*الإثنين -الحاديعشر من شهر يناير
أيهما أصعب على سعد الحريري: اللغة العربية أم رئاسة الوزراء؟

لم يكن برنامج حكومة سعد الدين الحريري، أكثر من ورقة صغيرة، لا تتعدى حجم باطن الكف، لكنها بدت أصعب من المعلقات الجاهلية بالنسبة لرئيس الوزراء الشاب، الذي لم يتمكن من قراءة سطرين متتالين دون ارتكاب جنحٍ، وجناياتٍ، بحق اللغة العربية، والناطقين بها، والمستمعين إليها.

ويتبادل محبو الحريري، وأعداؤه، هذه الأيام، مقطعًا تم بثه على الموقع العالمي لمشاركة ملفات الفيديو، quot;يوتيوبquot;، ينقل بالتفصيل، صوتًا وصورة، كيف عرض السياسي الشاب برنامج حكومته على البرلمان، أو مجلس النواب، فيما كان الحضور منشغلاً بالضحك على إبداعاته اللغوية، وضعفه في القراءة، وهو سليل المدارس ذات الجدران المخملية، التي جاءت من كل مكان بخبرٍ يقين.

وحينما ضاق رئيس البرلمان، وثعلب لبنان، نبيه برّي، ذرعًا بهذا الاغتصاب المتكرر للغة العرب، قال وهو يغالب ضحكته الساخرة:quot; دولة الرئيس... أتحب أن يقرأها أحد عنك؟quot;، في إشارة إلى الورقة الصغيرة، وهي برنامج quot;الشيخ سعدquot;، وفيها قصة حكومته التي شهدت ولادة عسيرة، قبل أن تصبح واقعًا يعيشه اللبنانيّون، سواء رضوا أم أبوا.

وعلى الفور تساءل المتابعون عما إذا كانت اللغة العربية أصعب على الحريري من رئاسة الوزارة، وتشكيل الحكومة، أم العكس؟، خصوصًا إن كان يقف على الضفة المقابلة له رجل بحجم أمين عام حزب الله، السيد حسن نصر الله، الخطيب المفوّه، الذي لا يُعرف إن كان يتبع طهران، أم أن طهران هي التي تتبعه !

قال لي صديق خبيث إن الحريري، بمذبحة البرلمان اللغوية التي أرتكبها، قد طعن اللبنانيين في أعز ما يملكونه، وهو quot;المفاعل اللغويquot;، الذي من دونه، فإن لبنان يعود إلى صورته الحقيقية كدولة كرتونية، أصبحت، بقدرة القادرين، ملعب الكرة الوحيد في الشرق الأوسط. بالطبع لست بحاجة إلى المقارنة بينه وبين سلفه، فؤاد السنيورة، صاحب خطبة الوداع الشهيرة، التي حملت كاتبًا سعوديًا معروفًا، هو مشاري الذايدي، على أن يشبهه بأبي عبد الله الصغير، صاحب النظرة الأخيرة على المجد الأندلسي الغابر.

كان السنيورة يبكي لبنان، بينما كان الحريري يذبح لبنان وثقافته وتاريخه وعلى منبر إحدى مؤسساته السياسية.

شخصيًا لدي قصة صغيرة مع سعد الحريري جعلتني أبني له صورة معينة في ذهني، وأعتبر نفسي مسؤولاً عنها تمام المسؤولية، أي الصورة المعينة التي في ذهني، طالما أنني لم أعلن عنها، ولم أجبر أحدًا على إتباعها، أو الترويج لها!

لكن هذه القصة الصغيرة تستحق الرواية والتأمل.(أعيد التأكيد على صغرها رغم دلالاتها الكبيرة، كونها تنقل صورة طبيعية عن شخصية الرجل، وطبيعته، وفكره). ذهبت إلى منزل آل الحريري شمال العاصمة الرياض حيث كانوا يتلقون التعازي في وفاة عميد الأسرة الذي لن يتكرر، رفيق. بالطبع كان يرافقني زميل مصور لتغطية مراسم العزاء صحافيًا، ولأداء واجب إنساني، قبل أن يكون مهنيًا. ولاحظت، مثلما لاحظ الزميل المصور، كيف أن سعدًا كان منهمكًا في توزيع الابتسامات للكاميرا، أكثر من اهتمامه بتبادل كلمات العزاء مع المئات الذين حضروا لتعزيته.

