حذر رئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي من انجرار العراق إلى حرب داخلية شبيهة بالتي تجري في سوريا، في حال استمر مسار العملية السياسية كما هو الآن، مؤكدًا وجود إقصاء لبعض مكونات الشعب العراقي.. فيما هدد وزير الدفاع سعدون الدليمي بتدمير أي بيت أو مسجد يأوي مسلحين، وانتقد صمت بعض رجال الدين، الذين اتهم بعضهم بإصدار فتاوى مأجورة مقابل أموال.


أسامة مهدي: استعرض النجيفي، خلال استضافته فيمعهد بروكنغز للدراسات والبحوث في واشنطن،الليلة الماضية، بحضور عدد من صناع القرار في الولايات المتحدة وجمع من المتابعين والمهتمين بالشأن العراقي، أبرز المشاكل التي واجهت عملية التحول الديمقراطي في العراق، وفي مقدمتها الدستور العراقي، الذي كتب في ظروف صعبة وغير مستقرة، والانتقائية في تطبيق فقراته وبنوده.

إشادة بدور العشائر
كما قدم تفصيلًا دقيقًا حول الأسباب التي أدت إلى انبعاث تنظيم القاعدة من جديد، بعدما تمكنت العشائر، وخصوصًا في غرب العراق، من دحره والقضاء عليه. وتناول بالشرح المفصل أسباب التظاهرات في محافظة الأنبار وجدلية الخلط بين المتظاهرين المطالبين بحقوقهم المهضومة وبين العناصر الإرهابية، لافتًا إلى الدور الكبير الذي لعبته عشائر الأنبار في دعم العجلة السياسية.

كما استعرض النجيفي ملف الانتخابات والتحديات، التي تواجه العملية الديمقراطية في العراق، كما نقل عنه مكتبه الإعلامي في بيان صحافي تلقته quot;إيلافquot; الجمعة. وأكد على أهمية العلاقات بين العراق والولايات المتحدة وضرورة تعزيزها بالشكل الذي يقوي أواصر الصداقة ويضمن مصالح الشعبين.

وأشار النجيفي إلى أن ثمة انتقائية في تطبيق الديمقراطية في العراق تؤدي إلى إقصاء مكونات معينة من العملية السياسية والجيش. لافتًا إلى أن هذه السياسة الانتقائية تولد شعورًا بالإحباط لدى سكان عدد من المحافظات. وتجنب النجيفي انتقاد رئيس الوزراء نوري المالكي مباشرة، إلا أنه تحدث عن عدم تطبيق اتفاقية أربيل لتوزيع السلطة بعدالة في العراق، والتي تشكلت بموجبها الحكومة الحالية في أواخر عام 2010، وquot;التخبط في القرارات، كما حصل بإعلان أربع محافظات جديدةquot;.

وحذر النجيفي من انجرار العراق إلى حرب مماثلة لتلك التي تدور في سوريا، إذا ما تم إجراء مصالحة جادة وسريعة بين الأحزاب السياسية. وقال إن quot;العراق في هذه المرحلة على مفترق طرق لا سمح الله..quot;نحن نتجه نحو وضع مماثل للوضع السوري، إذا لم يتم التصدي للمشاكل بالطرق الصحيحةquot;.

المالكي سبب انتشار القاعدة
ولفت إلى أن عدد ضحايا العنف في العراق في عام 2013 بلغ أكثر من 9.000 قتيل، وأكثر من 25.000 جريح، معتبرًا ذلك أعلى رقم لضحايا العنف في العراق في السنوات العشر الماضية. وحول تصاعد دور القاعدة في العراق، ألقى النجيفي باللوم على حكومة المالكي، لتخليها عن التحالفات السابقة، التي أنشأتها القوات الأميركية مع زعماء العشائر في محافظة الأنبار في مواجهة القاعدة.

وقال النجيفي إن تنظيم القاعدة والدولة الإسلامية في العراق والشام quot;وباء ينبغي اقتلاعهquot;، مؤكدًا أن ذلك لا يعني أن مطالب متظاهري الأنبار لم تكن مشروعة. وأضاف quot;أن القاعدة هزمت في العراق، ولكن حينما انتهت المعركة، تم التعامل مع من قاتل القاعدة كخصومquot;.

وحذر من تصدع العراق. وقال إن ذلك quot;سينعكس سلبًا على مصالح الولايات المتحدةquot;، داعيًا واشنطن إلى تقديم النصيحة quot;لتقريب وجهات النظر وتقديم الخبرة لتحقيق المصالحة الوطنيةquot;، كما نقل عنه راديو سوا الأميركي بالعربية. وأشار إلى أن هناك شعورًا بأن العراق ترك في وقت لم يكن مستقرًا، وquot;دخلنا في حالة من عدم التوازن بين مراكز القوىquot;.

