دعا رئيس المجلس الإسلامي الأعلى في العراق عمار الحكيم إلى الاستعداد لما أسماه بعاصفة سوريا، معتبراً أنها ستكون الأخطر التي تواجهها البلاد منذ عام 2003 ،داعيًا القادة السياسيين إلى تجميد الأزمات والخلافات بينهم، فيما مهّد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر للعدول عن اعتزاله السياسة بفتح مكتبه في النجف فور عودته اليها بعد أن قضى الاشهر الاخيرة بين ايران ولبنان.


لندن: قال رئيس المجلس الاسلامي الأعلى في العراق، عمار الحكيم إن المنطقة تعيش الآن حالة من الترقب والتأهب للعاصفة القادمة من سوريا، والتي ستتوج العواصف التي شهدها العراق على مدار عقد كامل من الزمان منذ عام 2003 وحتى اليوم . وحذّر في كلمة له في الملتقى الثقافي الأسبوعي للمجلس الأعلى بحضور جمع غفير من مواطني العاصمة، واطلعت quot;إيلافquot; على نصها اليوم، من أن هذه العاصفة هي الاكبر من سابقاتها، وتساءل قائلاً: quot;هل يدرك الجميع خطورة هذه العاصفة واستعد لمواجهتها والوقوف بوجهها، وهل بنينا المصدات الوطنية للوقوف بوجهها وتقليل شرورها وسلبياتها علينا؟، وهل أن النخبة السياسية جلست واجتمعت وتدارست ووضعت الخطط المناسبة لمواجهة هذه العاصفةوالعوارض الجانبية والتبعات السلبية لها لاسيما وأن الاضرار الجانبية لها معقدة ومتنوعة ومتشعبة وقد تمتد إلى مساحات جغرافية وسياسية واسعة؟quot;.
وأكد الحكيم أن تسارع الأحداث يحتّم مصارحة الشعب بهذا الخطر، موضحًا أن الخطوة الأولى المطلوبة لمواجهة هذه العاصفة هي اعتماد سياسة تجميد الأزمات quot;ولا اقول تصفير الأزمات أو تفكيكها وحلها لاننا نعرف أن الوقت قصير، ولايسمح الآن بذلك، ولكن بامكاننا أن نجمّد هذه الأزمات حتى نعبر هذه العاصفة ونتعاطى مع تبعاتها وعوارضها الجانبية، وبعد ذلك نعود لنحل مشاكلنا بشكل كامل على اننا ندرك بأن العديد من هذه الأزمات إنما جاءت وليدة للتركيبة السياسية التي تشكلت على أساسها الحكومة ووليدة للتحالفات الناتجة عن مصالح آنية، والتي اجتمعت عليها أغلب القوى المشاركة في هذه الحكومة فولدت هذه الأزمات المتلاحقة، واذا كنا امام مرحلة جديدة وانتخابات تضعنا امام حكومة جديدة وتحالفات جديدة وفريق يمكن أن يكون متجانساً يعمل مع بعضه، فإن هذه المعادلة وهذه التركيبة الجديدة بحد ذاتها يمكن أن تخفف وتزيل الكثير من الأزمات التي نواجهها اليوم، وسنتمكن في ظل فريق متجانس أن نعالج ما تبقى من الأزمات بروية وحكمةquot;.
وطالب الحكيم المسؤولين من اصحاب القرار إلى الوقوف وقفة واحدة مجتمعة وتبني سياسة تجميد الأزمات في هذه المرحلة والتفرغ للعاصفة المقبلة والاستعداد لها ومواجهتها، بما يضمن مصالح الوطن والمواطن... موضحًا بالقول: quot;اذا اعتمدنا سياسة تجميد الأزمات فسوف لن يقلق أي منا أن يلتقي بالآخر، لانه سيعرف أن هذا اللقاء ليس فيه حرج أو إحراج وسوف لن يجري الحديث فيه، فيما هو متنازع عليه ومختلف فيه وانما سيتركز الحديث على العاصفة المقبلة والأخطار التي تلم بالوطن والمواطن والاجراءات المطلوبة لمواجهة هذه العاصفة، فنحن رجال مسؤولية والتزام وعلينا أن نتحمل العبء الأكبر على قدر التحديات التي تواجه الوطن والمواطنquot;. وعبّر عن ارتياحه من نتائج لقاء القادة الاثنين الماضي في التعبير عن موقف موحد تجاه القضايا الاقليمية ولاسيما قضية سوريا والضربة العسكرية المفترضة لها.
واشار إلى أن البعض اصبحوا يروجون لسيناريوهات عديدة ومقلقة للوضع العراقي على ضوء التطورات الحاصلة في سوريا، وبعض هذه السيناريوهات جاءت قاصرة وبعيدة عن الشمولية والرؤية العميقة والواقعية للأمور وبعضها الآخر جاء لتهول الأخطار من أجل زرع الخوف في قلوب المواطنين وتأجج الفتنة الطائفية بين الناس وهز مكانة الدولة.
وقال quot;اننا نؤكد أن مثل هذه السيناريوهات بعيدة عن الواقع وتسعى إلى ترهيب المواطنين واخافتهم لكننا لسنا في دولة كرتونية ولا نقود أحزاباً وتيارات سياسية استعراضية، ولسنا في شعب بعيد عن القوة والعمق الحضاري والانساني كما هو الشعب العراقي، ولا بد أن نتعرف جيدًا على مكامن قوتنا وعناصر القوة المتوفرة في الشعب، وفي قوانا فنحن نمتلك من عناصر القوة الشيء الكثير، والذي قد يفاجىء كثيرين في هذا العالم حينما يجد الجد واذا اقتضت الضرورة سيتوجب علينا ابراز عوامل قوتنا التي ستطمئن ابناء شعبنا بشكل واضح .
