حذرت الأمم المتحدة مما قالت إنه مصير مظلم يهدد حياة 1.1 مليون نازح عراقي داخلي. وأشارت إلى أن السلطات لا تعترف بهم، فهم غير قادرين على الإدلاء بأصواتهم أو التملك. أما النساء والفتيات فهن معرّضات للعنف، كما إن مستويات الأمّية بينهنّ مرتفعة إلى حد مثير للقلق، موضحة أن عمليات النزوح مستمرة، حيث شملت أخيرًا 1638 فردًا.


أسامة مهدي: أشارت الأمم المتحدة، لمناسبة اليوم العالمي للعمل الإنساني، إلى أنها تعمل على التوعية بمحنة 1.1 مليون عراقي مسجلين كنازحين داخليين، اضطروا للهروب من مناطق سكناهم، نتيجة لإبعادهم من مناطقهم أو نتيجة للتوسع الحضري أو بسبب النزاعات والأزمات السياسية.

وقالت نائبة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق للشؤون الإنسانية والتنمية جاكلين بادكوك quot;إن النازحين داخليًا هم من أشد الفئات ضعفًا في العراق، فهم في غالب الأحيان مصدومون وخائفون نتيجة خطر تعرّضهم للتشرد المحدق بهم، وهم يعيشون في أماكن إقامة ومآوٍ موقتة، يكافحون فيها للحصول على لقمة العيش وعلى الرعاية الصحية والتعليمquot;.

المرتبة الثانية من بعد سوريا
ولفت مكتب الأمم المتحدة في العراق quot;يوناميquot;، في تقرير له اليوم الاثنين، إلى أن الموجات المتعاقبة من الصراعات في البلاد أدت إلى نزوح العديد من المكونات في أرجاء مختلفة في البلاد خلال السنوات الماضية. وأوضح أن العراق اليوم يحتل المرتبة الثانية من حيث أعلى عدد من النازحين داخليًا في الشرق الأوسط بعد سوريا، التي تحتل المركز الأول.

أضافت بادكوك quot;أن الكثير من النازحين داخليًا يكدّون في إيجاد عمل يوفر العيش الكريم لهم، ولأن السلطات، في معظم الأحيان، لا تعترف بالنازحين داخليًا، لذا فهم غير قادرين على الإدلاء بأصواتهم أو التملك. أما النساء والفتيات فهن معرّضات للعنف القائم على النوع الاجتماعي، كما إن مستويات الأمّية مرتفعة إلى حد مثير للقلقquot;.

وقالت إن ارتفاع وتيرة العنف هذا العام أدّى إلى موجة جديدة من النزوح، حيث تُفيد الأرقام الصادرة من مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين بأن بغداد هي المحافظة الأكثر تأثرًا.

وأشارت بادكوك إلى أنه يتعيّن على quot;الحكومة والمجتمع الإنساني التحرك سريعًا لضمان وضع حدّ لهذه الأوضاع. فهؤلاء هم عراقيون، يسعون إلى اللجوء داخل حدود بلادهم، وهم في حاجة إلى الحماية والمساعدة على الاندماج في مجتمعاتهم الجديدة أو إعادتهم إلى مواطنهم. فالنازحون داخليًا سيجابهون مستقبلًا مجهولًا وصعبًا ما لم نضاعف جهودناquot;. وشددت بادكوك على ضرورة البناء وتنفيذ أفضل السياسات وعلى التنسيق والتركيز على الحلول الراسخة المستدامة.

نازحون جدد... وإجراءات مطلوبة
وأوضحت الأمم المتحدة أن معظم النازحين رحلوا بعيدًا عن مناطقهم خلال الفترة بين عامي 2006 و2008 نتيجة لموجة العنف الطائفي المتصاعد، التي عصفت بالبلاد، ودفعت الكثيرين إلى ترك بيوتهم سعيًا إلى الحصول على السلامة، ومعظمهم من الفقراء وغير المتعلمين.

أضافتأن هؤلاء يعيشون في أماكن إقامة مؤجّرة أو في مجمّعات للنازحين أو على الأراضي العامة أو داخل المباني. وأكدت أن هؤلاء النازحين يعيشون في ظل ظروف صعبة للغاية، تفتقر إلى الوصول إلى المنافع ومرافق الصرف الصحي، فضلًا عن محدودية فرص التعليم والعمل، حيث تستضيف بغداد جزءًا كبيرًا منهم في 123 مجمعًا غير رسمي.

وأشارت إلى أن أعداد النازحين الداخليين بلغت في بغداد وحدها ربع مليون شخص، وفي محافظة نينوى الشمالية 200 ألف، وفي دهوك الشمالية 100 ألف، وفي ديالى في الوسط 80 ألفًا، وأربيل الشمالية 7 آلاف، وفي السليمانية الشمالية 6 آلاف، وفي كل من كركوك الشمالية وصلاح الدين الغربية وبابل في الوسط 5 آلاف، وفي البصرة الجنوبية 4 آلاف، وفي كل من المحافظات الجنوبية ذي قار والنجف وكربلاء 3 آلاف، وفي كل من القادسية وميسان الجنوبيتين ألف شخص، وأقل من ذلك في محافظة المثنى الجنوبية.