وأضع نقطة هنا وأتوقف، فلا مجال للخوض في النيّات، عما إذا كان مهتمًا بالحدث، ومستوعبًا أبعاده، أم أنه وجده فرصة للظهور الإعلامي، أغرته كي يدخل بعدها إلى حقل السياسة، وحبلها، وحبائلها. اللافت أن الحريري، فيما بعد، بنى كل علاقاته مع الزعماء العرب على أنه طالب ثأر، يبحث عن قاتل أبيه، وهي دعوة تلعب على وتر الأبوية التي لها وقارها، وجبروتها، في العالم العربي، وقبائله السائدة، والبائدة، وبالتأكيد، هي دعوة تستمتع لها الآذان بإنصات.

تلك كانت صورة صغيرة تعطي دلالات أبعد. كانت جرمًا صغيرًا أنطوى فيه العالم الأكبر!.. أترككم مع الصورة في لحظة العزاء، ومقطع الفيديو لحظة ولادة الحكومة.





* الاثنين- الثاني عشر من شهر يناير
مذكرة عاجلة إلى...
وزير الصحة اليمني
الأستاذ عبد الكريم يحى راصع حفظه الله
تحية طيبة وبعد،،،،

وردتني يا معالي الوزير رسالة الكترونية من اليمن، جعلتني أشعر بالفزع، وأتساءل عما إذا كانت وزارتك مهتمةً بحقوق الإنسان، والمرضى، أم أنها إحدى أفرع غرف التعذيب المخابراتية، وعندها فقط يمكن لي أن أستميح لك العذر والشكر والصفح الجميل.

هذه الرسالة من ممرضة هندية تعمل في مستشفى يتبع عمليًا، ونظريًا، تحت صلاحيات وزارتكم، ورقابتكم المفترضة. (أحتفظ باسمه وكافة تفاصيله لحين الحاجة). تقول في الرسالة المفزعة، أنها وزميلاتها يتعرضون لاضطهاد يومي من قبل مدير المستشفى، الذي يجبرهن على ممارسة الجنس معه، وإلا العقاب. وليس ذلك فحسب بل يمنعهم من الحصول على عطلهم، التي كفلها لهم النظام، وفي حال أردن مغادرة البلاد فلا بد من دفع نحو 3000 آلاف دولار، وهي حصيلة عمر، ورماد سنين، بالنسبة إلى مهاجرين جائعين بالفطرة.

وعلى الرغم من أن إحداهن قد توفي والدها وهي في الأسر، أقصد في اليمن السعيد، فإن ذلك لم يستثر إنسانية مدير المستشفى كي السماح لها بالذهاب، رغم أنها كادت تموت من شدة البكاء أمامه، وربما حاولت فعل كل ما يمكن أن يحمله على أن يسمح لها بالسفر. لا يوجد أكبر جرم في تاريخ الإنسانية من انتهاك الإنسانية نفسها، كما يحدث في مستشفى يفترض أن تكون تحت عين رقابتكم، وعنايتكم.

إن الرسالة التي وصلتني طويلة جدًا، لكنها مليئة بالتشاؤم ورائحة الموت بسبب أو من دون سبب، وفي كل الحالات فإن معاليكم مسؤول تمام المسؤولية عما يحدث لهؤلاء الممرضات. إن الرسالة - لو صحت- فهي جريمة دولية، تضاهي قضية الممرضات البلغاريات في ليبيا، وأشغلت الغرب، والعالم الحر، أشهرًا طوال.

وفي الختام أتمنى من معاليكم التحقيق في هذه الكارثة، وبإمكاني أن أزود أي جهة محققة ما تحتاج من المعلومات، وكلي أمل أن تكون هذه مجرد رسالة مدسوسة لا تستند إلى أساس واقعي.

