خسرت المنوفية 21 مجندًا في الحادث الأخير الذي ذهب ضحيته 25 مجندًا قتلهم المسلحون في سيناء، فنذرت نفسها لقتال الاخوان المسلمين ورفعت لواء الجيش المصري وقائده عبد الفتاح السيسي، الذي وصفته بقلب الأسد وقاهر الارهاب.


سُجل المجند انيس نصر سعد النبي في عداد المفقودين، وكان أمضى ليلة 18 آب (اغسطس) في مدينة العريش. وفي اليوم التالي، توجه عائدًا إلى وحدته في رفح على الحدود المصرية مع قطاع غزة بعد انتهاء إجازته، لكن عائلته لم تتمكن من الاتصال به.

وظل شقيقه محمد يحاول الاتصال به طوال اليوم بلا جدوى. وبعد ظهر اليوم نفسه عرف السبب. فإن مسلحين اوقفوا حافلتين كانتا تقلان مجندين في قوات الأمن المركزي خارج مدينة رفح، وانزلوا ركابها ثم قيدوهم قبل أن يعدموهم بدم بارد على جانب الطريق.

وقُتل 25 مجندًا على الأقل في الهجوم، بينهم انيس، في أشد الهجمات دموية على قوات الأمن المصرية في شمال سيناء حيث ينشط مسلحون اسلاميون متطرفون.

وتصف الحكومة المصرية صراعها مع الجهاديين في سيناء بأنه حرب على الارهاب، كما استعارت من القاموس السياسي الاميركي عبارة أخرى حين اطلقت على حملتها في سيناء اسم quot;عاصفة الصحراءquot;. وبعد أن ربط قياديون في جماعة الاخوان المسلمين انهاء هجمات الاسلاميين المتطرفين في سيناء بعودة رئيسهم المخلوع، لم تعد لغة الحكومة تميز بينهم وبين الجهاديين في سيناء.

منوفية قلب الأسد

في القرى التي ينتمي اليها العديد من المجندين القتلى، تستعد عائلاتهم الآن لخوض حربهم الأصغر ضد الارهاب. وكان 21 من المجندين الخمسة والعشرين الذين قُتلوا قرب رفح من محافظة المنوفية، بمن فيهم انيس، وهي منطقة ريفية غالبية اهلها يعملون في الزراعة، وعلى طرقها تختلط الحمير والخيول والأغنام مع الشاحنات التي تنقل محاصيلهم إلى السوق.

وتحولت محافظة المنوفية اليوم إلى معقل لقائد الجيش الفريق عبد الفتاح السيسي. وتستقبل احدى بلدات المحافظة زائرها بلافتة تسمي السيسي quot;قلب الأسد، قاهر الارهابquot;.

ولا توجد إلا علائم مبعثرة تنم عن وجود معارضة، هي ملصق للرئيس المعزول محمد مرسي على باب احد المباني، وشعار خُط بالانكليزية على عجل يندد بالفريق السيسي. وفي القرية التي نشأ فيها انيس، ليس لدى اهلها أدنى شك بأن الحملة ضد الجهاديين في سيناء وفض اعتصامات المحتجين المطالبين بعودة مرسي في القاهرة وصراعهم المحلي مع الاخوان المسلمين في المنوفية جبهات مختلفة في حرب واحدة على الارهاب.

ولخص طارق جمعة (43 عامًا) من سكان القرية وجهة نظرهم بما حدث لمجلة فورين بوليسي قائلًا: quot;كان هناك كمين نفذه الاخوان المسلمون الذين اوقفوا السيارة وضربوهم بالنارquot;.

وكانت جماعة الاخوان المسلمين دانت الهجوم ونفت أي علاقة لها، ولكن جمعة لم يقتنع، وقال: quot;من ينفذ هجمات ارهابية في البلد؟ إنهم الاخوان ولا أحد غير الاخوانquot;. واضاف أن الجماعات الاسلامية quot;كلها واحدة، كلها شيء واحدquot;.

النار على الجنائز

بلغ غضب الأهالي من الاخوان درجة الغليان، حين شيعت المنوفية ابناءَها الذين قُتلوا في سيناء. وقال محمود عم انيس إن الحوادث بدأت فور ارسال جثث المجندين إلى قراهم. وأكد لمجلة فورين بوليسي أن الاخوان المسلمين اقاموا حواجز تفتيش على الطرق البعيدة، في محاولة لوضع ايديهم على الجثامين كي يتمكنوا من استخدام اسمائهم وصورهم لصالح قضيتهم.

ولا يمكن التأكد مما قاله ذوو انيس، لكن ما لا شك فيه هو أن اشتباكات متفرقة وقعت في محافظة المنوفية منذ عزل مرسي. وقال جمعة إن أعمال العنف بدأت بعد أن اطلق اخوانيون النار على احدى الجنائز.

ولاحظ جمعة أن الشيء الوحيد الذي يحفظ هذه المنطقة هو الشرطة، وإذا غاب رجال الشرطة عن الصورة ستعمّ الفوضى. واهم شخصية تمنع انزلاق المنوفية بل مصر كلها إلى الفوضى هو الفريق السيسي. وقال حامد المشلاوي (41 عامًا) من سكان قرية ميت شامي إن السيسي رمز الرجولة.

وإزاء الوضع الحالي في محافظة المنوفية، فإن قائد الجيش المصري يفعل الكثير لمساعدة أهلها في معركتهم ضد الاخوان المسلمين. وقال محمود عم انيس: quot;الجيش موجود منذ مئات السنين لحماية هذا البلد، وما الاخوان المسلمون إلا دخلاء جاؤوا إلى هذا البلد ويحاولون تدميره، وسنكون أكثر من سعداء لتقديم ارواحنا واملاكنا من اجل القضاء على الارهاب، فموت انيس أو أي مجند آخر لن يثنينا عن ذلكquot;.