وقالت إنه خلال الفترة بين الأول من العام الحالي 2013 و27 من الشهر الماضي تموز (يوليو) أرغمت حوالى 289 عائلة، تضم 1638 فردًا، على الفرار من منازلهم في محافظات بغداد والأنبار وديالى وصلاح الدين وأجزاء أخرى من البلاد.

وأكدت الأمم المتحدة في تقريرها أن العراق يقف أمام منعطف حاسم، حيث إن على الحكومة العراقية والمجتمع الدولي التفكير بشكل جدي في سبيل التصدي لمسألة النزوح الداخلي واتباع نهج أكثر وعيًا لضمان عدم استمرار وضع النزوح مطولًا، وعدم تجاهل هذه المسألة بسبب الأزمة في سوريا، والاضطرابات السياسية في العراق. وقالت إن الأمم المتحدة من جهتها تواصل بالتنسيق مع شركائها الرئيسين البحث عن سبل لتعزيز وتطوير السياسات الحكومية المتعلقة ببرامج النزوح والتعايش.

10 سنوات على تفجير مقر الأمم المتحدة في بغداد
إلى ذلك، أشارت المنظمة الدولية إلى أنها تنفذ سلسلة من المشاريع المُنقذة للحياة والتمكين وتوفير سبل العيش لمجتمعات النازحين داخليًا في أرجاء العراق، بالتنسيق مع شركاء من منظمات حكومية وغير حكومية.

يذكر أن الأمم المتحدة قد قررت إقامة اليوم العالمي للعمل الإنساني تخليدًا لذكرى الموظفين الاثنين وعشرين، الذين قتلوا في الهجوم الذي استهدف مقرّ الأمم المتحدة في بغداد يوم 19 آب (أغسطس) عام 2003. وتهدف هذه المناسبة إلى تكريمهم، فضلًا عن الإشادة بالأعداد التي لا حصر لها من العاملين في المجال الإنساني، والذين ظلوا يتحدون الأخطار والصعاب لتقديم المساعدة لمن يحتاجها وإنقاذ الأرواح. كما يُعد اليوم العالمي للعمل الإنساني مناسبة لتسليط الضوء على القضايا الإنسانية وحشد الدعم للعمل المنسق الذي يهدف إلى تحسين حياة الضعفاء.

وكان انتحاري قام في مثل هذا اليوم من عام 2003 بتفجير شاحنة مفخخة عند إحدى زوايا فندق القناة، الذي كان rlm;يضم مكاتب الأمم المتحدة، ما أسفر عن مقتل مبعوث الأمم المتحدة آنذاك البرازيلي سيرجو دي ميلو rlm;و21 شخصًا آخرين.rlm; ورغم مرور عشر سنوات على التفجير، الذي تصدر عناوين الصحف في أنحاء العالم كافة، باعتباره rlm;واحدًا من أول التفجيرات في العراق، لم يتغير شيء في المكان حتى اللحظة، حيث لا تزال آثار الحطام على واحدة من زوايا الفندق كأنها هشّمت بمطرقة عملاقة، فيما بقايا طبقات المبنى rlm;مكشوفة على الهواء الطلق، والغرف تتناثر فيها الأنقاض، والغبار يملأ المكان، فيما تدلت القضبان الحديدية الصدئة من سقوف المبنى كأنها كروم ذابلة، فيما لا تزال خوذة أحد حراس الأمم rlm;المتحدة الزرقاء مرمية على الأرض في موقع الانفجار.rlm;

وبعد الهجوم تم نقل العديد من موظفي الأمم المتحدة إلى خارج البلاد، وخاصة إلى العاصمة الأردنية، لكنه ورغم أن الطواقم الأممية عادت إلى العراق، يصعب على العراقيين دخول المقر الجديد للبعثة داخل rlm;المنطقة الخضراء المحصنة، التي تضم مقار الحكومة والسفارات الأجنبية.rlm;

وتحوط بالمنطقة الخضراء جدران خرسانية، ويحرسها جنود مزوّدون بأسلحة، تبدأ بالبنادق وتنتهي rlm;بدبابات أميركية من طراز أبرامز، ويتطلب الخروج منها سيارات مدرّعة وحراس.rlm; ورغم أن تكثيف الإجراءات الأمنية هذا يزيد التحديات، فإن الأمم المتحدة لا تزال فاعلة، ولديها موظفون rlm;في كل أنحاء البلاد، حيث تعمل على قضايا عدة، مثل العلاقات العراقية الكويتية والانتخابات والمصالحة الوطنية، rlm;وصولًا إلى ملفي اللاجئين السوريين والنازحين العراقيين.rlm;