أعلن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في ختام اجتماع للقادة العراقيين عن اتفاقهم على جملة اجراءات لمواجهة آثار ضربة عسكرية محتملة لسوريا يتقدمها دعم المصالحة الوطنية وعقد المؤتمر الوطني لحل الأزمة في البلاد ومواجهة التحريض الطائفي والاستجابة لمطالب المحتجين في المحافظات الغربية والشمالية.


أكد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في كلمة له لدى اختتام اجتماع طارئ للقادة العراقيين بمكتبه استمر حتى ساعة متأخرة من ليلة أمس، اتفاق القادة السياسيين على رفض الضربة العسكرية المحتملة لسوريا وتبني مبادرة العراق لحل الازمة وادانة استخدام السلاح الكيميائي وتكثيف الجهد لحل الازمة وترصين الصف الوطني والتزام وسائل الاعلام بالمهنية ودعم الاجهزة الأمنية في التصدي للإرهاب والمليشيات.

وأضاف المالكي أن القادة ناقشوا الاوضاع والتطورات التي تعيشها المنطقة والظروف الحرجة الحالية التي تمر بها واحتمال التدخل في سوريا وأعلن تبني القادة لمبادرة العراق لحل الازمة السورية ورفض الضربة العسكرية المحتملة والدعوة إلى دعم الجهود الدبلوماسية.

وكان المالكي أعلن الاربعاء الماضي مبادرة من 8 نقاط تقضي بوقف فوري لاطلاق النار بين الاطراف المتنازعة في سوريا ودخولها في مفاوضات تقود لتشكيل حكومة موقتة تنظم انتخابات عامة يختار خلالها الشعب حكامه لكن المبادرة تجنبت الحديث عن مصير الأسد.

وأشار المالكي في كلمته إلى أنّ المجتمعين دعوا إلى ترصين الصف الوطني والتزام وسائل الاعلام بالمهنية ودعم الاجهزة الأمنية في التصدي للإرهاب والمليشيات كما اتفقوا على ادانة استخدام السلاح الكيميائي من أي جهة كانت ومنع استخدامه مستقبلاً، مؤكدًا على quot;ضرورة تكثيف الجهود واستمرارها لايجاد حل سياسي للازمة السورية لتجنب ويلات الحروب.

وقال إن القادة اتفقوا ايضًا على العمل لترصين الصف الوطني وحل المشاكل الداخلية وادامة الحوار ومبادرة السلم الاجتماعي وعقد المؤتمر الوطني والعمل على تهدئة الساحة ونبذ الخطاب التحريضي.. إضافة إلى الاتفاق على ضرورة دعم الاجهزة الأمنية في التصدي وبكل قوة للإرهاب والميليشيات وحصر السلاح بيد الدولة واقرار التوازن الوطني ودعم مشروع المصالحة الوطنية والعمل على الاستجابة لمطالب المحتجين في محافظات غربية وشمالية تشهد اعتصامات منذ اواخر العام الماضي للمطالبة بما يقولون إنه اجحاف يتعرض له المكون السني في البلاد المستهدف من السلطات وقواها السياسية والأمنية.

استنفار أمني وخدمي

وفي ختام الاجتماع، قال مصدر رسمي إن رؤساء الكتل السياسية والرئاسات الثلاث المجتمعين في مكتب المالكي أكدوا رفض الحل العسكري في سوريا وتوحيد الصف الوطني لمواجهة التحديات وتوفير الاحتياطات اللازمة على المستويات الأمنية والخدمية.

وأكد أنه كان هناك اجماع على ضرورة توحيد الخطاب الوطني في مواجهة التحديات الراهنة والناتجة عن التطورات الخطيرة للازمة السورية حيث كانت النقاشات ايجابية بهذا الصدد، اذ شدد الجميع على ضرورة توحيد المواقف لمواجهة أي تداعيات خطيرة على العراق نتيجة أي عمل عسكري للجارة الغربية التي تشترك معه بحدود طويلة تصل إلى 680 كيلومتراً.

