الأثر الإيجابي لنجاح البرادعي في الوصول إلى السلطة على الساحة العربية والدولية
البرادعي إنسان مصري مسلم استطاع إكتساب سمعة دولية تتسم بالصدق والموضوعية ما أهله لإكتساب مصداقيه دوليه في العلاقات الدوليه..
يعود البرادعي بعد أن أحيل إلى التقاعد إلى مصر لزيارة قصيره ربما لتقييم فرص النجاح والفشل في التغيير الممكن في مصر بعد أن بدأ إسمه يلمع على قائمة المرشحين للرئاسة المصرية. فهو لم يعلن حتى الآن عن نيته الأكيدة للترشح لمنصب الرئاسة في الإنتخابات المقبله..وإن كان قال مؤخرا بأنهquot;quot; إذا توافر له الترشيح فسيتقدم برؤية شاملة تناقش التحديات والتوقعات عن مصر في 2020 quot;quot;
إستقبله أبناء بلده بالحفاوة التي تليق بإنسان رفع من قيمة بلده ومن المؤمل أن يتشارك معهم في عملية الإصلاح السياسي التي باتت تلح على كل المصريين.. ولكن الأهم حلم الشريحه الكبرى من أبناء الشعب المصري في إصلاح إقتصادي يتجاوز طبقة معينه بحيث تعم فوائده على طبقات الشعب الكادحه..
فبعد ثلاثة عقود من تولي الرئيس حسني مبارك للسلطه المطلقه في مصر.. في أطول فترة ركود سياسي لم تشهد له مصر مثيلا سابقا و في نظام رسّخ للطبقيه. ولفجوة عميقه بين الغني والفقير..مما لا شك فيه بأن مجرد طرح إسم البرادعي كمرشح للرئاسه يقلق النظام وأعوانه..أيضا يضع حدا لتسلط فكرة التوريث على النظام الحالي..
السؤال هو.. هل يستطيع إنسان واحد إحداث هذه التغييرات الملحه في بنية ذهنية إعتادت الخمول والا وعي والتي وعلى مدى العقود السابقه كانت التربه الخصبه لتحالف النظام مع فقهاء الدين لمصلحة وإستمرار كلاهما في الهيمنه والسلطه..
هل يستطيع رجل واحد كسب لن أقول قلوب المصريين.. بل كسب عقول المصريين بأن الطريق الوحيد لضمان التغيير والإصلاح والتقدم في مصر لن يتم بدون كسر الحواجز الأيدلوجيه التي فرّقت بين المواطنين من أبناء شعب واحد في مادة دستوريه أخلت بحقوق شريحه كبيره من المصريين وتتنافى مع المواثيق الدوليه.
السؤال الأهم.. هو هل سيستطيع البرادعي تغيير الماده الثانيه من الدستور المصري بدون موافقة الأزهر؟؟ والذي يرفض الديمقراطيه بمعناها الحقيقي ويعتبرها بدعة غربية ويؤكد على مبدأ صلاحية الشورى بدلا عن الديمقراطيه. والذي وحتى فترة قصيره صاح أحد أهم رؤساؤه ب.. quot;quot;طز في مصر.. أنا أرضى يحكم مصر أندونيسي مسلم على أن يحكمها قبطي quot;quot;؟؟
أصر البرادعي على شرط تغيير الماده الثانيه من الدستور المصري كشرط لدخوله معركة الإنتخابات... بل وضع دستور جديد يكفل الحريات وحقوق الإنسان.
الماده الثانيه من الدستور المصري والتي تنص على أن quot;الإسلام دين الدولةquot;.. وهو ما يتنافى مع مبدأ المواطنه وإخلال بالموقف الحيادي المفترض للدولة تجاه مواطنيها،، وإنتهاك لحق المساواه.. ولحرية العقيده..
الماده الثانيه والتي تؤكد على أن quot;مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع بما يفرض على المشرع عدم الإلتجاء إلى أي حلول اخرى قد تتعارض مع الشريعه.. حتى وإن كانت تضمن العدل والمساواة...
الماده الثانيه تتعارض تعارضا جذريا وواضحا مع مبادىء حقوق الإنسان أي تتعارض مع الديمقراطيه الحقه.. إضافة إلى ان العديد من قوانين الشريعه تتعارض مع حقوق المرأه في القرن الحادي والعشرين....
ولكن هل إصراره على حذف أو تغيير هذه الماده أو وضع دستور جديد يكفل الحريات.. يتعارض أو ينفي أنه مسلم مؤمن صالح يريد أن يعمل من أجل بلده؟؟ ومن أجل الصالح العام؟؟
البرادعي يقول بأن هدفه الأول quot;quot;ترسيخ قواعد إنتخابيه حرة ونزيه وليس الفوز بالرئاسة بحد ذاتها quot;quot;.. وهو ما يؤكد إنتفاء أي طمع بالمنصب الرئاسي..