ولكم المحبة والتقدير...


*الأربعاء- الثالث عشر من شهر يناير
ردود فعل إلكترونية على المفكرة

أرسل إلى أحد الأصدقاء مقالة ارتكبها المدون السعودي المعروف الأخ فؤاد الفرحان، عن إحدى اليوميات التي نشرتها هنا، في هذه المفكرة، قبل أسبوعين مضيا. الفرحان هو شاب وطني متحمس، يدعو إلى الإصلاح، وينهى عن الفساد، والمنكر، والبغي، عبر المدونات، التي قادته إلى الدهاليز، وإلى غير الدهاليز.

وبعيدًا إن كنت أختلف معه أو أتفق معه، فإنني آثرت أن أنشر المقالة كاملة ليستفيد منها القراء، وشخصي الضعيف. أترككم مع فؤاد..

سلطان القحطاني.. ليبرالي يتصحون من جلسة واحدة
بقلم: فؤاد الفرحان

( المسلّم به أن جريدة إيلاف التابعة للأستاذ (عثمان العمير) هي صحيفة إلكترونية جريئة تجاوزت كل ldquo;حواجز المحافظةrdquo; المعروفة عند غالبية المجتمع السعودي (المرأة، الجنس، النقد الديني.. إلخ). وعلى الرغم أن مؤسسها سعودي، وتمويلها سعودي، وهي صحيفة تهتم بالسعودية، إلّاأن موقعها كان محجوبًا بالسعودية حتى وقت قريب بسبب محتواه.

أشهر ما تتميز به إيلاف من وجهة نظري موجود في الركنين: نساء إيلاف، وركن الثقافة الجنسية. قرأت اليوم في مفكرة الأستاذ (سلطان القحطاني)، وهو -بالمناسبة- مدير تحرير إيلاف، أنه قام بزيارة الأمير (عبد العزيز بن سطام) في منزله وقضى معه وقتًا ممتعًا. وعبدالعزيز بن سطام هو أمير شاب مثقف معروف بأنه ldquo;محافظrdquo;.

لم يلفت انتباهي لقاء إعلامي بأمير، فهو ليس بأمر جديد. ولم تلفت إنتباهي عبارات التبجيل التي كتبها الأستاذ سلطان في الأمير وما رأه في منزله حتى أخبرنا مشكورًا عن حاسوب الأمير العجيب المذهل الذي ldquo;يصنف، ويعطي، ويرشدrdquo;! فهذه نغمة معروفة نقرأها من كل صحفي سعودي بعد لقاءه بأمير.

ولكن الغريب والملفت للإنتباه هو ما كتبه الأستاذ سلطان بعد تلك الزيارة في مفكرته:
ldquo;ليت بعضًا من دعاة الإصلاح في هذه البلاد، يعرفون، أن الإصلاح ليس امرأة تقود سيارة، أو فتاة تدرس جوار شاب آخر، أو هجومًا صحافيًا على أبن تيمية، أو أبن حنبل، بل هو حزمة من الأفكار، والأحلام، لا تقفز على الحقيقة، والدين، والمجتمع، بل تتواءم معها، وتسير بتناغم حذر.rdquo;

أحّه! بل أحتين!! هل أقرأ لمدير تحرير إيلاف أم لسليمان الدويش؟

ليست عندي مشكلة مع ترديد نغمة تدرج الإصلاح إذا ما رأينا خطوات مقنعة تشعرنا بأن الحاجة للإصلاح أصبحت واقعًا مسلمًا به عند الجميع من مواطنين ومسؤولين. ولكن عندي مشكلة في تصديق أن يخرج هذا الكلام من مدير تحرير أشهر صحيفة عربية تحررية: إيلاف، وهو المسؤول عن السماح بكل ما ينشر فيها مما يعتبر في وجهة نظر أغلبية المجتمع السعودي ldquo;خروجًا عن المحافظةrdquo;، ليبدأ في إلقاء الوعظ علينا وإعطائنا محاضرة في خطوات الإصلاح وما يصلح وما لا يصلح، ويبدأ في تلقين ldquo;دعاة الإصلاحrdquo; دروسًا في هذا الشأن !!!

