لا فرق بين أساليب الاغتيال التى تلجأ إليها إسرائيل علي اي مستوى داخلي أو خارجي، فكلها ممارسات استعمارية عنصرية يجب ان يكون للمجتمع الدولي موقف معارض حيالها عبر المنابر الدولية الاقليمية من خلال تمسك الشعب الفلسطيني بحقوقه التى تنص عليها الاتفاقات الدولية ومناصرة الشعوب العربية والإسلامية له بالقول الفعل..

ممدوح المبحوح القيادي العسكري الفلسطيني اغتيل بدم بارد علي يد مجموعة من محترفي القتل المخابراتي الذين فضحتهم شرطة دبي علي مستوى العالم، وضم الحرم الإبراهيمي الشريف وقبر راحيل اللذان يمثلان إرثا تاريخياًعربياً ضمن مساهمات عديدة في تشكيل تراث البشرية جمعاء تم بدم ساقع علي يد محترفي سياسات الإحتلال العنصري.. لذلك لا بد من إدانته وفضحه علي مستوى العالم ومنظماته الثقافية التراثية..


انتهزت حكومة نتنياهو إنشغال العديد من العواصم العالمية بتداعيات عملية إغتيال المبحوح التى جرت يوم 20 من يناير الماضي، وقامت ضمن فاعليات جلستها يوم 21 فبراير بالموافقة علي ضم quot; الحرم الإبراهيمي الشريف وقبر راحيل quot; إلي قائمة مواقعها التراثية التى تخطط لترميمها وصيانتها..


وهذه بكل المقاييس.. انتهازية عنصرية تتوافق مع سياسات حكومة نتنياهو التى وافقت علي خطة إغتيال المبحوح لتعويق بدء المفاوضات مع الجانب الفلسطيني برعاية أمريكية بعد عدة أسابيع، وبعدها وافقت علي ضم الآثار العربية إلي قوائمها المزورة لكي تكسب تأييد مزيد من تيارات اليمين الإسرائيلي المتشدد الذي يساند خططتها العنصرية تجاه كافة ملفات الصراع في الشرق الأوسط فلسطينياً وعربياً وإسلامياً..


هذه الخطوة التى تقول وسائل الإعلام الإسرائيلية أنها جاءت إستجابة لضغوط من حزب شاش الديني المتشدد لأجل إستخدامه كورقة ضغط إلي جانب حزب إسرائيل بيتنا quot; لتطويع توجهات حزب كاديما المتعارضة معها quot;، هي التى شجعات نتنياهو علي القول أن عمليات الترميم ستبدأ من القاعة التى أعلن منها بن جوريون قيام دولة إسرائيل وتستمر حتى الجليل والنقب.. ومن ثم مهدت الطريق أمام عضو الكنيست يوري أرييل ليقول بمنطق إحتلالي ينافي الشرعية الدولية، أن إسرائيل ستضيف في يوم قريب quot; موقع قريتي سبسطيا وكفار عصيون إلي القائمة باعتبار أنهما تمثلان بداية التواجد الصهيوني بالضفة الغربية بعد يونية 1967 quot;..


شجاعة رئيس وزراء دولة الإحتلال وأقوال عضو مجلسها التشريعي تتعارضان جملة وتفصيلاً مع أوضاع أراضي الضفة الغربية بما فيها القدس وقطاع غزة المحتلة التى ينطبق عليها جميعاً أحكام القانون الدولي والقانون العام الدولي الإنساني الخاص بالإحتلال العسكري، وكذا الوئح لاهاي لعام 1907 وإتفاقية جنيف لعام 1949 والبروتوكلان الإضافيان الملحقان بها..


خاصة وأن هناك إعتراف إسرائيلي مسجل في وثائق الأمم المتحدة أصدرته حكومتها بتاريخ 22 يونية عام 1967 كأمر عسكري رقم 3 ينص علي quot; تقوم المحكمة العسكرية بتطبيق أحكام إتفاقية جنيف المؤرخة 12 أغسطس عام 1949 الخاصة بحماية المدنيين في زمن الحرب فيما يتعلق بالإجراءات القضائية، وفي حالة وجود تعارض بين هذا الأمر والإتفاقية المذكورة تنفذ بنود الإتفاقية quot;..


