بدأ اليوم الأول من العام الميلادي الجديد أردنيًا بلجوء الحكومة إلى موجات متتالية من رفع الأسعار لبعض الخدمات والسلع، وهي موجات رافقت غلاء فاحشاً في أسعار الخضروات، الأمر الذي أطلق موجات عارمة من التندر والإحتجاج لكن إلكترونيًا.


بعد مرور 13 يومًا فقط من العام 2014، مررت الحكومة الأردنية رفعًا جديدًا وحادًا لأسعار الكهرباء، وسط إتهامات شعبية لحكومة الدكتور عبدالله النسور بأنها رفعت أسعار الكهرباء عمليًا عن شهر كانون أول (ديسمبر) من العام الماضي، وهي إتهامات لم تُعقّب الحكومة الأردنية عليها. كما مررت الحكومة الأردنية في الساعات الأولى من العام الحالي رفعًا لأسعار المشتقات البترولية إلتزامًا بقرار لجنة التسعير للمشتقات البترولية المنبثقة عن الحكومة الأردنية، التي تجتمع في اليوم الأخير من كل شهر لإجراء دراسة بحثية لأسعار البترول في السوق الدولية، ثم تنسب للحكومة بالإجراء الإقتصادي المناسب.

إتهام صريح

ظلت ردة الفعل الشعبية الأردنية هادئة جدًا، واقتصر الغضب الشعبي على مواقع التواصل الإجتماعي التي انقسم التدوين فيها بين موجات غضب لامست الخطوط الأردنية الحُمْر، وموجات أخرى للتندر والسخرية من القرارات الحكومية، إذ تتهم المغردة الأردنية نانسي القسوس الحكومات الأردنية بالسرقة، لأنها لا تقدم دراسات حقيقية ومقنعة عن سعر الكلفة للخدمات المقدمة للأردنيين. وإذ تُشكّك القسوس بمعلومة أن الحكومة الأردنية تقدم دعمًا ماليًا لأسعار بعض السلع الأساسية والخدمات، تعتقد أن الحكومات الحالية والسابقة تقوم بالربح من هذه الخدمات، وليس دعمها.

أخبار غير سارة

وإلى جانب موجات رفع أسعار الكهرباء والمشتقات البترولية، ينتظر الأردنيون أخبارًا غير سارة من المطبخ الإقتصادي للحكومة الأردنية، إذ تتوقع أوساط أردنية أن تمرر الحكومة الأردنية رفعًا جديدًا لقيمة الضريبة على بعض السلع، الذي سيؤدي إلى رفع أسعارها، وسط توقعات بأن تطال الضريبة مجددًا علبة السجائر المصنعة محليًا، وهي الأداة الوحيدة التي يستطيع الأردنيون التنفيس من خلالها عن الغضب الشديد الذي يتملكهم جراء القرارات الإقتصادية الظالمة.

مضاعفة الكهرباء

يقول ناصر المحيسن، وهو موظف حكومي يتقاضى راتبًا قدره 500 دينار أردني (نحو 700 دولار أميركي)، إن موجات الرفع والضرائب الأخيرة للحكومة إستهلكت نحو 25% من راتبه، ويشرح لـquot;إيلافquot; أن فاتورة الكهرباء الشهرية كانت تأتيه بمعدل 30 ديناراً أردنيًا، لكنه فوجئ بأن فاتورة شهر كانون الثاني (ديسمبر) قيمتها 65 دينارًا، رغم أن معدل إستهلاكه لم يتغيّر. ويلفت المحيسن إلى أنه بصرف النظر عن تقبله لفكرة رفع أسعار الكهرباء، فإن نسبة الرفع تقترب من 100%، وإلا كيف تتضاعف قيمة فاتورته الشهرية، علمًا أن الحكومة قالت إن نسبة تقليص الدعم على إستهلاك الكهرباء ستقل نحو 15%، وهو أمر تشكّك فيه قطاعات عريضة من الأردنيين.

المقلوبة تتفوق

قال الناشط السياسي معن الهنيدي لـquot;إيلافquot; إن السوشي الياباني يسمع ويقرأ عنه، لكنه لم يتذوقه أبدًا، ليس لأنه لا يحبه أو لا يرغب بتناوله، بل بسبب سعره الباهظ، لكنه يعتقد أنه قد يكون أوفر من أكلة شعبية أردنية مثل المقلوبة، التي تحتاج لصنعها إلى اللحم أو الدجاج، وهي أصناف يقول الهنيدي إنها مفقودة على موائد الأردنيين، إضافة إلى كميات من الأرز والخضروات أشهرها الباذنجان والقنبيط (الزهرة) والفول والبطاطا.

ويُقدّم الهنيدي جردة حساب لهذه الأكلة مفترضاً أنه صنعها من الباذنجان والأرز والبطاطا، فيكتشف أن سعر كيلو البطاطا نحو دينار ونصف الدينار، والباذنجان حلّق سعره حول الدينارين، ومثلها للزهرة بسبب موجة الصقيع الأخيرة، وأن أردأ أنواع الأرز يباع بأكثر من دينار للكيلو، قبل أن يشير الهنيدي إلى أن إستخدام صنف مرافق مع المقلوبة مثل سلطة الخضروات أو اللبن، يجعل كلفة المقلوبة بكل تأكيد مساوية للسوشي، أو ربما تتفوق عليه، كاشفًا بسخرية لاذعة أن المفارقة تكمن في تفوق الأردن على الدول العالمية في الغلاء.

تآمر الصقيع

وسجلت أسعار الخضار والفاكهة في الأسابيع الثلاثة الماضية صعودًا حادًا، وتقول المهندسة الزراعية سمر العيسى لـquot;إيلافquot; إن الحكومة الأردنية بريئة تمامًا من إرتفاع أسعار الخضروات تحديدًا، شارحة بأن موجة الصقيع الحادة التي تلت العاصفة الثلجية أليكسا الشهر الماضي قد أتلفت مساحات شاسعة من الأراضي المزروعة بالخضروات، ما جعلها شحيحة جدًا في السوق المحلية، مع طلب هائل عليها بعد إحتجاز إجباري في المنازل بسبب العاصفة لعشرات آلاف العائلات الأردنية، الذين إستهلكوا مخزونهم الإستراتيجي من الغذاء.

وتلفت المهندسة العيسى إلى أن تقصير الحكومة تمثل في عدم تدخلها لضبط الأسواق التجارية، وتحديد الأسعار، وفرض الرقابة على الحدود السعرية.

عدادات للهواء

سامي الحسنات، طالب جامعة، يقول لـquot;إيلافquot; إنه بات يخشى قرارًا حكوميًا بتركيب عدادات ذكية على أفواه الأردنيين لإحتساب كميات الهواء الداخلة إلى أجوافهم، بعد أن أصبح الهواء الشيء الوحيد الذي يمكن للأردنيين إبتلاعه من دون أن تفرض الحكومة سقوفات سعرية له، أو ضرائب، إسوة بالخضروات والمشتقات البترولية.

ودعا الحسنات الحكومة إلى عدم إستسهال صمت الأردنيين الذين يريدون لبلدهم كل الخير، quot;فللصبر حدود، وصار لزاماً على الحكومة أن تبادر إلى سد العجز في موازنتها بعيدًا عن جيوب وقوت الأردنيينquot;، مُذكّرًا الحكومة بضرورة مساءلة كل المسؤولين السابقين الذين تندلع حولهم الشبهات بشأن ثرواتهم المالية المتضخمة بلا أسباب مقنعة، وإعادة ما سرقوه إلى الخزينة العامة.