أنا قبطي مصري وطني حتي النخاع أحب بلدي وزاد حبها في قلبي بعد أن عشت بعيدا عنها حالي حال جميع المصريين في الغربة، تعلمت كتابة الشعر أثناء محاولتي لإرسال رسالة لعمي الذي لم أراه حيث أستشهد في حرب أكتوبر المجيدة. أكتب هذه السطور من أجل وحدة الوطن ووحدة أراضية وهي شهادة ترصد مشاعر مصري قبطي في الغربة، يشهد الله علي صدق شهادتي التي أقدمها لكل مصري وطني يحب بلدة ويتمني وحدتها ووحدة شعبها مثلي.

اليوم الأحد 31 من يناير والمناسبة مباراة في كرة القدم التي اعشقها منذ الصغر.إنها ليس بمباراة عادية إنها نهائي بطولة أفريقيا بين مصر وغانا وكعادتي أريد مشاهدتها في المقهي بين أبناء الجالية المصرية، الساعة تقترب من السادسة بتوقيت القاهرة الحادية عشر صباحا بتوقيت تورنتو، لم يصيبني التوتر كالعادة في مثل هذه المباريات، لم أقم بالاتصال بالأصدقاء للترتيب معهم لمشاهدة المباراة ولم يتصل بي أحد علي الإطلاق. رجعت بالذاكرة لنهائي نفس البطولة عام 2008 وجدت إحساس مختلف يمتلكني ضاعت اللهفة والشوق واختفت أحلام اليقظة من خيالي التي كانت تراودني فأري اللاعبين المصريين يحملون الكأس وأري الفرحة في عيون كل من حولي وأتخيل الفرحة في شوارع مصر، لا أدري كيف تغير حالي ولكنه تغير. اختفت اللهفة التي تدفعني لقضاء حاجاتي بسرعة حتي أذهب لمشاهدة المباراة، كنت في السابق أشعر وكأني ذاهب لحضور عرس ولكن اليوم أشعر كأني ذاهب لمأتم لأداء واجب العزاء. ذهبت للمقهي ولأول مرة أذهب بعد بداية المباراة بأكثر من عشر دقائق، أدهشني المنظر أمام المقهي فالمكان المخصص للسيارات شبه خالي وهو الذي كان مكتظ في نهائي 2008 لدرجة أنه كان من الصعب أن أجد مكان لركن سيارتي، ولكن هذه المرة لم أجد أي صعوبة، دخلت المقهي فلم أجد أكثر من خمسة عشر فردا في المقهي!! التي كانت تكتظ بأكثر من ثلاثمائة فرد في مثل هذه المباريات، لدرجة أن صاحب المقهي كان يقوم بإزاحة كل quot; الطرابيزاتquot; وكان عدد الوقوف يفوق عدد الجلوس!!! لم أري الشباب الذين كانوا يلونون وجوهم بألوان علم مصر ولم أجد طبلة ولا دفوف ولا أعلام، جلست فوجدت كل من حولي وقد أصابه الفتور اختفت الأغاني والتغني بأسماء اللاعبين التي كنت أسمعها، والتي كانت تشعرني وكأنني أشاهد المباراة في استاد القاهرة الدولي الكل هادئ وكأننا نشاهد مباراة في كأس لفريقين لا نعرفهما، ولا يهمنا من الفائز وكل ما يهم هو الاستمتاع بالمباراة، لم ترتعش أطرافي مع كل كرة علي مرمي فريقنا المصري ولم تزداد دقات قلبي مع كل كرة علي مرمي الفريق المنافس، لم يكن هذا شعوري بمفردي بل هو شعور كل من هم حولي!!!

جاءت الخمس دقائق الأخيرة للمباراة وأحرز اللاعب quot;جدوquot; الهدف وقفت وصفقت ولكني لم أتبادل الأحضان والتهنئة مع من حولي، لم أرتعش ولم اهتز خوفا من الدقائق المتبقية ولم أتمني أن يمضي الوقت مسرعا كعادتي، بل جلست هادئ علي مقعدي وكأن الأمر لا يعنيني، صفر حكم المباراة وهم الحاضرون للانصراف مبتسمين فرحين فرحة باهتة، لم تدق الدفوف ولم يرقص ولم يغني أحد، ذهبت لسيارتي ولم أطلق منبه سيارتي ابتهاجا بالكأس ولم أسمع منبه سيارات من حولي، لم أجد أعلاما مصرية ترفرف في سماء مدنيتي ولم نسير في quot;زفةquot; بالسيارات، وذهبت مباشرة لبيتي، لم اتصل بالأصدقاء المصريين ولم يتصل بي أحد لنتبادل التهنئة بالكأس التاريخية!!! سوي بعض الأصدقاء من دول عربية أخري الذين قدموا لي التهنئة بالفوز!!

لم أتعجب من حالي ولا حال المصريين الذين يعيشون معي في نفس البلد، بالرغم تشابه كل الأحداث بين 2008 و2010، لأننا كمصريين أقباط نمثل الغالبية العظمي من المهاجرين لهذه البلد نشعر بجرح وحزن عميق فدم شهداء نجع حمادي لم يجف بعد، ودموعنا لم تجف بعد، قلوبنا مجروحة ومكسورة.

أكتب هذه الشهادة وأتمني من كل الوطنين العقلاء قراءتها والتفكير فيها، فنحن مصريين نحب وطننا ولكن الاعتداء علي الأقباط المسالمين يبعد المسافة أكثر وأكثر بيننا وبين الوطن، يقتل الشعور بالانتماء في قلوبنا، أرسل هذه الرسالة لحرم الرئيس التي قالت إن الفرحة بفوز مصر لم تفرق بين مسلم ومسيحي لأقول لها، عفوا سيدتي لم نفرح معكم ولم نذق طعم الفرحة فقلوبنا تدمي حزنا علي ذوينا، فهل من عاقل ليداوي جراحنا بمعاقبة المجرمين والغول المحرض والمدبر للحادث، هل من عاقل ليوقف اضطهاد الأقباط قبل؟؟ أن يخسر الوطن خيرة أولادة وسنده الذين يعيشون في الخارج، من أجل مصر لا من أجل الأقباط....

Medhat-Eweeda@hot