اتهم رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي قوى داخلية ودولًا عربية ومجاورة بمحاولة تدمير العراق، ودعاها إلى كفّ يديها عن بلاده، والتعاون معها، مؤكدًا أن الأجهزة الأمنية التي تلاحق الإرهاب في محيط بغداد قد دمّرت كل مستعمراته، التي ينطلق منها لقتل العراقيين.. فيما وجّه علاوي والنجيفي انتقادات إليه وإلى ممارسات القوات الأمنية في قتل واعتقال أبناء مكوّن واحد، في إشارة إلى السنة.


أسامة مهدي: قال المالكي، في أول كلمة أسبوعية بدأ اليوم بتوجيهها إلى العراقيين (كل يوم أربعاء)، إن بلاده تتعرّض لتحديات خطيرة في مواجهة الخروقات الأمنية والتفجيرات الإرهابية، التي تصاعدت خلال الأشهر الأربعة الأخيرة، وحصدت أرواح حوالي 3 آلاف عراقي.

صراع إرادتين
وأشار إلى أن هذه المواجهة هي صراع بين إرادتين، الأولى مدعومة من قبل قوى الظلام المحلية والإقليمية، التي تريد أن تخرب وتجهض العملية السياسية، والأخرى وطنية تريد أن تبني. وأوضح أنه quot;صراع بين إرهاب، يريد عودة البلاد إلى نقطة الاقتتال، وإرادة وطنية تريد الحفاظ على المكتسبات التي تحققت في التطبيقات الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة والتمتع بالحرياتquot;.

وشدد المالكي في كلمته، التي حصلت quot;إيلافquot; على نصها، بالقول، في إشارة إلى العمليات العسكرية في محيط العاصمة بغداد التي أطلق عليها quot;ثأر الشهداءquot;، وبدأت في مطلع الشهر الحالي، إن قوات الأمن لن تتهاون في مواجهة الإرهاب في كل منطقة يتحرك فيها، وذلك بدعم أبناء تلك المناطق للأجهزة الأمنية. وأكد أن هذه العمليات أسفرت حتى الآن عن اعتقال أكثر من 800 مسلح من الإرهابيين، وقتل العشرات منهم، وتدمير كامل البنية التحتية التي يستخدمونها لصناعة الموت والتفجيرات وتفخيخ السيارات.
وأضاف أن العمليات أسفرت أيضًا عن مصادرة أجهزة تفجير متطورة ومتفجرات شديدة التفجير.. وكذلك تدمير كل المستعمرات التي بنوها للانطلاق منها لقتل أبناء الشعب العراقي، حيث quot;أثبتت هذه العمليات أنهم جبناء، لا يستطيعون مواجهة القوى الأمنية، ولذلك يلجأون إلى المفخخات لقتل العراقيينquot;، بحسب قوله. وشدد على الإصرار على مواجهة تحديات الإرهاب وملاحقة قواه ومن يتعاون معه ومنعه من بناء أي مستعمرة إرهابية أخرى.

وثمّن المالكي مواقف القوى السياسية العراقية، التي دعمت العمليات العسكرية حول بغداد، إلا من قال إنهم ثلة من الذين باعوا أنفسهم للشيطان، وكذلك القوى الأجنبية، التي قال إنها لا تريد للعراق البناء والإعمار، من دون ذكر اسمها. وأضاف: quot;نقول لكل الذين رسموا مسلسل أعمال تخريب العراق أن يسحبوا أيديهم وأصابعهم السوداء، وأن يدعونا نعيش بأمن ومحبة وسلام وإكمال إعمار العراق، الذي لن نتخلى عنه، وبناء دولة عصرية على أساس المواطنة والدستورquot;.

وزاد quot;أقول لبعض الدول العربية والمجاورة للعراق: تحركوا لكسب صداقة الشعب العراقي، واتركوا سياسة عداوته، لأنه يرغب في التعاون، شريطة البحث في المقابل عن المصالح المشتركة وعدم التدخل في شؤوننا الداخليةquot;. وأكد المالكي في الختام quot;أن عمليات ملاحقة العصابات الإجرامية ومن يقف خلفها ستستمر بلا هوادة، ولن تتوقف حتى استكمال عمليات حماية أمن وأرواح العراقيين من كل أدوات القتل والجريمة والإرهابquot;.

انتقاد تجاوزات القوات الأمنية
جاءت كلمة المالكي هذه في وقت تعرّضت فيه القوات الأمنية إلى انتقادات في تعاملها مع المواطنين خلال عملياتها العسكرية الأخيرة واتهامات باستهدافها لمكوّن واحد هو السنة.

وقال رئيس القائمة العراقية إياد علاوي إن القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء نوري المالكي quot;يتفنن بخطب إلقاء اللوم على الآخرين حول سلسلة التفجيرات التي تطال المواطنينquot;. وأضاف في تعليق على صفحته في شبكة التواصل الاجتماعي quot;فايسبوكquot; حول تصاعد التفجيرات التي تشهدها البلاد quot;بعد كل سلسلة من التفجيرات يظهر القائد العام للقوات المسلحة بخطب يتفنن بها في البحث عن تبريرات والتنصل عن المسؤولية وإلقاء اللوم على الآخرينquot;.

