في ايلول 2009، اختير عيد النوروز من بين العناصر الـ76 التي أدرجت في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي الشفهي وغير المادي للإنسانية، من قبل الدول الأعضاء الأربع والعشرين في اللجنة الدولية الحكومية لحماية التراث الثقافي غير المادي، التي عقدت دورتها في عاصمة الإمارات العربية المتحدة، أبو ظبي، تحت رئاسة عوض علي صالح، ممثل دولة الإمارات في اللجنة، جاء ذلك في البيان الصحفي لمنظمة اليونسكو برقم 2009-105، وجرى اختيار نوروز وفق التعريف: النوفروز، النوروز، النافروز، النيفروز - اذربيجان، الهند، ايران، قرغيزستان، باكستان، تركيا، اوزبكستان ndash; هو عيد رأس السنة وبداية الربيع في منقطة جغرافية واسعة جدا، تشمل، فيما تشمل، اذربيجان والهند وايران وقرغيزستان وباكستان وتركيا واوزبكستان. يحتفل به كل عام في 21 اذار/مارس، تاريخ حدد بناءا على دراسات فلكية.


وبعد إقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الحادي والعشرين من اذار يوميا دوليا لـ quot; نوروزquot;، أخذ الاحتفال بعيد نوروز هذا العام بعداً عالميا، وجاء في قرار الجمعية بهذه المناسبة ان نوروز الذي يعني quot;يوم جديدquot; و الذي يتساوى الليل و النهار فيه يعتبره اكثر من 300 مليون انسان في العالم بداية للسنة الجديدة. حيث تحتفل به شعوب مختلفة في دول البلقان ومنطقة حوض البحر الأسود و القوقاز و آسيا الوسطى و الشرق الأدنى والأوسط والأقاليم الأخرى منذ نحو 3000 سنة. بحسب بيان الأمم المتحدة.


وفي مدن إقليم كردستان العراق، والمدن الكردية في تركيا وايران وسوريا، تواصل الاحتفالات بعيد نوروز لاكثر من ثلاثة ايام، حيث احتفل به الأكراد بإشعال النيران على قمم الجبال خلال احتفالات شعبية واسعة اقيمت في جميع المدن والقرى ايذانا بتجدد الحياة وولادة السنة الجديدة، وفي مدن وعواصم اوربية وعربية من قبل الجاليات الكردية.


وفي الثلاثين من سبتمبر- ايلول 2009، كما ذكرنا تم تسجيله من قبل المنظمة العلمية الثقافية التابعة للأمم المتدة (اليونيسكو)، تراثاً عالمياً غير ملموس، من قبل ممثليات كل من الجمهورية الإسلامية الايرانية، أفغانستان، آذربيجان، طاجيكستان، كازاخستان، قرقيزستان، تركيا و تركمنستان لدى منظمة الامم المتحدة، وقدمت مبادرة مشتركة لكتابة مسودة القرار، وقد تم عرض هذه المسودة بمشاركة ايران وسواها ممن تقدموا بطروحات ومشاريع بهذا الخصوص، على اللجان الاقليمية، الجغرافية، والسياسية الاساس لدى هذه المنظمة العالمية.


وفي الامم المتحدة بتاريخ 21 اذار، تم تکريم عيد النوروز الذي تحول الى احتفال عالمي، وذلک بحضور المئات من الضيوف الايرانيين والاجانب، وقد قدم محمد خزاعي سفير ومندوب ايران الدائم خلال الاحتفال تقريرا عن مسيرة المصادقة على قرار الامم المتحدة حول النوروز الذي يحتفل به اکثر من 300 مليون شخص في العالم. واعرب امين عام الامم المتحدة بان کي مون في رسالته بهذه المناسبة عن تقديره لقيام الجمعية العامة للامم المتحدة بالمصادقة على القرار المرتبط بعيد النوروز باعتباره احتفالا عالميا معربا عن امله بان تبذل دول وشعوب العالم ووفقا لتاريخ وسنن هذا العيد العريق، الجهد بغية ايجاد حياة منسقة مع الطبيعة وترسيخ السلام والاحسان في العالم. وکانت الجمعية العامة للامم المتحدة قد صادقت في 23 شباط الماضي على قرار ينص على اعتبار عيد النوروز يوما عالميا.


من خلال العرض السالف، نجد ان دور العراق غائب عن مشاورات المجموعة الدولية المعنية بنوروز في الامم المتحدة ومن الجهود التي سبقت البيان الاممي باعلان نوروز عيدا عالميا في 21 مارس، ولا ندري ما السبب في ذلك رغم ان الدستور العراقي الدائم قد ضمن الشرعية القانونية للعادات والاعياد والمناسبات القومية والوطنية لكل الشعوب والمذاهب الدينية في بلاد الرافدين ومنهم الكرد.. ولكن بيان الامم المتحدة والتعريف الوارد في لائحة منظمة اليونسكو لم يتضمنا اي ذكر لاكراد العراق ولا للعراق كدولة، والكل يعلم ان نوروز الاكراد يختلف عن نوروز بقية الشعوب في المنطقة، لالتصاقهم به روحا وسلوكا ومناسبة قومية ورمزا وطنيا للحرية ولثورة الانسان الكردي على الاستبداد والظلم، والمفرح ان العراقيين يشاركون اخوانهم الكرد في الاحتفال بهذا العيد المميز.


