضرب في مايو/ أيار الماضي، بعد تصريحاته المناوئة لنشاط الميليشيات المسلحة ومحاصرتها وزارتي العدل والداخلية.

وقال المتحدث باسم غرفة العمليات الأمنية المشتركة في بنغازي العقيد محمد الحجازي إنهم لا يعرفون من يقف وراء عملية الاغتيال، إذ كان المسلح، والكلام للمتحدث الأمني، يستقل سيارة مسرعة، ولاذ بالفرار بعد إطلاقه النار.

وقد توفي المسماري، المحامي والناشط السياسي، بعد إصابته بطلق في القلب، إثر اطلاق النار عليه أثناء خروجه من مسجد في بنغازي. وكان المسماري ولد في بنغازي، وعمل في المحاماة، فضلًا عن نشاطه السياسي وعمله كمنسق لائتلاف 17 فبراير/ شباط.

مقتل الزاوي والسراح
وأعقب اغتيال المسماري قيام مسلحين بإطلاق النار على العقيد في الجيش خطاب يونس الزاوي أثناء قيادته سيارته قرب بلدة أوجله قرب مدينة الواحات في الجنوب الليبي، ما أدى إلى انقلاب سيارته ووفاته في الحال. كما اغتال مسلحون سالم السراح المقدم في سلاح الجو الليبي، بعد خروجه من مسجد quot;التوبةquot; في حي الليثي في بنغازي.

ولم تتوقف الأعمال الإرهابية التي تستهدف اغتيال الاشخاص، بل طاولت الهجمات السفارات العربية والأجنبية أيضًا ورجالًا، ودأبت المجموعات المسلحة في ليبيا على تنفيذ هجمات على الدبلوماسيين الأجانب والسفارات منذ الإطاحة بالزعيم السابق، معمّر القذافي، في عام 2011.

وقد تعرّضت السفارة الفرنسية في طرابلس للتفجير في شهر أبريل/نيسان الماضي. وكانت سفارة الإمارات العربية المتحدة في العاصمة طرابلس تعرّضت لهجوم بقنبلة يوم الخميس الماضي من دون تسجيل إصابات. ويشار إلى أن دولة الإمارات كانت من أوائل الدول التي بادرت لدعم التحولات السياسية التي أطاحت حكم الإخوان في مصر.

وفي طرابلس أيضًا سقط يوم الثلاثاء صاروخ على عمارة سكنية قرب فندق كورينثيا، الذي يرتاده رجال الأعمال الأجانب والمسؤولون الحكوميون، وقرب عمارة فيها عدد من السفارات. وقال وزير الداخلية، محمد خليفة الشيخ، بشأن الهجوم، إنه ربما كان يستهدف فندق كورينثيا.