زادت وفاة ماجد الماجد المشهد السياسي والأمني اللبناني تعقيدًا، إذ يسوق فريق 8 آذار أن السعودية أسكتته إلى الأبد، لأنه المسؤول عن عمليات إستخبارية أمرت بها.
غاندي المهتار وحيان الهاجري: تضاربت المعلومات في البداية، لكن مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر قطع الشك باليقين، مؤكدًا وفاة ماجد الماجد في المستشفى العسكري، بعد تدهور صحته مساء أمس، ونقله إلى المستشفى ليلًا.
وطلب صقر من الطبيب الشرعي معاينة سريرية دقيقة للماجد، ورفع تقرير طبّي بأسباب وفاته، يُضاف إلى ملفه الصحي، خصوصًا أن ملفه الأمني لم يستكمل بسبب عدم الاستماع إلى إفادته قبل وفاته بتسمم الدم، الذي كان اصيب به، وكان يعالج منه بغسل الكلى، قبل اعتقاله في 27 كانون الأول (ديسمبر) الماضي.
واسطة عقد
لا بد أن وفاة الماجد حرمت الأجهزة الأمنية اللبنانية والسعودية الكثير من المعلومات، التي كانت بحوزته، وكانت ستكشف الكثير من الأسرار التي أحاطت بعمليات أمنية عديدة، منها ما ألصق بكتائب عبد الله عزام، التي يتزعمها الماجد منذ العام 2010، ومنها ما أعلنت الكتائب نفسها عن مسؤوليتها عنها، كتفجير السفارة الإيرانية في بئر حسن أخيرًا. وهذا ما سيترك اثرًا محسوسًا في مسألة اقتفاء اثر quot;الارهابيينquot; الذين يجندون الانتحاريين اللبنانيين، إذ كان الماجد واسطة عقد لا يستهان بها، لطالما أتى ذكره في محاضر تحقيق لبنانية ودولية، على أنه أحد الضالعين شخصيًا في عمليات كبرى.
وفي لبنان مقلبان، على العادة اللبنانية منذ العام 2005. قوى 14 آذار تترك المسألة للجيش ومخابراته، وللأجهزة الأمنية الأخرى، مؤكدةً أن السعودية تلاحق الماجد قبل أن يلاحقه لبنان، أو أن تلاحقه إيران بتهمة تفجير سفارتها في بيروت، وهو الذي تدرب في إيران لينفذ العمليات الإرهابية في السعودية ومناطق خليجية أخرى.
وتؤكد هذه القوى أن القبض على الماجد، المطلوب سعوديًا، تم بتعاون إستخباري بين خلية أمنية سعودية في لبنان وبين إستخبارات الجيش اللبناني، من دون أن تنكر العلاقة الوثيقة بين هذه الاستخبارات وحزب إلله.
ولا تزيد هذه القوى على الأمر أي إضافة، فقد مات الماجد بالفشل الكلوي، ونبأ موته لم يلق الصدى الكبير في صفوفها.
قتلته السعودية!
إلا أن مصدرًا مقربًا من قوى 8 آذار يزعم أن صمت خصومها ليس بريئًا، بل هو تنفس الصعداء، مما قد يفشيه الماجد من أسرار، يقول ان قوى 14 آذار لا تريد أن تُكشف.
ويضيف أن سقوط الماجد تم بمسعى وجهد من أمن حزب الله، بإشراف إستخباري إيراني، من دون اي اعتراف لبناني رسمي بذلك، بل التزم الجيش صمته، ولم يعلن عن اعتقال الماجد، إنما السفير السعودي في لبنان علي عواض العسيري هو من أعلن الأمر، بتسريبه اولًا إلى الاعلام ثم الاعلان عنه صراحة، ما أوقع لبنان في الارتباك.
ويؤكد هذا المصدر لـ quot;إيلافquot; أن السعودية وضعت كل ثقلها لاسترداد ماجد الماجد، منذ اليوم الأول لاعتقاله، بالرغم من أن لا اتفاقية لتبادل السجناء بين لبنان والسعودية، لأنه مواطن سعودي.
