دعا رئيس القائمة العراقية أياد علاوي زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إلى إنهاء اعتكافه السياسي للمساهمة مع القوى الوطنية في مواجهة الإرهاب والفساد وتجاوزات الميليشيات.. بينما عبّرت الأمم المتحدة عن قلقها إزاء مستقبل الشباب العراقي، ووجّهت نداء عاجلًا إلى الحكومة لحمايتهم وتمكينهم، في ظل تفاقم الأوضاع الأمنية ومحدودية فرص العمل التي تدفعهم إلى الهجرة خارج البلاد.


لندن: قال علاوي في رسالة موجّهة إلى الصدر، حصلت quot;إيلافquot; على نصها، إنه quot;في وقت يواجه فيه عراقنا الحبيب تحديات مصيرية، من إرهاب يومي يسحق أرواح الأبرياء وميليشيات مسلحة تفرض سيطرتها على الشارع، وفساد ينخر مؤسسات الدولة، إلى تفرّد بالقرار يَنقضُّ على ما تبقى من آمال العراقيين وحلمهم في التعايش الآمن، وفي مثل هذه الظروف العصيبة لا يتأخر الوطنيون الشرفاء من أبناء شعبنا لتلبية صوت الضمير الوطني في الانتصار لإرادة الخير والعدل والحرية والمساواةquot;.

وتابع quot;لقد كانت ولا تزال أسرة الصدر العربية الكريمة، على امتداد تاريخها المجيد، مثالًا صادقًا للنخوة والغيرة والأصالة، ومصنع الرجال الذين كانوا على رأس جحافل المتصدين للقضايا الوطنية ولنصرة الحق ضد الباطل، والمرابطين في خنادق الثوار الأحرار والكادحين والفقراء، وكان هذا السلوك رسالتها التي لا تتبدلquot;.

اعتكاف الصدر خسارة
وأشار إلى أن quot;اعتكاف سماحة السيد والأخ الكريم مقتدى الصدر عن الحياة السياسية، هو خسارة كبيرة لنا جميعًا، ولايسعنا إلاّ أن نناشده ضرورة ترك الاعتكاف، والاستمرار بعطائه ودوره المتميزquot;. وطالب جميع القوى الوطنية وأبناء التيار الصدري بمؤازرة الصدر لتفويت الفرصة على المتآمرين في الداخل والخارج، وتسفيه أحلامهم في تمزيق وحدة الفصائل الوطنية وتفكيك النسيج العراقي الأصيل.

وللتيار الصدري 40 مقعدًا وسبعة وزراء ومنصب النائب الأول لرئيس مجلس النواب، إضافة إلى محافظين لبغداد والعمارة ورئاسة هيئة المساءلة والعدالة لاجتثاث البعث وعدد من وكالات الوزارات ونواب المحافظين.

وكان الصدر أعلن في الرابع من الشهر الحالي عن إغلاق مكتبه الخاص في النجف، بعد اشتباكات جرت أخيرًا بين عناصر لجيش المهدي التابع له وعصائب أهل الحق المنشقة عنه. وكشفت مصادر مقربة من الصدر أنه قرر quot;اعتزالquot; الحياة السياسية وإلغاء الدوائر السياسية المرتبطة به، وعدم المشاركة في أي عمل سياسي بشكل مباشر خلال المرحلة المقبلة.

فيما أكدت كتلة الأحرار أن القرار جاء كخطوة من الصدر ترفض المشاركة في أي مؤامرة ضد العراق من خلال البقاء في العملية السياسية. وأضافت أن الصدر يعيش حالة من الإحباط جراء الأوضاع الأمنية الراهنة في ظل صمت السياسيين وصراعاتهم التي تعد سكوتًا عن مصالح الشعب.. وقالت إنه عزز هذا القرار بإغلاق مكتبه الخاص احتجاجًا على الوضع المتردي، وما آلت إليه الأوضاع رغم التضحيات الكبيرة التي قدمها إلى الشعب العراقي المظلوم.

سابقة خطيرة
من جهته، وصف النائب المستقل حسن العلوي موقف رئيس الوزراء نوري المالكي من اعتزال الصدر الحياة السياسية بأنه سابقة خطيرة في تاريخ السياسة العراقية. وقال العلوي في تصريح للوكالة الوطنية العراقية للأنباء quot;إن المألوف والمعتاد والمعروف في rlm;السياسة، والذي أعرفه في تاريخ العراق والمنطقة والعالم، أن رئيس الوزراء أو أي زعيم يذهب إلى rlm;الزعيم الذي يروم الانسحاب من العملية السياسية، ويزوره في بيته، ويطلب منه التراجع عن قرارهquot;، مشيرًا إلى أنه quot;ليس من أعراف السياسيين أن يؤيد سياسي انسحاب زميله في الطبقة السياسية، rlm;سواء كان من كتلته أو من المعارضة، بهذه الطريقةquot;.