ولا ينكر ان اقرار البيان، يعد انجازا ثقافيا كبيرا للشعوب التي تحتضن عيد نوروز بقلبها وثقافتها الشعبية، حيث إعترفت الأمم المتحدة لأول مرة بالنوروز كمناسبة عالمية، واعتبر النوروز تجسيداً للوحدة الثقافية والرسوم والعادات العريقة التي كان ومازال يألفها اكثر من 300 مليون شخص منذ ما يزيد عن ثلاثة آلاف سنة في رقعة جغرافية مترامية الاطراف تضم الشرق الاوسط، آسيا الوسطى والقوقاز، ومنطقة البحر الاسود، والبلقان ونقاطاً اخرى في العالم. وهو عيد متواصل من تاريخ قديم لتعزيز العلاقات والتواصل بين الناس والشعوب على اساس الاحترام المتبادل والسلام وحسن الجوار، ويقوي كذلك ثقافة التعايش مع الطبيعة والبيئة، وهذا ما اضفى على نوروز من قيم وعوامل انسانية عززت من ديمومة النوروز وبقاءه، خاصة لدى الاكراد، حيث تحول الى رمز وطني وقومي للحرية، وتنص البنود التنفيذية لمسودة البيان على اجراءات محددة وواضحة المعالم على المستوى العالمي:

الاعتراف بالاول من شهر فروردين (21 مارس- آذار) بيوم النوروز العالمي.

والطلب من الدول الاعضاء في منظمة الامم المتحدة العمل لحفظ النوروز وتنمية ثقافة النوروز وآدابه ورسومه وتقاليده.

ومطالبة الدول الاعضاء في الامم المتحدة بتنظيم المراسم السنوية للإحتفاء بهذا العيد للنهوض بمستوى التوعية العامة، وكذا الدول المحتفلة بالنوروز باجراء البحوث والتحقيق في اصول النوروز وتاريخه تنمية لتوعية سائر شعوب العالم بخصوص تراث النوروز.


وعيد نوروز في هذا العام، حظي باهتمام الرئيس الامريكي باراك اوباما وزير الخارجية هيلاري كلنتون، حيث هنأت كلينتون، الشعب الكردي وبقية الشعوب المحتفلة، بمناسبة حلول عيد نوروز، واوضحت في برقية تهنئة وجهتها بالمناسبة بأن نوروز، هو مطلع عام جديد، ويبعث الامل والبهجة في القلوب ويجمع الاسرة والاصدقاء من اجل تجديد العلاقات والتخطيط للمستقبل وأن الولايات المتحدة الامريكية تضم مئات الألوف من ابناء الشعوب المحتفية بهذا العيد واللذين يمجدون في هذا اليوم، تراثهم وتأريخهم. وقدم رئيس الوزراء البريطاني جورج براون تهنئة بهذه المناسبة ايضا للكرد والشعوب المحتفلة بنوروز.


وفي رسالة للإيرانيين بمناسبة عيد نوروز، مد الرئيس الامريكي باراك اوباما يد الدبلوماسية لايران، وقال: quot;رغم خلافاتنا مع الحكومة الايرانية، سنواصل التزامنا بخلق مستقبل واعد للشعوب الايرانيةquot;. وتعهد بالعمل من اجل ايصال تقنيات الانترنت الى ايران لاجل توفير الفرص للايرانيين quot;للتواصل فيما بينهم ومع العالم دون خوف من الرقابةquot;.


لهذا بعد سرد الاهمية الدولية التي حظي بها عيد نوروز في هذا العام، نجد من الضروري التأكيد على الرئيس جلال طالباني ووزير الخارجية هوشيار زيباري العمل بسرعة على ما يلي:

اولا: الطلب من الامم المتحدة لاضافة الكرد الى البيان واللائحة مع الاشارة الى العراق واقليم كردستان ان امكن.

ثانيا: الطلب من الرئيس الامريكي باراك اوباما بتوجيه التهنئة ايضا الى العراقيين الكرد عند تقديم التهنئة الى الايرانيين والشعوب الاخرى بيوم النوروز العالمي في الاعياد القادمة.

ثالثا: اعلام الامم المتحدة والدول الاعضاء فيها بملف كامل عن احتفال الكرد في كردستان العراق بعيد نوروز، وبيان الاهمية القومية والتاريخية والوطنية لهذه المناسبة للكرد والعراقيين جميعا.

رابعا: تبني بادرة وطنية عراقية لاطلاق احتفال عالمي بعيد نوروز في العام القادم، واختيار اربيل عاصمة اقليم كردستان، مركزا لهذا الاحتفال ودعوة رؤساء وملوك من العالم، والدول المعنية بنوروز، وشخصيات ثقافية وفنية عالمية، لتقديم مناسبة عالمية الى شعوب العالم من العراق الجديد، احتفاءا بعيد يجمع من تاريخ قديم علاقات التواصل بين الناس والشعوب على اساس الاحترام المتبادل والسلام وحسن الجوار، ويقوي من ثقافة التعايش مع الجميع والطبيعة والبيئة، ويتسم بقيم وعوامل انسانية عززت من ديمومة النوروز وبقاءه، وتحوله الى رمز وطني وقومي للحرية.


في الختام، نرجو ان تلقى هذه الدعوة العراقية، الاهتمام المرجو والدعم الكافي لتبني هذه البادرة من قبل السادة الرئيس جلال طالباني، ورئيس الوزراء نوري المالكي، ورئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني، والدكتور اياد علاوي، وعمار الحكيم، وكوسرت رسول علي، والدكتور ايراهيم الجعفري، ورئيس حكومة كردستان الدكتور برهم صالح، ونيجيرفان بارزاني، وعادل عبدالمهدي، وطارق الهاشمي، ومن كل الشخصيات العراقية والكردستانية المعنية بهذه المناسبة.. ومن باب الاستعداد لطرح البادرة بتفاصيل كاملة، فاننا قد اعددنا ورقة عمل كاملة لهذا المشروع الثقافي، لذا نأمل ان نجد اذانا صاغية له بعيدا عن اية نية سياسية.


* رئيس تحرير مجلة بغداد