من جهته، اتهم ائتلاف quot;متحدونquot; بزعامة رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي القوات الأمنية بانتهاك حقوق الإنسان في عمليات الاعتقال والقتل عبر التعذيب الوحشي في سجونها ومعتقلاتها. وقال الائتلاف في بيان صحافي اليوم quot;إن الحكومة تنفذ منهجًا انتقاميًا طائفيًا بامتياز وتعامل العراقيين بسلوك الغاب، وإنها تزرع الكراهية اليوم من خلال انتهاكات حقوق الإنسان، وعمليات الاعتقال والقتل عبر التعذيب الوحشي في سجونها ومعتقلاتهاquot;.

وحمّل الائتلاف الحكومة وجميع المسؤولين عن تنفيذ هذه العمليات المسؤولية عن دماء العراقيين وأرواحهم، قائلًا quot;إن مناطق حزام بغداد ومحافظتي صلاح الدين (الغربية) ونينوى (الشمالية) تواجه منذ أسابيع سلوكًا لا ينمّ عن انتماء إلى تراب هذا الوطن، وتعاملًا أقل ما يوصف بالطائفي الاستفزازي المقيتquot;.

وأشار إلى أن عمليات الاعتقالات العشوائية وانتهاك حرمات البيوت والاعتداء على ساكنيها بالسبّ والشتم وسرقة الممتلكات وتجريف البساتين وحصار العديد من المناطق اقتصاديًا مثلما يحدث حتى اليوم في الطارمية (في ضواحي بغداد) وغيرها كل ذلك دليل إدانة صارخة ضد رموز الحكومة والقائمين عليها، وهم مطالبون بإيقاف هذه الممارسات فورًا والتراجع عنها وتعويض المتضررين.

اعتقالات ثأر الشهداء
وقال إن الحكومة تزعم أنها تحقق نجاحات عبر الحملة، التي أطلقت عليها (ثأر الشهداء)، وأنها اعتقلت المئات من المطلوبين وفق المادة سيئة الصيت 4 إرهاب، والموجّهة ضد مكون واحد في إشارة إلى السنة. وتساءل قائلًا quot;إذا كانت النجاحات المزعومة بهذا الشكل، فلماذا يقابل مئات المعتقلين مثلهم من شهداء وضحايا المفخخات والعبوات الناسفة الآثمةquot;.

وأكد quot;أن الحكومة التي وصلت إلى نهاية سوداء، عنوانها الفشل الذريع والفاضح في إدارة البلاد، لا تجد ما تستر به فضيحتها إلا الانتقام من أبناء مكون محدد لترضي أسيادها ومن تأتمر بأمرهمquot;. وشدد على أن الشعب عرف اليوم أنه محكوم من قبل ثلة من quot;الجلادينquot; الذين يتلذذون بتعذيب الأبرياء في السجون حتى الموت، وستكون للعراقيين قولتهم الفاصلة بحقهم قريبًا.

وكانت عملية quot;ثأر الشهداءquot; قد انطلقت في مطلع الشهر الحالي في مناطق شمال وغرب بغداد بالتنسيق بين قيادة عمليات بغداد و قيادة القوات البرية. وقد قتل أكثر من 800 شخص في هجمات خلال شهر رمضان، الذي بدأ في الأسبوع الثاني من تموز (يوليو)، وانتهى يوم الخميس الماضي في البلاد. واستهدف مسلحون أهدافًا، من بينها مقاهٍ يتجمع فيها العراقيون عادة بعد الإفطار يوميًا، ومساجد كانت تجري فيها صلاة التراويح.

جاءت أعمال العنف بعد أسابيع من هجمات جريئة على سجني أبو غريب والتاجي، تم خلالها تحرير مئات المعتقلين. وحذر محللون ومنظمة الأنتربول للشرطة العالمية من أن عملية الفرار من السجنين يمكن أن تؤدي إلى زيادة الهجمات، لأن العديد من الفارين يرتبطون بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام. واندلعت الاحتجاجات في المناطق التي تسكنها غالبية سنية في أواخر 2012، كما إنه إضافة إلى المشاكل الأمنية، فإن الحكومة العراقية تعاني من إخفاقها في توفير الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والماء النظيف وووقف انتشار الفساد بشكل واسع.

وعادة ما يتهم المالكي بتركيز السلطة في يديه، بينما يتهم هو خصومه السياسيين بالتحالف مع قوى خارجية. ولم يتم إطلاق سوى مبادرات رمزية، مثل اجتماع القادة السياسيين في الأول من حزيران (يونيو) الماضي، كما لم يتم اتخاذ سوى القليل من الخطوات الملموسة لمعالجة الأزمة السياسية، لذلك فإنه ليس من المتوقع أن تشهد البلاد هدوءًا قبل الانتخابات النيابية العامة، المقرر إجراؤها في أوائل العام المقبل.