وتناولت مباحثات الرئاسات العراقية الثلاث للجمهورية والبرلمان والحكومة وممثلي الكتل السياسية تداعيات الازمة السورية والتهديدات بضربة عسكرية لنظام دمشق على العراق، حيث شارك في الاجتماع إضافة إلى المالكي نائب الرئيس العراقي خضير الخزاعي ورئيس مجلس النواب اسامة النجيفي ورئيس التحالف الوطني الشيعي ابراهيم الجعفري والقيادي في المجلس الاعلى الاسلامي رئيس لجنة العلاقات الخارجية النيابية همام حمودي ورئيس كتلة التحالف الكردستاني في مجلس النواب فؤاد معصوم وعدد من الشخصيات البرلمانية في التحالف الوطني والتحالف الكردستاني والقائمة العراقية.

وتم خلال الاجتماع ايضاً بحث اتخاذ موقف وطني موحد ازاء التحديات الحالية والمستقبلية واتخاذ التدابير اللازمة لمواجهتها والعمل على تحصين الجبهة الداخلية بما يعكس وحدة العراقيين وتعاونهم لتدعيم أمن واستقرار بلدهم، كما أشار علي الموسوي المستشار الاعلامي للمالكي في تصريح نقلته فضائية quot;العراقيةquot; الرسمية.

وتنقسم الكتل السياسية في البلاد بمواقفها حيال الازمة السورية بين داعم للمعارضة المسلحة من قبل السنة الاكراد وأخرى داعمة للنظام من الشيعة، اما الحكومة فتتخذ موقفًا محايدًا وتدعو إلى حل سياسي للازمة وترفض تسليح الجماعات المعارضة لنظام الرئيس بشار الأسد. وكان النجيفي أكد الاحد أن الضربة الاميركية المحتملة لسوريا quot;غير مفيدةquot; معتبرًا أنها quot;ستشعل ناراً في العراق والمنطقة.

وتسود الأوساط السياسية والشعبية في العراقية الخشية والقلق من احتمال تأثر العراق بأي ضربة عسكرية توجه لسوريا، وعلى هذا الأساس تجري الكتل السياسية العراقية منذ ايام اتصالات ثنائية وجماعية لتدارس الوضع وبحث سبل تحصين الجبهة الداخلية العراقية في مواجهة التطورات المتوقع حودثها بالمنطقة.

وكانت الحكومة العراقية أعلنت نهاية الشهر الماضي حالة استنفار قصوى في صفوف القوات المسلّحة لمواجهة تداعيات الأزمة السورية وقرار الولايات المتحدة الأميركية توجيه ضربة عسكرية لسوريا.
وأعلن المالكي استنفارًا على الصعد الأمنية والاقتصادية والخدمية والصحية في بلاده، ودعا القوى السياسية إلى موقف موحد يجنب العراق مخاطر حرب شعواء قال إن المنطقة تشهدها حاليًا.

وأشار إلى أن حكومته قد اتخذت الاجراءات اللازمة لتفادي أي مخاطر قد تنشأ من ضرب سوريا لمواجهة التحديات التي ستفرزها هذه التطورات والتخفيف من اثار الحرب على الاوضاع في بلاده بمختلف مجالاتها.

رئاسة الاركان العراقية تبحث مواجهة أي طارئ

وفي وقت سابق اليوم، عقدت رئاسة الأركان العراقية مؤتمر عمليات لمجابهة أي طارئ بعد تسارع الأحداث في سوريا. وأعلنت وزارة الدفاع العراقية في بيان صحافي تسلمته quot;إيلافquot; أن رئاسة أركان الجيش العراقي عقدت مؤتمر عمليات لجميع القيادات والصنوف لمتابعة تنفيذ توجيهات القائد العام للقوات المسلّحة رئيس الوزراء نوري المالكي باستنفار جميع الإمكانيات لمجابهة أي طارئ بعد تسارع الأحداث في سوريا.

كما تفقد وزير الدفاع العراقي سعدون الدليمي محافظة الأنبار على الحدود مع سوريا للإطلاع على الاستعدادات العسكرية هناك في مواجهة أي طارئ، وللحيلولة دون تسلّل المسلّحين من جانبي الحدود.

يذكر أنّ سوريا تشهد منذ منتصف آذار (مارس) عام 2011 حركة احتجاج شعبية واسعة بدأت برفع مطالب الإصلاح والديمقراطية وانتهت بالمطالبة بإسقاط النظام بعدما ووجهت بعنف دموي من قبل قوات الأمن السورية، ما أسفر عن سقوط ما يزيد عن 110 آلاف قتيل وحوالي 200 الف معتقل، إضافة إلى حوالي 6 ملايين لاجئ في دول الجوار ومهجر إلى الداخل.