في بلد العراق الذي يحاط بكثرة الخصوم و الذي يغوص من رأسه حتى اخمص قدميه بكل ماأنزل الله من ابتلاءات ومشاكل بكل اطيافها و الوانها وأشكالها وأثقالها الجسيمة الداخلية منها والخارجية هل تستطيع الحكومة المشكلة بعد الانتخابات ان تراهن على استقرار البلد بالاعتماد فقط على اصوات من انتخبها والاستقواء بهم دون الاعتماد على سند خارجي من الدول الاقليمية؟ وما دامت حكومة المالكي المنتهية ولايتها كانت قد اتهمت السعودية بإرسال الارهابيين واتهمت سورية بتدريبهم وعدم ضبط حدودها بمنع المتسللين الدخول الى العراق وحولت الملف الى المحكمة الجنائية الدولية، فيما عدا ذلك المشاكل العديدة مع الكويت وانقرة و.. و.. و حتى ايران التي تعتبر الحليف الوحيد لحكومة المالكي متهمة هي الاخرى في كثير من الاحيان بإرسال اللاصقات التي تستهدف احيانا المقربين لها من يخالفها في التوجهات، اضافة الى تجاوزاتها النفطية والمائية والحدود فالحالة الايرانية بالعراق اشبه ماتمثل بمعادلة غير متوازنة تستند على طرف واحد من الاخذ فقط مفرغة وسائبة من الطرف الثاني من الدعم والعطاء. هذه المعادلة لن يستفيد منها المواطن العراقي بقدر ما تذمر منها خصوصاَ امام سياسة السكوت التي اتبعتها حكومة المالكي والكتل المقربة الاخرى. التقارب مع ايران لن يمثل تقارباَ سياسياّ بقدر ماهو اندماج عقائدي مذهبي من الوجه العراقية فقط يرجع تاريخه الى ايام لجوء المعارضة العراقية الى ايران ابان الثورة الخمينية وقمع البعث الصدامي لها.أما ايران فكانت ولازالت الاولوية في منهجياتها هو الولاء للعنصر و للقومية والايمان بفكرة ولاية الفقيه ولن يمثل المذهب عندها آلاّ وسيلة لتمرير سياستها. كما ان ايران لاتتعامل مع الكتل الشيعية على حد سواء ولاتدعمها على نفس القدر والمساواة فهي مرة تدعم المالكي واخرى التيار الصدري وتارة كتلة اخرى مما جعل الكتل السياسية الشيعية تتخوف الواحدة من الاخرى وبهذا ساهمت ايران على اضعاف الموقف الشيعي من قصد أو غير قصد.

السياسيون العراقيون وصفتهم الكثير من الصحف الامريكية والانكليزية بأنهم مهرة بأساليب جذب أصوات الناخبين لصالحهم لكن الخبرة والمهارة تنقصهم في كيفية جذب جيرانهم من الدول العربية والمحيطة بهم لذا فهم رغم كسبهم لاصوات متخبيهم لن يستطيعوا ان يؤمنوا بيتهم من شرور الاعداء القادمين من وراء الحدود.
لم يشهد المواطن العراقي ضمن البرامج الانتخابية الموعودة من قبل المرشحين برامج وعدت المواطن العراقي بتغيير الواقع السياسي وتحسين العلاقات مع دول الجوار بل ان الحكومة راحت تشن حملة مضادة للاطراف المتنافسة التي تسعى الى فك عزلة العراق اقليمياً والتي تدرك ان جذب الناخب العراقي نحوها لن يتم بالوعود الانتخابية والمشاريع الداخلية فقط وسط طوق من العزلة والعداء والجفاء لم يشهده تاريخ العراق الحديث من قبل.

فلأجل قطع دابر الارهابيين وتأمين حياة المواطن العراقي لابد من الحرص على ايجاد طريقة سياسية ناجحة لكسب ود الجار ورجوع العراق الى واقعه ومحيطه الاقليمي مع احترام سيادة العراق.

أعتقد في بلد مثل العراق وبظروفه المعقدة ولأجل انقاذ واقعه الداخلي المرير ومن أجل البدء بالمشاريع الخدمية الداخلية لابد من البحث عن سياسيين ناجحين يستطيعون التوصل الى مشروع تفاهم ينقذ العراق من طوق العزلة المحاط بها أولاً وكسب اكبرعدد ممكن من الصداقات وعلى المستووين الداخلي والخارجي بحيث يستطيع ان يحول العدو الى صديق أو محايد حتى تؤمّن حدوده ثم البدء في مرحلة العمران والمشاريع الخدمية.