الانتفاضة الجماهيرية للشعب الايراني والتي أذهلت نظام ولاية الفقيه و جعلته يترنح أمام قوة اللطمات التي يوجهها الشعب له بحيث أنه طفق يطلق تصريحات متباينة تتسم بطابع من الانفعالية و عدم التوازن خصوصا عندما يلوحون الى أن هناك أيادي خارجية وراء هذه النتفاضة الشجاعة.

ان الشعب الايراني الذي اسقط نظام الشاه الذي کان يملك خامس جيش في العالم بالاضافـة لأجهزته القمعية القويـة، لم يستند حينها على أية قوة خارجية و لا إنتظر دعما من أية دولة وانما اعتمد على نفسه تماما و قارع النظام الدکتاتوري بإمکانياته الذاتية المحضة وهو بذلك قد أبهر العالم و صار مثالا للشعب النموذجي الذي لن يقف ساکتا أمام الظلم ان تعدى حدوده. هذا الشعب، هو نفسه الذي ينتفض اليوم بوجه نظام ولاية الفقيه و يعلن رفضه الکامل للشاه الذي عاد في جلباب رجل دين يتاجر بأسمى شئ من أجل غايات دنيوية محددة.

ويبدو واضحا ان شکل و جوهر الصراع بين الشعب الايراني و نظام ولاية الفقيه يتشابه تماما مع شکل و جوهر الصراع الذي کان يدور بين هذا الشعب و نظام الشاه البائد، ويقينا ان النظام الحالي قد إندفع بصورة غير طبيعية بإتجاه مضاد لإرادة و مصالح شعبه و بات لايفکر سوى بمسائل و اعتبارات سياسية ضيقة تتعلق به لوحده دون الشعب وهو بذلك يعيد و بصورة فجة الاستبداد و الطغيان الذي کان يمارسه الشاه ولکن بطريقة أسوأ و أبشع بکثير، لکن ذلك لن يخيف او يرهب الشعب الايراني وانما يدفعه للمزيد من الايمان بعدالة و شرعية قضيته وان السياق الذي سارت و تيسير عليه الانتفاضة الشعبية الايرانية ترسم في الافق ملامح لوحة تحدد الغد الايراني من دون بقاء هذا النظام.


اننا في الوقت الذي لاننسى فيه أبدا الموقف غير الودي لنظام الشاه من القضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية، فإننا وعندما نرى واقع و حقيقة و جوهر المواقف العدائية و المشبوهة لنظام ولاية الفقيه من مختلف قضايا أمتنا العربية و صيغ و اشکال التدخل غير المبرر و المشروع في الشؤون الداخلية لبلداننا العربية بالاضافة الى تهديد أمننا القومي و السعي لإستخدامه کورقة ضغط في لعبة النفوذ، فإننا نجد بأن النظام الايراني السابق کان أرحما و أکثر رئفة بالعرب من هذا النظام الذي يدعي زورا و زيفا بأنه نصير و مؤازر لهم لکنه في نفس الوقت يضمر في داخله حقدا و عدائا عميقا جسده و يجسده من خلال مواقف مشبوهة في العراق و لبنان و البحرين و السعودية و مصر وغيرها من البلدان العربية بل وان مشکلة التدخل الايراني في الشأن الداخلي العربي قد باتت على رأس المشاکل و الهموم لدى الاجهزة الامنية العربية المختصة واننا نرى ان انتفاضة و ثورة الشعب الايراني ضد نظام الشاه کانت اساسا لأن ذلك النظام قد إرتکز على قواعد الظلم و الاستبداد و مصادرة حق الآخرين وعلى رأسهم حق أمتنا العربية التي صادرها الشاه بتحالفه العدواني مع أعداء و خصوم الامة وان الانتفاضة الحالية بوجه نظام ولاية الفقيه تنطلق من نفس الرکائز و الاسس و تسعى لصياغة معادلة واقعية تعطي کل ذي حق حقه من دون مصادرة حق الاخرين او التجاوز عليه.


اننا، بصفتنا نمثل المرجعية السياسية للشيعة العرب، وفي الوقت الذي نرى فيه جموع الشعب الايراني تنتفض ضد هذا النظام و تسعى لإقتلاعه من جذوره، فإننا لايسعنا إلا أن نبارك هذه الانتفاضة المبارکة و نعلن دعمنا القوي لها و وقوفنا الى جانبها لحد إحراز النصر النهائي بعونه سبحانه وتعالى وان المکر السئ الذي طالما سعى نظام ولاية الفقيه لإحاقته بأمتنا العربية قد دارت الايام و ارانا الباري القدير بفيض ألطافه کيف ان الکيد قد رد لنحره و صدق الله العلي القدير عندما قال في محکم کتابه المبين(ولايحيق المکر السئ إلا بأهله).


*المرجع السياسي للشيعة العرب.