ولكن هل سيستطيع البرادعي مهما امتلك من قوة بلاغية خارقه ( وهو ما لا يمتلكه ) إقامة البنيه الأساسيه الأولى والمتمثله في كسر الحواجز الأيدلوجيه التي بناها رجال الدين بين المواطنين المصريين من عقائد وأيديلوجيات مختلفه.. هل سينجح في إستقطاب رجل الشارع المصري الكادح ليؤمن بأن الديمقراطيه هي طريقه إلى العدل والمساواه.. ويتخلى عن العنصريه والطائفيه التي شجعها ونماها فيه رجال الدين.. هل سيرضى الإخوان المسلمون أنفسهم بوصول مواطنين مصريين مثلهم إلى مناصب كانوا يحتكرونها.. فقط لأنهم مسلمون..
وهل يكفي حماس النخبه المصريه التي إستطاعت إستقطاب ستين ألف مؤيد له من وصوله إلى السلطه بدون إستقطاب القاعدة الأساسيه الأولى من الشعب المصري البسيط والكادح الذي يحلم بسقف ولقمة عيش ويرى فيه منقذ خارق؟؟ ولكنه لا يعي بأن هذا المنقذ بحاجة إليه لتحقيق حلم التغيير.. وأن هذا المنقذ يتفهم السياسات الدوليه. وبحاجه إلى الإلتزام بالمواثيق والعهود الدوليه حتى وإن تعارضت مع ما تفكر به القاعده الشعبيه العريضه للشعب المصري..مادامت تتوافق مع أحلام الشعب المصري في التغيير وفي التقدم.. كما في إلغاء الماده الثانيه من الدستور..والعمل وفقا للقوانين الدوليه لحقوق الإنسان.. كما في حقوق المرأه.. وحرية العقيده..
إنتفاء قدرة البرادعي البلاغيه ستجعل من مهمة التواصل بينه وبين فئات الشعب المصري البسيط معضله.. يحتاج معها إلى تجييش كل المثقفين المصريين لمساعدته في المهمه الأولى.. وهي التحدث والإتصال ليس مع الأحزاب وإنما مع الشعب مباشرة.. العوده الفوريه للإقامة في مصر والتحدث مباشرة مع جميع طوائفها وأبنائها.. بحيث يتسم خطابه لهم بالتوعية السياسيه وحاجته إليهم وإلى مساندتهم له في التغيير الذي يأملونه جميعا.. وبالصدق معهم بأن مسئوليته تجاههم لا يمكن القيام بها بلمحة بصر.. بل تحتاج إلى تخطيط كبير ودعم وصبر.. ومشاركتهم في إحياء قيم العمل.. والمسؤوليه.. وأن هذه المسئوليه تجاه مستقبل أبناؤهم تفرض عليهم التعامل مع الواقع الدولي بأن مصر جزء من العالم.. وأنه من الأفضل لمستقبلهم ومستقبل أبناؤهم أن تكون جزءا فاعلا للخير للجميع..
وأن بدء مساندتهم له تتطلب منهم العمل فورا على إستخراج بطاقات الإنتخاب تمهيدا لإستيعاب معنى العمليه الإنتخابيه..
إن نجاح البرادعي في فتح النقاش الصادق مع شرائح الشعب المصري قد يكون المثل الأول في العالم العربي لإنجاح الديمقراطيه والخروج من سيطرة العقيده على الذهنيه العربيه. بحيث يحصل التوافق الضروري ما بين العقيده وبين المصلحه العامه لترتقي بالإنسان العربي.. ولتؤكد للغرب بأن الشعوب العربية ليست مدمنة صراعات تتعارض مع مصالحها المستقبليه.. بل إن نجاح البرادعي في ترسيخ العمليه الديمقراطيه سيكون المؤشر الأهم للعالم الغربي بأن العالم العربي في طريقه للخروج من هيمنة الفكر الديني على العقليه العربيه التي اجتاحت الذهنيه العربيه لوقت طويل..
ويبقى الشرط الأساسي والأهم في هذه المعضله.. وهو أن مدى إلتزام جماعة الإخوان المسلمون في قواعد العمليه الديمقراطيه وأولويتها في الوصول إلى دولة القانون الذي يضمن العداله والمساواه لجميع المواطنين هي التي ستؤكد للعالم الغربي شفاء المنطقه العربيه....
أحلام أكرم ndash; باحثه وناشطه في حقوق الإنسان
التعليقات