ويزعم أن المملكة تناست كل السعوديين المسجونين في سجن رومية، أو في السجون السورية أو العراقية، ومنهم محكومون بالاعدام، فما كان من سبيل إلا الخلاص من الماجد بسرعة، رغم أن التقارير الأولية أكدت قدرة الماجد على الكلام بعد اعتقاله، ويتساءل المصدر: quot;لمَ الماجد بالذات؟ أليس لأنه على علاقة وطيدة بالاستخبارات السعودية، ينفذ أوامرها في لبنان وسوريا؟ وإن كان هو فعلًا المطلوب رقم 70 على لائحة المطلوبين في السعودية، لماذا لم يدرج اسمه على اللائحة الخليجية السوداء؟quot;
ردًا على هذه النقطة بالذات، يؤكد مصدر مقرب من قوى 14 آذار أن ارتباطات الماجد بإيران quot;عميقةquot; وتؤكد أنّه تلقى تدريبًا مطولًا في معسكرات الحرس الثوري فوق الأراضي الإيرانية.
يضيف المصدر أن الماجد quot;كان مكلفًا طوال السنوات الماضية بعمليات أمنية معقدة تستهدف أمن السعوديّة والخليج ولاحقًا لبنانquot;. ويتساءل مصدر 14 آذار: quot;لقد كان الماجد المتهم الرئيسي الاول بتفجير الضاحية وكلنا يعلم أن التفجيرات المتنقلة في الضاحية تفيد حزب الله في صراعه الحالي مع الثوار السوريين حيث تخدمه في رص صفوف مناصريه، وتجنيد المزيد منهم للقتال هناك، أكثر مما تفيد الثوار السوريين الذين استبعد أن يكونوا هم المسؤولين عن قتل المدنيين اللبنانيين بالسيارات المفخخةquot;.
على مقلب آخر، يسوق مصدر 8 آذار أن quot;التحقيقات تؤكد أن الماجد كان يمول عمليات فتح الاسلام، وبايع أبو محمد الجولاني أمير جبهة النصرة، ووثق علاقاته بتنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام، وهذا ما يؤيد اتهام حزب الله للسعودية بتفجير السفارة الإيرانية، وقتل الوزير السابق محمد شطح، ففتح الاسلام مذكورة في أكثر من مكان في محاضر التحقيق الأولية بمقتل شطح، والمصلحة السعودية الـ14 آذارية اليوم تقضي بموته سريعًاquot;.
توظيف داخلي
وقد نفى مصدر من 14 آذار المزاعم التي تسوقها قوى الثامن من آذار، ذكر مصدر في 14 آذار أنّ حزب الله هو الجهة الوحيدة القادرة على تصفية الماجد.
ويحيل المصدر المتابعين إلى مقالة نشرتها صحيفة الأخبار اللبنانية التابعة لحزب الله، والتي حذرت في مقال نتشر صباح اليوم من قتل الماجد للخلاص منه، ومن المعلومات التي يمكن أن تهز المنطقة إن أفشاها.
ويذكر المصدر بأن تلك هي عادة حزب الله في quot;طبخ عملياته القذرةquot;، هو الذي quot;يقتل القتيل ويمشي في جنازته كما يقول المثل اللبناني الشعبيquot;.
يذكر أن جريدة الأخبار كتبت: quot;قد تحتاج المؤسسة العسكرية إلى وقت لاتخاذ الاجراءات المناسبة لتأمين مكان توقيفه، وابقائه بعيدًا عن أعين وأيدي من لا يريدونه في السجن حيًا... أو يريدونه ميتًا!quot;.
وأضاف المقال أن الوصول الى كنز أسراره، يساويان الكثير الكثير، quot;وإن أي محاولة من قبل جهات خارجية، تأتي على شكل توصيات أو تمنيات أو إشارات للتخلص منه، ستكون الإشارة الأكثر سلبية، وستنعكس على الجيش، وعلى سمعة قيادته، وعلى الوضع الأمني في لبنان. وان مجرد الاستماع الى السعوديين الجدد في لبنان، سيرسم علامة استفهام كبيرة حول أمور تتجاوز المصالح الذاتية والآنيةquot;.
وفي رد المراقبين إلى هذا الكلام، الذي سبق بساعات إعلان نبأ وفاة الماجد، يريدون تسليط الضوء على مسير من الاتهامات التي تطال السعودية في لبنان، في استباق للأحداث من أجل استثمار الحدث، متى حدث، اليوم أو غدًا، في هذا السياق، وتوظيفًا له في الهجوم الداخلي على رئيس الجمهورية ميشال سليمان، بعد إعلانه هبة 3 مليارات دولار من السعودية للجيش اللبناني.
التعليقات