واشار إلى أن قوة العراقيين هي في الدفاع عن مشروعهم ووطنهم وبلدهم، وهذا أكبر وأقوى مما يتصوره الآخرون... وشدد بالقول إن العراقيين لن يعودوا إلى زمن المقابر الجماعية والاعدامات على الطائفة والهوية وزمن الحقوق المسلوبة quot;فشعبنا بكل مكوناته وقومياته وطوائفه ودياناته قد ذاق طعم الحرية وتشبع بحلاوة الحرية التي عاشها على مدار السنوات الماضية ولايمكن أن يعود للاستعباد ومرارة الاستعباد من جديد مهما صعبت التحديات وطالت في مدتها وزمانها لأن العراقيين سوف لن يفرطوا بهذه الحرية التي اكتسبوهاquot;.
وشدد الحكيم بالقول: quot;اننا جاهزون ومستعدون للدفاع عن شعبنا ووطننا والقتال مع من يستهدف الوطن وهذا الشعب بكل ما اوتينا من قوة مهما طال الزمن، ولكننا في الوقت نفسه اصحاب مشروع ورافعو راية السلام والوئام والتسامح والمحبة ونمد يد التسامح والمحبة إلى جميع دول الجوار والمنطقة، ولا نريد إلا الخير لكل هذه الشعوب، ولكن لايخطر ببال أحد أننا سنرفع راية الاستسلام في يوم من الايامquot;.
يذكر أن العراق يشهد منذ مطلع العام هجمات شبه يومية هي الاعنف منذ العام 2008، مع سقوط اكثر من اربعة آلاف قتيل منذ مطلع العام الحالي 2013 ، بحسب احصائية استناداً إلى مصادر طبية وامنية.
الصدر يمهّد للعدول عن اعتزاله السياسة بفتح مكتبه في النجف
مهد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر للعدول عن اعتزاله السياسة بفتح مكتبه في النجف فور عودته إليها، بعد أن قضى الأشهر الأخيرة بين ايران ولبنان .
وعبّر الصدر في بيان عن رضاه عن اتباعه، وتنظيمهم خلال قيامه بزيارة لمرقد والده الراحل آية الله السيد محمد محمد صادق الصدر في النجف (160 كم جنوب بغداد) فور عودته اليها الليلة الماضية، حيث جاءت اشادته بتنظيم اتباعه بمثابة قبول انهاء عزلته السياسية، حيث كان اشترط على اتباعه لانهاء اعتكافه ومقاطعته العمل السياسي اعادة تنظيم انفسهم والتخلي ممن اساء إلى التيار الصدري.
وقال الصدر في بيان اليوم حصلت quot;إيلافquot; على نصه quot;على الرغم من انني أميل للعزلة والاعتزال عن المجتمع إلا إنني لم استطع أن أقف ساكتًا أمام هذه الجموع الطيبة المؤمنة السائرة إلى (أبيها الصدر) و (منقذها الصدر) و (محررها من الظلام) تلك الجموع التي جمعها حب الصدر وآل الصدر والوفاء اليه، فتقبل الله اعمالكم وحشرنا وأياكم مع هذا الرجل العظيم والمرجع الكبير والسيد الجليل والولي التقي النقي، فشكراً لكم ايها الزائرون فقد اثبتم ولاءكم لنا آل الصدر وشكراً للعاملين وشكراً للجهات الأمنية والخدمية وفعلاً إن تجمعكم هذا أدخل السرور على الصديق وأغاض العدو وحيث رأيتكم ورأيت عددكم وتنظيمكم فقد خشع بصري وانهمرت دموعي وفعلا سوف ارفع رأسي عالياً بكم امام الاشهاد، أذ سرتم على نهج السيد الوالد (قدس سره) بحق فتكاملتم اسلامياً وعقائدياً وثقافياً وتنظيمياً وادارياً وتوحدتم وتصافيتم وتركتم الدنيا لإهل الدنيا سائلاً العلي القدير أن يقر عيننا بكم لنصرة الاسلام والمسلمين والعراق والعراقيين والحمد لله رب العالمينquot;.
وفور ذلك، أمر الصدر باعادة افتتاح مكتب الشهيد الصدر المركزي في النجف بعد إغلاقه بسبب العزلة والاعتكاف الذي قرره الصدر نهاية رمضان الماضي . وأكد مصدر رسمي في التيار أن الصدر امر بأن يترأس الشيخ علي سميسم عميد كلية الفقه سابقاً مهام ادارة المكتب.
وكان الصدر قد أعلن مطلع الشهرالماضي اعتزاله الحياة السياسية واغلاق مكتبه الخاص، احتجاجاً على الوضع المتردي الذي تمر به البلاد. .. فيما كشفت مصادر مقربة منه عن قراره اعتزال الحياة السياسية وإلغاء الدوائر السياسية المرتبطة به وعدم المشاركة بأي عمل سياسي بنحو مباشر خلال المرحلة المقبلة في حين أكدت كتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري أن القرار جاء نتيجة quot;رفض الصدر المشاركة في أي مؤامرة ضد العراق من خلال البقاء في العملية السياسيةquot;.
يذكر أن المرجع الديني محمد محمد صادق الصدر قتل في عام 1999 مع نجليه مصطفى الصدر ومؤمل الصدر لدى عودتهم من صلاة الجمعة على يد مخابرات النظام السابق قرب منزله في حي الحنانة وسط النجف.