في البدء لابد من تثبيت حقيقة ان ايران هي اللاعب الأكبر المهمين في العراق، وان حدثاً هاما كالأنتخابات لايمكن مطلقاً ان يخرج عن سيطرتها ويُترك بيد مجموعة أفراد في مفوضية الأنتخابات.. وامام هذه الحقيقة لابد من تحليل ما يجري برؤية جديدة تنسف كل مايقال في هذا الشأن، والنظر الى مايدور من صراعات على انها عبارة عن مسرحية مفبركة تم تأليفها وأخراجها في أورقة المخابرات الإيرانية!

وبخصوص نتائج الأنتخابات المعلنة حتى قائمة اياد علاوي لم تكن تتوقع وتحلم بهذه النسبة الكبيرة من الفوز، وكانت تتوقع خسارة كبيرة لها ولهذا أطلقت تحذيرات متكررة قبل عد الأصوات واثناءها، فما الذي جرى حتى تتغير النتائج بهذا الشكل العجيب؟

في السابق عمدت ايران الى تخويف الشيعة وترويعهم بواسطة جرائم الإرهاب والقتل الجماعي ضدهم عن طريق حلفائهما جماعة القاعدة وبقايا البعث وسوريا، وقد نجح المخطط في اثارة ذعرهم وتفعيل المشاعر الطائفية في داخلهم، وإشعارهم بالضعف والحاجة الى الحماية، وهنا بدأ عملاء ايران الحديث عن العمق الأستراتيجي الذي تمثله ايران لشيعة العراق، وضرورة الإلتفاف حولها والإرتماء في احضانها، وهكذا أصبحت المدن الشيعية عبارة عن مستعمرات إيرانية، ونهبت ثروات العراق، وصار من يتحكم بالقرار السياسي للشيعة في الحكومة والبرلمان هي ايران وفي وضح النهار!

والآن حينما شعرت ايران بتراخي وانفراط التعبئة الطائفية لدى شيعة العراق، وانكشاف أشتراكها في جرائم الإرهاب ضدهم... كان لابد من التفكير بسيناريو جديد يهدد وجودهم السياسي ويقرع أجراس الخطر امامهم، فالقاعدة المعروفة تقول: من اجل حشد الناس وتوحيدهم لابد من حصول خطر خارجي يهددهم.. وهاهو الخطر قادم يتمثل في فوز اياد علاوي البعثي حليف الدول العربية الذي سيعيد ازلام نظام صدام الى السلطة، وسيخسر الشيعة كل شيء.

ومن اجل تنفيذ هذا السيناريو كان لابد من تزوير الأنتخابات لصالح علاوي من قبل ايران بدرجة ان يظل مستوى التزوير تحت السيطرة ولايؤثر على القوائم الشيعية، فتقدم علاوي بعدة أصوات يمكن التغلب عليه بمجرد أتحاد هذه القوائم مع الاكراد وسيشكلون الحكومة بسهولة، بمعنى ان التزوير ليس له سوى تأثير نفسي فقط لأثارة المخاوف دون تغيير المعادلة السياسية القائمة على المحاصصة والسيطرة الإيرانية.

هل الأحزاب الشيعية شريك في تزوير الانتخابات لصالح علاوي؟.. مؤكد ان قياداتها الكبيرة مشارك في هذه المؤامرة وهي على اطلاع كامل بتفاصيل السيناريو.. لاحظ كيف تم أستنفار مجالس المحافظات الشيعية التي هددت بالعصيان، وكيف تمت تعبئة الناس... مما يدل على وجود مخطط ايراني معد سلفا وجاهزا للتنفيذ لإفشال الأنتخابات وأفراغها من محتواها، ثم اعادة الشيعة الى بيت الطاعة الإيرانية وتحويلهم الى بيادق شطرنج وسرقة اموال العراق وجعلهم أحدى الحدائق الخلفية لإيران تستعملها كورقة للمساومة لتحقيق اهدافها السياسية.

الخلاصة: ان ايران بالتعاون مع الأحزاب الشيعية أقدمت على تزوير محدود لصالح اياد علاوي، بقصد اثارة مخاوف الشيعة ودفعهم للتخندق الطائفي والإرتماء في أحضانها، وان العراق أصبح لبنان ثاني فقد أستحكم فيه نظام المحاصصة الطائفية والقومية وانتهى الأمر، وان أي تغيير سياسي لإلغاء المحاصصة مرهون بحصول ضربة قاصمة لنظام ولاية الفقيه الإيرانية وإسقاطه دوليا، وإلا سنقرأ على مستقبل العراق السلام وسينتهي الأمر به الى مجرد ولاية ايرانية مهانة وذليلة!!

[email protected]