الهرولة المخجلة لأهل الدكاكين السياسية و الطائفية العراقية صوب طهران هي أكبر بكثير من إهانة كبرى وجهت للناخب و المواطن العراقي وهو يتحدى كل مشاريع و تهديدات أهل الإرهاب في ممارسة حقه الديمقراطي المشروع و في محاولة إنتشال العراق وطنا و شعبا من هوة الإخفاق و الفشل و إحتمالات التشظي و التلاشي و الإنقسام المرعبة، لقد أبان السياسيون العراقيون من أهل النوايا و البرامج و الأهداف الطائفية النتنة عن روح إنتهازية حقيقية و عن فقدان كامل لروح المبادرة الوطنية المستقلة وهم يمتطون صهوات طائراتهم لإلتماس ( التعميد ) و المباركة و النظرة العاطفية و الحنونة من دهاقنة النظام الإيراني الذين يعيشون أزمة وجودية حقيقية تهدد نظامهم في ظل حالات الشد و الجذب و الصراع العنيفة مع المجتمع الدولي فيما السياسي العراقي القادم من المعارضة السابقة و من أشد حلقاتها تبعية للنظام الإيراني يلهث بإستماتة من أجل السعي لعقد صفقات سياسية مربحة مع النظام الإيراني من أجل ضمان سدة السلطة و الحكم و الثروة في العراق المبتلي بألف هم وغم و مصيبة، و ركضات ( طويريج ) اللاهثة و السريعة الخطى صوب طهران لا تفسر إلا بالهيمنة الإيرانية المباشرة على صانعي القرار في العراق وهي هيمنة تعدت صيغة المشاورات لتدخل ضمن صيغة التبعية و الولاء و التخادم السياسي التي تقزم العراق و تجعل منه إقليما صغيرا تابعا لإرادة أولياء الأمور في طهران وذلك واحد من أعجب المتغيرات و المتناقضات التي أنجبتها عملية ( حرية العراق ) الأمريكية و الإحتلال الأمريكي الذي فشل فشلا ذريعا في ضمان قيام نظام عراقي مستقر و مستقل و حضاري يمتلك إرادته و سيادته بيده و يقرر شعبه شكل وطبيعة الخيارات السياسية و التوجهات الستراتيجية، لقد تلاشت كل تلك الأحلام و ألأوهام و التهيؤات و كانت النتيجة بعد ثمانية أعوام من الإحتلال وقيام نظام سياسي كان من المفترض أن يكون جديدا و مختلفا و حضاريا!

هو التقزم الإقليمي و الهيمنة الإيرانية و الذوبان في ( حضرة نظام الولي الفقيه )! رغم أن ذلك النظام بحكم طبائع الأمور و مقتضيات الصراع الستراتيجي الإقليمي بالنتيجة و بحكم الواقع الميداني لا يضمر أي خير للعراق و شعبه و مستقبله بل العكس هو الصحيح فنظام إيران يشعر حاليا بنشوة النصر و الإنتقام من الشعب العراقي و من شعوب المنطقة أيضا، و التمدد الإيراني في العراق بات اليوم لا يهدد هويته العربية فقط بل وجوده المستقبلي أيضا، فعراق العجم هو الذي يراد له أن يسود و عراق العرب هو من يخطط له لأن يضمحل و ينقرض في ضوء البرامج الشعوبية الجديدة التي توجه خطوات و تحركات الطبقة السياسية المتخلفة السائدة اليوم في العراق، و حجم الحروب التي تشنها ضد الفئات و الجماعات الوطنية العراقية التي تهدف لقيامة عراقية جديدة تتجاوز أحوال الإرتهان الإرادي السائدة حاليا، ينبغي فعلا تفعيل جبهة شعبية عراقية واسعة لفضح و إفشال مخططات المؤمنين بالمشروع الإيراني المتمدد و الذين خانوا الثقة الشعبية عند أول منعطف و اول تجربة، وهاهو موسم الحجيج العراقيين من المتقاتلين على السلطة قد يمموا وجوههم شطر إيران يتلمسون الحلول من هناك في واحدة من أفظع الفضائح العراقية للمتهاونين و البائعين لكل شيء لإيران قد فضح المستور و أبان على حقيقة هزال أحزاب و تجمعات الطائفيين الذين لا يمتلكون حلولا لأزماتهم سوى بتلمسها وطلبها من نظام عاجز عن إيجاد حلول لأزماته المستجدة و المتعاظمة، لقد إجتمع المتعوس العراقي فعلا مع خائب الرجاء الإيراني.. فإنتظروا الكارثة الوطنية المقبلة...

[email protected]