ولا يحسبن البعض أن أطماع إسرائيل كدولة احتلال في الضفة والقدس ستنتهي عند هذين المنوقعين الأثريين العربيين، لأن قائمة نهب الآثار الإسلامية والمسيحية وضمها إلي التراث اليهودي فيما بين النهر، كبيرة ومتشعبة وكلها قائمة علي التزييف والتزوير..
فلا زالت محاولات البحث عن آثار يهودية تحت أسوار القدس المحتلة بين بابي العمود والساهرة تجري علي قدم وساق، وتتوقع عدد من التقارير الأوربية ان تلجأ حكومة نتنياهو في أول فرصة ملائمة إلي إغلاق باب العمود quot; تحت أي ذريعة أمنية quot; لقطع التواصل بين داخل القدس والمنفذ الرئيسي للبلدة القديمة من ناحية وبينه وبين المحور الاستراتيجي للمسجد الأقصي وكنيسة القيامة من ناحية ثانية..


إدعاء نتنياهو أن هذين الموقعين يؤكدان إرتباط إسرائيل بالأرض، يحمل في طياته عدد كبير من الألاكاذيب والإدعاءات الباطلة..
أولاً.. لوقعهما داخل أراضي الضفة الغربية منذ مئات السنين، وإحتفاظهما بروابطهما العربية والدينية لأكثر من ستون عاما بعد إغتصاب إسرائيل لدولتها المزعومة..
وثانياً.. لأنهما لم يشكلا مطلباً أساسياً لدي الفكر الصهيوني الإستعماري إلا منذ فترة وجيزة، وهو الذي يدعي أنه يملك وثائق ndash; علي مستوى العالم - لكل ما يمت للإرث الحضاري اليهودي منذ القرن الثامن عشر..


وثالثا.. لأن وجود 500 مستوطن / مستعمر من أبناءه يقيمون فوق أراضي الضفة الغربية تحت حماية دولة الإحتلال العسكرية والأمنية بين ظهراني 170 الف فلسطينى، لا يعني أن الأرض أصبحت تابعة لها أو أن تراثها الحضاري العربي يمكن نقله بجرة قلم إلي قوائم ما تصفه هي بأرثها القومي..
تحت عنوان quot; إسرائيل تسرق التراث الفلسطينى quot; كتبت صحيفة الإندنبدنت اللندنية ( 23 فبراير ) أن قيام حكومة إسرائيل بضم مواقع أثرية عربية إلي تراثها القومي quot; يُعد إعتداء صارخ علي القانون الدولي وإزدراء لإتفاقات جنيف في نفس الوقت quot;.. وتوقعت في تعليقها التحريري علي الواقعة أن تضيف هذه السرقة المتعمدة quot; مزيداً من النيران quot; إلي الأضاع شديدة التوتر في المنطقة التى حذرت القوي السياسية الأوربية من إنفلاتها بسبب تعنت حكومة نتنياهو quot; وتعطيلها لمساعي إزالة العقبات من أمام إعادة الزخم إلي مسار مفاوضاتها مع السلطة الفلسطينية quot;..


قرار سرقة الآثار العربية يعادل قرار سرقة الأرض الفلسطينية حول حاجز قلنديا الذي تمارسه حكومة نتنياهو منذ نحو أربعة اشهر بهدف زيادة معاناة المقدسيون الذين يستخدمون الحاجز للتنقل بين جنوب الضفة وشمالها، ولمواصلة تنفيذ مخططات فصل الضفة عن القدس..
الإستيلاء علي الأراضي والبناء عليها يهدف إلي ملاحقة المقدسيين الذين يمرون من خلال الحاجز الاستعماري تمهيداً لحرمانهم من الاقامة في القدس بأي وسيلة، وتمكين سلطات الاحتلال من الغاء quot; اقامة العدد الأكبر منهم بحجة انهم يقيمون في القدس بشكل غير شرعي quot; سواء بأوامر عسكرية مباشرة أو عن طريق استصدار احكام قضائية تعسفية وعنصرية..


إننا ندعو المجتمع المدني العربي أن يسارع إلي معاونة حكوماته علي اللجوء إلي المحافل الدولية لإبطال القرارات الإسرائيلية التى تنص علي ضمن أراضي أو مواقع تراثية عربية إلي حوزتها..


لأن السكوت والإكتفاء بالشجب والإعتراض والتنديد، لم تأت في السابق بنتائج عملية، ةلن يترتب عليها عودة للحقوق..
وعلي الطرفين أن يستغلا quot; بحرفية دبلوماسية عالية quot; حالة النفور العالمي من ممارسات حكومة نتنياهو فيما يتعلق باستخدام كتيبة الإعدام التى قامت بعمليتها المخابراتية في دبي، لكي يضمنا تحيز القوي الكبري إلي جانبهما في مساعي إستصدار قرار دولي بعدم مشروعية مثل هذه القرارات الإحتلالية العنصرية..


bull;استشاري إعلامي مقيم في بريطانيا [email protected]