وأضاف quot;إن السيد الصدر من القوى الوطنية rlm;المعروفة، وإعلان انسحابه سبّب ضجّة في الأوساط الوطنية والقومية والإسلاميةquot;.
وتابع العلوي quot;إنني لم أتمنّ على المالكي أن يقدم على تصريح كهذا، لأنه يشكل سابقة في تاريخ rlm;السياسات العربية والإقليمية والعالمية، وأنا لا أعرف على الإطلاق أن رئيس وزراء أو زعيمًا rlm;معارضًا، يشمت بزميل له أو يشجّعه على الانسحابquot;.. مشيرًا إلى quot;أن الانسحاب من العملية rlm;السياسية، إذا كان فضيلة، فلماذا لا ينسحب المالكي من منصبهquot;.

وعبّر عن أمنياته للمالكي rlm;بمشاورين يعرفون التاريخ، وليس quot;مجموعة من أشباه الأمّيين، الذين لا يعرفون شيئًا عن التاريخ quot; بحسب قوله. يذكر أن المالكي قد أبدى الأربعاء الماضي تأييده لقرار الصدر اعتزاله rlm;الحياة السياسية، داعيًا إياه إلى quot;إجراء إصلاحات في التيارquot;، ومشيرًا إلى أن الأخير تحوّل إلى quot;وسيلة rlm;إساءة بحق مدرسة الشهيدين الصدريينquot;.

وفي السابع من الشهر الحالي، طالبت كتلة الأحرار النيابية التابعة للتيار الصدري زعيمها الصدر بالعدول عن قراره الأخير باعتزاله الحياة السياسية والاجتماعية. وعقب اجتماع للكتلة، ترأسه أمينها العام ضياء الأسدي، الليلة الماضية، بمشاركة وزراء ووكلاء الوزارات ورئيس الكتلة البرلمانية ومحافظ بغداد ورئيس هيئة المساءلة والعدالة التابعين للتيار، قال بيان صحافي إنه جرى في الاجتماع بحث قرار quot;السيد مقتدى الصدر في الاعتزال عن الحياة السياسية والاجتماعية وما سيتركه هذا القرار من فراغ لا يسرّ في وضع العراق الراهن، لما يتمتع به من ثقل وحضور كبيرين على الصعيدين المحلي والإقليميquot;.

الأمم المتحدة قلقة على مستقبل شباب العراق
من جهتها، عبّرت الأمم المتحدة عن قلقها حول مستقبل الشباب في العراق، ووجّهت نداء عاجلًا إلى الحكومة العراقية لحمايتهم وتمكينهم في ظل تفاقم الأوضاع الأمنية ومحدودية فرص العمل التي تدفع الشباب إلى الهجرة خارج البلاد. جاء ذلك لمناسبة احتفال الأمم المتحدة باليوم الدولي للشباب.

وأوضح جورجي بوستن، نائب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، أن quot;موضوع اليوم الدولي الشباب للعام 2013 هو الهجرة، وفي العراق، غالبًا ما تكون الهجرة رمزًا لفقدان الأمل والخوف واليأسquot;. وأضاف أنه وفقًا للمسح الوطني للشباب لعام 2009، قال حوالى 17 % من الشباب العراقيين المشمولين بالمسح إنهم يرغبون في الهجرة.

وأوضح أن الهجمات الأخيرة، التي استهدفت الشباب في المقاهي وملاعب كرة القدم، ستزيد على الأرجح من المخاوف من انعدام الأمن لدى جيل آخر. وقال quot;إنه لأمر محزن أن ينظر العديد من الشباب العراقيين إلى تأشيرة الهجرة على أنها أفضل خيار لديهم من أجل حياة أفضلquot;.

وأعرب بوستن عن قلقه إزاء مستقبل الشباب العراقيين. وقال quot;يدفع انعدام الأمن وقلة الفرص الشباب إلى مغادرة وطنهم. quot;إذا غادر هذا الجيل، من سيبقى لإعمار البلاد وتشجيع التسامح والحوار اللازمين لتحقيق الاستقرار؟. يتعيّن على القادة حشد جهودهم للتوصل إلى اتفاق سياسي وإيجاد بيئة مواتية للسلامquot;.

من جانبها، تحدثت جاكلين بادكوك، المنسق المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية لدى الأمم المتحدة، عن مسألة توفير الفرص للشباب في العراق، حيث قالت إن التقدم في متناول اليد. وأضافت quot;في البلدان المتوسطة الدخل، كالعراق، تمتلك الحكومة الوسائل التي من شأنها توفير فرص العمل والتعليم الجيدquot;.

وأشارت بادكوك قائلة quot;تُظهر الاستراتيجية الوطنية للشباب، التي وضعت أخيرًا إرادة الحكومة للعمل على هذه القضايا الحاسمة. حان الآن الوقت للتحرك بشكل عاجل نحو مرحلة التنفيذquot;. وتشير إحصاءات إلى وجود رغبة كبيرة من قبل الشباب في الهجرة إلى خارج العراق للبدء بحياة جديدة في المهجر.