كل يومين ينقلب علينا واحد ويبدأ في ممارسة الوعظ على رؤوسنا؟ لو بدأنا في حصر ما تم نشره في إيلاف حول كل هذه الملفات ldquo;المرأة في السعودية، التعليم المختلط، نقد ابن تيمية والسلفية، نقد التيار المحافظ،..rdquo; لما انتهينا ولوجدنا كلام الأستاذ سلطان يرتد عليهم في إيلاف لأنهم أول من يمارس ما سمّاه ldquo;بالقفز على الحقيقة والدين والمجتمعrdquo; بسبب محتويات موقعهم.

إمّا أن يكون الأمير المحافظ عبد العزيز بن سطّام قد ldquo;قرأrdquo; على الأستاذ سلطان القحطاني و ldquo;رقاهrdquo; من المسّ التحرري الذي به، وبالتالي فإن على الأستاذ سلطان العمل جادًا على تهذيب موقع إيلاف من كل ما يتصادم مع ldquo;محافظة المجتمع السعوديrdquo; حتى يكون صادقًا في كلامه.. أو أننا سنرى أن كلام الأستاذ سلطان يؤكد مرة تلو أخرى بأن أغلبية الإعلاميين السعوديين لا يكفّون عن ممارسة التملق و ldquo;الدحلسةrdquo; كلما قابلوا شخصية مهمة!

المجتمع السعودي حاليًا أقرب ما يكون لتقبل حق المرأة الشرعي والمنطقي والعقلي لقيادة السيارة من أي مرحلة سابقة، ولسنا ldquo;ناقصينrdquo; الآن أن يأتي ليبرالي متصحون ليركب الموجة ويحاول إقناعنا بتهميش هذا الحق!

رأينا ناسًا دخلوا السجون ثم خرجوا منقلبين على مبادئهم وأطروحاتهم، و يمكن أن نتفهم حالهم. وقرأنا لناس ينقلبون على مبادئهم ومواقفهم بسبب قراءاتهم اللتي صححت أفكارهم، وهؤلاء ممكن نتفهم وضعهم. ولكن لا أعرف شخص دخل جلسة وهو ليبرالي ليقابل شخصية أيًا كانت، ثم خرج بخطاب صحوي يبدأ يمارس من خلاله وعظ ldquo;بعض دعاة الإصلاحrdquo;).

- انتهى-

* الأحد ndash; السابع عشر من شهر يناير
وإني آتٍ بقبسٍ من quot;القبسquot; عن جهيمان !

قرأت ملفًا أعدته صحيفة quot;القبسquot; عن قصة quot;جهيمانquot;، أحد الإرهابيين السعوديين قبل أكثر من ربع قرن، وذلك استنادًا على الوثائق البريطانية المفرج عنها حديثًا، وكيف أن القبس quot;عثرتquot; عليها، وquot;انفردتquot; بنشرها. أما quot;عثرتquot; فلا أعلم كيف quot;عثرتquot; لأن كلمة quot;عثرتquot; تعني أن الوثائق ضائعة، ولم يجدها أحد، ولم تظهر للجمهور، ولولا أن القبس quot;عثرتquot; عليها، فربما لن نجدها أبدًا.

وحكاية أنها quot;انفردتquot; فإنه يمكن أن أقول بصريح العبارة للزملاء هناك quot;صح النومquot; أو quot;صباح الخير، لأن مجلة quot;المجلةquot;، اللندنية الشهيرة، قد نشرت ملفًا يحتوي على كل شي له علاقة بهذه القصة، قبل نحو شهر، في عدد خاص، ولم تقل أنها quot;عثرتquot;، خصوصًا وأن كل بريطاني، أو باحث مهتم يستطيع الحصول على كل ما يشاء من الوثائق، بضغطة زر، أو ورقة طلب. هذا والله أعلم.


[email protected]
مقالات أخرى في مدونة سلطان القحطاني