مرة أخرى تعود الى الواجهة قضية إغتيال رئيس وزراء لبنان الاسبق رفيق الحريري الى الواجهة، وتطل معها سيناريوهات أخرى قد تکون لظلالها والتداعيات التي ستفرزها في حالة الاقرار بها(أو تفعيلها قانونيا)، تأثيرات قوية في جرجرة أقدام أطراف شارکت فيها وکانت(ولأسباب متباينة) في الظل طوال الاعوام الماضية.

ولعل ماأثير خلال العام المنصرم منquot;صيغةquot; سيناريو إحتمال تقديم حزب الله ککبش فداء للنظام السوري في حال تقديم الاخير ضمانات (تطبيعية) على الارض بخصوص ثمة خارطة طريق ترسم و تحدد لآفاق جديدة في عموم الموقف السوري الاقليمي و الدولي ولاسيما مايتعلق منه بعلاقاته الوثيقة بطهران، يمکن الاطمئنان نوعا ما الى أن العمل(على نار هادئة) بتلك الصيغة من السيناريو الذي ألمحنا إليه أعلاه والذي کان الى حدما مجرد فرضية تحتمل عدة أوجه، قد بدأ بالفعل والذي يتجلى في طلب استجواب ستة من أعضاء حزب الله بشأن جريمة إغتيال الحريري المقدم من قبل لجنة دولية خاصة تحقق في الموضوع.

حزب الله اللبناني، الذي يرفض هذا الادعاء بشدة و يؤکد عدم علاقته او ضلوعه بتلك الجريمة السياسية البشعة، يبدو ان رفضه هذا لايلقى آذان صاغية او أذهان متقبلة له، سيما على الصعيد الدولي، رغم ان غالبية دول المنطقة أيضا لاتجد ثمة مايدعوها للإطمئنان لنوايا و إدعائات هذا الحزب الذي أثبت عمليا بأن أذرعه الطويلة تتجاوز ليس حدود لبنان وانما حتى حدود دول المنطقة أيضا، ومن هنا فإن العمل کما يبدو وفق السياق الذي أشرنا إليه وبثمة إتفاق ضمني بين مختلف الاطراف الدولية و دول المنطقة، جاري على قدم وساق وان التهديد القوي الذي لوح به السيد حسن نصرالله قبل مدة بخصوص إمکانية حزبه فيquot;تغيير وجه المنطقةquot;، لم يؤخذ به على محملquot;الجدquot;او حتىquot;الثقةquot;به، وانما يظهر ان النية متجهة للإستهانة بها نوعاما.

طلب إستجواب ستة من أعضاء حزب الله على خلفية علاقتهم و تورطهم في جريمة إغتيال الحريري، من الممکن جدا إعتبارها فرکة اذن اخرى للنظام الايراني بعد الذي جرى في الانتخابات العراقية الاخيرة في السابع من آذار/مارس والتي شهدت تقدما غير متوقعا لقائمة السيد أياد علاوي على قائمة رئيس الوزراء السيد نوري المالکي، وان النظام الايراني الذي يعيش واحدة من أسوأ المراحل التي مرت به منذ تأسيسه في اواخر السبعينيات و بداية الثمانينيات من الالفية الماضية، يشهد ثمة حملة دولية شبه منسقة ضده يتم خلالها ضرب الرکائز التي يستند عليها في الضغط على المجتمع الدولي بشکل عام و المنطقة و إبتزازهما، وهنا تجدر الاشارة الى مسألة مهمة أميط اللثام عنها خلال الايام القليلة الماضية وهي إتهام وزير بحريني بتبييض أموال قادمة من الحرس الثوري الايراني، وهي أيضا تشکل علامة ذات أکثر من مغزى خصوصا وان العديد من الاوساط الاستخبارية في المنطقة کانت تمتلك خيوطا من المعلومات عن عمليات تبييض الاموال التي أجرتها و تجريها(قوات القدس)التابعة للحرس الثوري الايراني وعلى مختلف الاصعدة وان خروج تلك المسألة من الظل الى النور تشکل هي الاخرى رسالة مفهومة لمختلف الاطراف من أن عملية فتح الملفات(المثيرة)قد تستمر لو لم يعجل في تقديم کبش فداء(سمين) على ضريح جريمة اغتيال الحريري وقطعا بالامکان إعتبار حزب الله کبشا سمينا و سمينا جدا.

ان إلقاء تبعة جريمة إغتيال الحريري على عاتق حزب الله والذي کان سابقا مجرد فکرة او فرضية ما، لايعني بالضرورة أن النظام السوري برئ منها او ليست لديه أية علاقة بتفاصيلها، مثلما يعني تلقائيا أيضا عدم تورط طهران بصورة او بأخرى بمجرياتها. وبمعنى آخر يمکن القول ان هناك أكثر من محور مشترك بصورة او بأخرى في تفاصيل ذلك المشهد الدموي الذي اودى بحياة واحد من ألد خصوم دمشق و طهران في لبنان.