ظن البعض فى مصر وخارجها اثناء مرض الرئيس مبارك الاخير وتواجدة فى المانيا لاجراء عملية جراحية لاستئصال اورام سرطانية فى معدته..ظنوا انه سوف يعلن تخليه عن السلطة وتقاعده من منصبه كرئيس للجمهورية بسبب تدهور ظروفه الصحية وتقدمة فى السن.. وشطح البعض الاخر بخيالهم وتصوروا ان القيادة السياسية سوف تقوم بالاعلان عن انتخابات مبكرة هذا العام بدلا من العام القادم تعطى الفرصة خلالها للجميع من ابناء مصر فى الداخل والخارج للترشيح لمنصب الرئيس بعد رفع القيود والشروط الحالية التى تجعل من ترشيح واحد مثل الدكتور البرادعى او غيرة من سابع المستحيلات.. وعلى العكس تجعل فرص ترشيح ابن الرئيس جمال مبارك او اى مرشح اخر عن الحزب الوطنى الحاكم ونجاحه امرا من السهولة تحقيقه بدون جهد او مشاكل.

ولكن يبدوا ان هذة الظنون والتصورات غير صحيحة بدليل ما صرح بة صفوت الشريف منذ ايام قليلة بانهم فى انتظار عودة الرئيس من المانيا لمباشرة اعماله بدلا من اطلاع الشعب على الاجراءات التى اتخذت او التى سوف تتخذ فى حالة وفاة الرئيس او عدم تمكنة من القيام بمهام وظيفتة مرة اخرى بعد عودتة من الخارج نتيجة لظروف مرضة وتقدمة فى السن.


بل والادهى ان نجد الصحف المصرية تبادر بنشر خبرا يقول ان الرئيس مبارك عاد من جديد لتولى سلطاتة وصلاحياتة الدستورية بعد ان فوض رئيس الوزراء الدكتور نظيف بتولى مسئولية الحكم اثناء مرضة وغيابة عن الوطن رغم وجودة فى المستشفى خارج البلد.. ورغم انة لايزال حتى هذة اللحظة التى اكتب فيها هذة السطور فى احتياج شديد لايام وربما اسابيع لاسترداد عافيتة وصحتة نتيجة العملية الجراحية التى اجريت لة!!


لقد كان من الحكمة وحرصا على مصلحة الوطن واسقراره ان ينتهز مستشارو الرئيس ومساعدوه وكبار رجال الدولة الفرصة ويقوموا بنصح الرئيس بالتخلى طواعية عن مسئولية الحكم رحمة ورافة بة حيث ان الرجل تجاوز ال80 عاما من العمر وتربع على عرش المحروسة بلا منافس لمدة اقتربت من 30 عاما متواصلة بلاضافة الى السنوات التى عمل فيها نائبا للرئيس السابق السادات..

ولكن فيما يبدو ان القلة الحاكمة فى مصر يخشون من ترك السلطة حتى لا ياتى بعدهم من يحاسبهم على الاخطاء والفساد والقصور الذى حدث فى عهدهم.. بجانب ذلك فهناك ايضا من يخافون من التغير والتجديد وتخلى الرئيس مبارك عن الحكم حتى لا تضيع مكاسبهم والامتيازات الضخمة التى حصلوا عليها ثمنا لولاءهم ووفاءهم واخلاصهم وتايدهم غير المشروط للنظام ودفاعهم المستميت عنة.


اننى اعتقد ان الرئيس مبارك يخشى من ترك السلطة وتسليم الحكم لغيرة والعودة الى الشعب والتمتع بحياتة كمواطن عادى مثلى ومثلك ربما تخوفا من المسائلة القانونية عن بعض القرارات التى اتخذها ووافق عليها جنبا الى جانب مسا ئلتة ومحاسبتة بحكم كونة رئيس الدولة عن حالات التعذيب والقتل والاضطهاد اوجرائم يعتقد الكثيرين داخل مصر وخارجها انها بمثلبة جرائم ضد الانسانية ارتكبت ضد عدد من المواطنين المصريين اثناء سنوات حكمة..

ولذلك فليس من المستغرب او المستبعد ان يكون الرئيس ومستشاروة ورجاله المقربون اليه بسبب خوفهم من القادم المجهول يعملون معا ويخططون فى الخفاء على توريث الحكم لجمال مبارك خلفا لابية اذا امكن او احد المقربين والموثوق فيهم مثل الوزير عمر سليمان مدير المخابرات المصرية لكى يبقى الوضع فى مصر قائما على ما هو علية لسنوات عديدة قادمة ومن ثم لا يكون هناك مسائلة او محاسبة لاحد عن اخطاء سابقة او جرائم من اى نوع ارتكبت فى الماضى او ازعاج او خسائر او تغير فى وضع الصفوة المحظوظة من كبار رجال الاعمال والاعلاميين وغيرهم.


ولكن يبقى الرهان على جمال مبارك محكوما بموافقة كبار رجال الجيش المصرى على تولية منصب رئيس الجمهورية خلفا لابيه فاذا لم تكن هناك معارضة قوية منهم فاننى اثق ان فرصتة لتولى حكم المحروسة سوف يكون بنسبة 99 فى المائة حتى لو خرج الاخوان المسلمين بمصاحفهم عن بكرة ابيهم للشواع ومعهم جميع اعضاء لاحزاب المعارضة فى مصر والقلة المثقفة الحالمة من امثالى بالتغير السلمى عن طريق صناديق الانتخابات والديمقراطية والحرية والمساواة والعدل والسير مع التقدم والحضارة وعصر الفضاء.

اما الذين يراهنون على ثورة الاخوان المسلمين اوالجياع والمظلومين والعاطلين عن العمل من ابناء الشعب المصرى ويتنبأون بخروج الملايين الى شوارع المدن والقرى المصرية فى حالة تنصيب جمال مبارك رئيسا على مصر خلفا لمبارك الاب كما حدث فى رومانيا وبولندا وبقية الدولة التلى كانت تابعة الى الاتحاد السوفيتى فاننى بصراحة اجد صعوبة بالغة فى رؤية حدوث هذة الثورة التى يتوقع البعض حدوثها فى مصر لانها تخالف طبيعة الانسان المصرى االمسالمة والمستسلمة دائما لقدرها وقضاءها والمعروف عنها الاحتمال لاقصى الحدود التى لا يمكن لبشر احتمالها حتى لو كانت هذة الحدود هي الحد الادنى من حقوق الانسان المعمول بها على مستوى العالم!!!


استراليا
[email protected]