حملة أطلقتها منظمة العفو الدولية فرع بلجيكا، من أجل التضامن مع معتقلي الرأي والسجناء السياسيين في سجون النظام في دمشق، ثم دعت لتظاهرة أمام السفارات السورية، يوم 17.04.2010 وهو مناسبة عيد الجلاء في سورية.

طبعا لايسعنا إلا أن نشكر كل من يساهم في فضح وفتح هذا الملف الأسود في سورية. وأحدثت هذه الدعوة اهتماما من قبل كل أطياف المعارضة السورية الاعتبارية منها والشخصية. وبمناسبة هذه الحملة، وجدت أنه من المناسب أن نتناول هذا الملف الأسود من زاوية الإعلام العربي.

لقد استطاعت لوبيات الدفاع عن سياسة الانفتاح على النظام في دمشق، وتغير الأوضاع السياسية والإقليمية، بعد اجتياح حزب الله للعاصمة بيروت من شهر مايو 2007 وما تمخض عنه من فرض وقائع جديدة، وقائع أضيفت للوقائع التي كان قائما العمل عليها من قبل التحالف الإيراني مع النظام في دمشق، لتخفيف حالة الحصار المفروضة على النظام منذ اغتيال رفيق الحريري، ودون أن ننسى أن جهات إقليمية ودولية متعددة كانت تعمل على هذا المنوال، وأضيف لها أيضا عامل كان يتم النظر إليه في السر، وهو ما يحدث في العراق، من محاولة لنهوضه ديمقراطيا. الأمر الذي يشير إلا أن إجهاض عراق ديمقراطي شأن إقليمي وكأنه متفق عليه بين الجميع، ودون استثناء. فتلاقت مصالح عربية مع مصلحة إيران، كان ولازال أسهل على السلطات العربية، أن ترى عراقيا إيرانيا على أن ترى عراقا ديمقراطيا سيدا مستقلا.

استطاع هذا التحالف ضد العراق علنيا كان أم ضمنيا، من أن يلغي أية مساحة متبقية في الإعلام للحديث عن ملفات حقوق الإنسان لدى السلطات العربية، وخاصة السلطة في سورية، فالسلطة في مصر أو في تونس أو في المغرب، لازال الإعلام يعطي مساحة لتفاصيل هذه الملفات، ولا عتبارات لسنا بوارد الحديث عنها الآن.

الخطير في موضوع النظام السوري، أن الصمت عنه والتواطئ معه أصبح ثقافة، وهذه ليست جديدة، وإنما منذ زمن ليس بالقليل، لكنها في هذا الزمن أخذت منحى أكثر وضوحا. نعم هي ثقافة أن يصمت المثقفون والكتاب العرب عما يجري في سورية. الحجج كثيرة وواهية، منهم من يعيدها إلى أن النظام السوري نظاما ممانعا، ومنهم من يقول ان الدول صاحبة هذا الإعلام قد اعطت أوامرا لمؤسساتها الإعلامية ان تصمت نهائيا عن الوضع في سورية. لا بل صحيفة مثل صحيفة السفير التي كنا ولازلنا نحترمها، تورد الخبر عن أن الشيخ سعد الحريري أعطى مثل هذه الأوامر للمؤسسات الإعلامية في تيار المستقبل اللبنانية، تورده وكأنه نصرا لصحيفة السفير ولتيار المقاومة الذي يتبناه خط السفير السياسي.

هذا الإعلام يجعل اهتمامه بقضية مقتل المغنية اللبنانية سوزان تميم شغله الشاغل، بينما لا يتحدث بأقل من 1% عن حاجات الإنسان العربي. ومن يموت جراء جرائم الفقر المزمن الذي سببته كوارث وفساد النظم العربية. وزاد الطين بلة أن علمانني الأمة الجدد لم تعد السلطات تعنيهم في شيء، بل هم يلاحقون الإسلاميين، الذين هم أيضا يلاحقون الحرية الفردية للمجتمعات، والمنابر مفتوحة للطرفين في معركة، تنسف مفهوم الحرية من أساسه.

مؤتمر قمة سرت...هو إعلان لانتصار التوجه الجديد في المنطقة، وهو إعادة وحدة السلطات العربية في وجه مجتمعاتها، لهذا ارتفعت النبرة من أجل القضية الفلسطينية!! لأنه كما هو معروف منذ زمن بعيد، الاستبداد العربي عندما يتصالح..يعود لنغمة فلسطين.

نتمنى أن تتحول قضية حقوق الإنسان إلى ملف له الولوية في الإعلام العربي، ولكن ممن نطلب هذا الطلب؟
لهذا لا نريد أن نقول لهذا الإعلام كفى صمتا. ونشكر في النهاية منظمة العفو الدولية.