كما التقى النجيفي مع أبناء الجالية العراقية في واشنطن، حيث استعرض الأوضاع في العراق وسبل النهوض بواقعه في شتى المجالات. وأكد على ضرورة تفعيل كل الطاقات، وإتاحة الفرصة للأيادي المبدعة والخبرات الواسعة لدى أبناء الرافدين، الذين يشهد لهم العالم بأسره في تحقيق ذلك، لافتًا إلى أن العقول العراقية هي عقول منتجة أينما حلت.

وأعرب عن قناعته بأن العراق بإمكانياته وقدراته البشرية والمادية قادر على تجاوز جميع الأزمات، على الرغم من الظروف الصعبة والقاسية التي يمر بها. وكان النجيفي وصل إلى واشنطن الاثنين الماضي برفقة عدد من النواب، في زيارة رسمية تستغرق أيامًا عدة، بحث خلالها مع الرئيس الأميركي باراك أوباما ونائبه جو بايدن دمج العشائر في القوات الأمنية والحاجة إلى تدابير أمنية وسياسية لمحاربة الإرهاب.

الدليمي يهدد بتدمير مآوي مسلحي الأنبار
من جهته، هدد وزير الدفاع سعدون الدليمي بتدمير أي بيت أو مسجد في الأنبار يأوي مسلحين، وانتقد صمت بعض رجال الدين، الذين اتهم بعضهم بإصدار فتاوى مأجورة لقاء أموال، وأكد أن البيت والمسجد الذي يأوي المسلحين سيكون هدفًا للقوات الأمنية وأبناء العشائر.

وقال الدليمي خلال لقائه بعدد من شيوخ محافظة الأنبار إن quot;المسجد الذي يكون مأوى للإرهابيين والقتلة وسفاكي الدماء ومستبيحي الأعراض سيكون هدفًا لقوات الجيش والشرطة وأبناء العشائر، ولن تكون له أية حرمةquot;، مشيرًا إلى أن quot;من آوى الإرهابيين أو كان لهم دليل، فهو عدونا وعدو للوطنquot;.

أضاف أن quot;البيت الذي يطلق منه النار أو الذي يقوم بإيواء المسلحين سيكون أيضًا هدفًا للقوات الأمنية والعشائر ولكل شريفquot;، لافتًا إلى أن quot;هناك بيوتاً قد اغتصبت وتهدمت، وإن الحكومة العراقية ستقوم ببناء البيوت لهؤلاءquot;.

وانتقد الدليمي صمت بعض رجال الدين، مخاطبًا إياهم بالقول: إن quot;هذا الوقت هو ليس وقت الصمت والحيادquot;، متهمًا quot;بعض رجال الدين بتأجير فتاويهم وإصدار فتاوى تحريضية مقابل أموالquot;، كما نقلت عنه وكالة quot;السومرية نيوزquot; من الأنبار. وكشف أن ما يسمى quot;والي الأنبارquot; هدد شيوخ العشائر بعدم السماح لهم بارتداء العقال، مؤكدًا أن تنظيم quot;داعشquot; قام باختطاف 11 امرأة واقتادهن إلى الصحراء بحجة عدم ارتداء الحجاب.

وقال الدلي إن quot;والي الأنبار توعد شيوخ العشائر بعدم ارتداء العقال والبشت وعدم ترك النساء بالخروج إلى الشارع أو إبقاء مدرسة لهنquot;، منتقدًا quot;صمت البعض عن اختطاف 11 امرأة من قبل المسلحين واقتيادهن إلى الصحراء بحجة عدم ارتداء الحجابquot;. وأشار إلى أن quot;داعش تريد إقامة الدولة الإسلامية على جماجم أبناء محافظة الأنبار، ومن ثم الانطلاق إلى بغدادquot;، متوعدًا إياهم بأنه quot;سيكون بينهم وبين بغداد شد من النارquot;.

وأكد الدليمي حرصه على quot;عدم إطلاق طلقة نار واحدة أو دخول جندي واحد إلى الفلوجةquot;، لافتًا إلى أن quot;من يقتل من أبناء العشائر من أجل الوطن سيحتسب شهيدًا على سلك الجيش أو الشرطةquot;.

وكان رئيس الوزراء نوري المالكي أكد الأربعاء (22 كانون الثاني/يناير الحالي) أن العمليات العسكرية ستستمر إلى حين الانتهاء من وجود تنظيم القاعدة، مشيرًا إلى أن الوقت قد حان لإنهاء وجود الجماعات المسلحة في الفلوجة.

وتشهد محافظة الأنبار، ومركزها الرمادي، (110 كم غرب العاصمة بغداد) منذ الحادي والعشرين من الشهر الماضي عملية عسكرية واسعة النطاق في المحافظة، تمتد حتى الحدود الأردنية والسورية، تشارك فيها قطعات عسكرية ومروحيات قتالية، إلى جانب مسلحين من العشائر، لملاحقة تنظيم ما يعرف بدولة العراق والشام الإسلامية quot;داعشquot;، وأدت إلى مقتل وإصابة واعتقال وطرد العشرات من عناصر التنظيم، حيث لا تزال المعارك مستمرة.