يشعر اللاجئون السوريون في مخيم الزعتري شمال الأردن، والذي يضم 130 ألف شخص، بالإحباط واليأس، بسبب ظروفهم المعيشية الصعبة وطول انتظارهم نهاية النزاع، الذي أجبر أكثر من مليوني شخص على الفرار من سوريا.


عمّان: يقول سعيد سالم (45 عامًا)، وهو مزارع من درعا وأب لأحد عشر طفلًا بترت يده اليمنى في قصف جوي في سوريا قبل نحو عامين، لوكالة فرانس برس، quot;نقضي كل وقتنا أمام شاشات التلفزيون، نرى الخراب والدمار والموت يعمّ بلادنا، بينما العالم يتفرّج عليناquot;.

وأضاف وهو جالس في خيمته الصغيرة وقد أحاط به عدد من أفراد أسرته quot;لقد زادت معاناتنا بسبب امتداد أمد النزاع وطول الانتظار، وظروف حياتنا الصعبة واستنزافنا لأموالناquot;. وأوضح سالم أن quot;سكان المخيم يزدادون يومًا بعد يوم، ومشاكلهم هي الأخرى تكثر وتزداد يومًا بعد يوم، الوضع محبطquot;.

وأعلنت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة الثلاثاء عن تخطي عدد اللاجئين السوريين عتبة المليونين. وذكرت المفوضية أن عدد هؤلاء اللاجئين في دول جوار سوريا قبل سنة بالتمام كان 230 ألف و671 لاجئًا، انضم إليهم 1.8 مليون لاجئ جديد خلال الأشهر الـ12 الأخيرة.

يؤكد اللاجئ محمد الدرعاوي (35 عامًا) وهو مزارع من درعا، أن quot;الحياة هنا أصبحت صعبة جدًا، نعيش في الصحراء من دون طعام صحي أو مياه نظيفة أو دواء أو عمل أو مال. مشاكلنا بدأت تزداد، الأمور أصبحت لا تطاقquot;. ويضيف وقد أحاطت به طفلتاه quot;عندما يكون هناك عشرات الآلاف من الناس محتجزون في مكان واحد بلا عمل يملأ أوقات فراغهمن وبلا ومال يمكنهم من شراء احتياجاتهم، عليك أن تتخيل أنت شكل هذه المشاكل!quot;.

منسيون في معتقل كبير
ويشعر الكثير من اللاجئين في مخيم الزعتري المزدحم بآلاف البيوت المتنقلة والخيام في الصحراء شمال الأردن، والذي افتتح في تموز/يوليو من العام الماضي، بأنهم متروكون ومنسيون في هذه المنطقة الحدودية النائية. ويوضح علي سلمان (38 عامًا) وهو يدخن سيجارته ويمعن النظر في أطفاله الخمسة، الذين بدوا في حال يرثى لها وهم يلعبون أمام الخيمة quot;نعيش في ظروف صعبة، ونتناول طعامًا وماء ملوثًا. لم نذق طعم الفواكه منذ أشهر، وإذا مرضنا لاتوجد عناية طبية كافيةquot;.

وأضاف لفرانس برس quot;ماذا ينتظر العالم أكثر كي يتحرك ويساعدنا؟، لماذا لا يفعل شيئًا لنا ولأطفالنا؟، ألا يشاهدوا المجازر التي تحصل في سوريا كل يوم؟، لقد مات أكثر من 100 ألف شخص، ألا يكفي هذا العدد للتدخل؟quot;. ومعظم سكان المخيم هم من درعا جنوب سوريا القريبة من الحدود مع الأردن، مهد الاحتجاجات التي انطلقت في آذار/ مارس 2011 ضد نظام الأسد.

ويؤكد حسن النشوة (48 عامًا) وهو من درعا وأب لثمانية أطفال لا يذهب أي منهم لمدارس المخيم، وهو جالس في دكانه الصغير أن quot;لا مستقبل ينتظر أولادي في هذا المكان البائس. إنهم يعملون، وأكبرهم (19 عامًا) يعمل زبالًا، ويساعدونني على تحمل تكاليف الحياةquot;. يضيف النشوة، الذي يبيع، إضافة إلى الخضر ومياه الشرب، لعب أطفال، من بينها مسدسات بلاستيكية: quot;نحن في معتقل كبير، وحياتنا صعبة جدًا، ولا أحد يشعر بحالناquot;، مشيرًا إلى أنه حاول الخروج من المخيم بكفالة quot;لكن سلطات المخيم لم تسمح لنا بالخروج جميعًاquot;.

وتساءل أين المجتمع الدولي، أين العالم؟، ماذا ينتظر؟، لماذا لا يجدوا لنا حلًا لأزمتنا، نريد أن نعود إلى منازلناquot;. وعند مدخل المخيم، يصطف عشرات الأطفال أمام عرباتهم المعدنية أملًا في أن يطلب منهم أحد الزوار نقل أغراضه إلى أحد زوايا المخيم الكبير المترامي الأطراف.

حلم العودة
يقول محمود جمال (12 عامًا) لوكالة فرانس برس quot;أنا أعمل لمساعدة عائلتي، فوالدي مريض، وأخي الأكبر مصاب بشظايا لا يقوى على العمل، والبقية هم أربع بنات لا يمكنهن العملquot;. وأضاف وهو يضع قطعة قماش على رأسه تقيه أشعة الشمس quot;أقف هنا كل صباح إلى حين غروب الشمس، وأقوم بنقل الخيم والأسرّة والأغطية والمواد الغذائية مقابل ليرتين أو ثلاثquot;، مشيرًا إلى أنه لم يعمل منذ ثلاثة أيام.

وتابع جمال، الذي هربت عائلته من درعا قبل سبعة أشهر: quot;آمل أن نتمكن قريبًا من العودة، فأنا مشتاق لبيتي ومدرستي وأصدقائيquot;. بينما تقول حنان (38 عامًا)، وهي أم لأربع بنات، بحسرة وألم: quot;هنا الوضع مأساوي بكل معنى الكلمة، نحن لا نرسل بناتنا إلى المدرسة خوفًا عليهن، لم يعد لدينا مورد رزق، ولا أحد يساعدنا في هذه الحياة الصعبةquot;. وأضافت وهي تقف في باب خيمتها quot;كل مساء يكون حديثنا أنا زوجي هو نفسه الحديث: هل نعود إلى بلدنا أم نبقى؟quot;.

وأدى النزاع السوري، المستمر منذ نحو 30 شهرًا، إلى هروب أكثر من مليوني شخص إلى دول الجوار، يتواجد 550 ألفًا منهم في الأردن، ونزوح أكثر من أربعة ملايين شخص في داخل سوريا هربًا من أعمال العنف، التي أودت بأكثر من 100 ألف شخص، بحسب الأمم المتحدة.

وتهدد الولايات المتحدة بشن ضربة عسكرية على أهداف للجيش السوري لمعاقبة نظام بشار الأسد على هجوم كيميائي، اتهم بتنفيذه في 21 آب/أغسطس في ريف دمشق. وأعلن مسؤولون أميركيون أن الضربات العسكرية، إن حصلت، ستكون quot;محددة الأهداف وضيقةquot;، وستستهدف مواقع عسكرية فحسب.