حمدا لله على سلامتك..عودتك الى ارض الوطن طال انتظارها من شعب لا يملك الا أن يحبك لانك قدره، شعب صار بينك وبينه عشرة عمر، شعب اصيل يستحق أن يعيش بشكل افضل.. ملايين المصريين، قلوبهم معك، الفلاحون في مزارعهم، والعمال في مصانعهم، والتجار في متاجرهم الذين كانوا يدعون لك ليل نهار أن يمن الله عليك بالشفاء..انتظروا عودتك.. وبعودتك بسلامة الله يطمئن الشعب، وتستقر أسواق الاوراق المالية وتذهب الشائعات.. وبقدر اشتياقك للعودة الى مصر، يشتاق المصريون الى العودة للوطن أيضاً..
إن غيابك عن مصر واكبه ركود في كل القطاعات وتخوف من المجهول، تبدد هذا الخوف وملايين المصريين يشاهدونك على شاشة التليفزيون، في مستشفى هايدلبرج، مرة توقع على قرارات، وأخرى تجري اتصالات هاتفية، فاطمأن الشعب، واستقرت الأسواق المالية، وتراجعت الشائعات، وخفت صوت المغرضين، وبقدر اشتياق سيادتك للعودة الى أرض الوطن، بقدر رغبة ملايين المصريين المغتربين في العودة ليعيشوا في وطن عزيز بحرية وكرامة.


لم يستطع الدكتور نظيف الذي نقلت إليه جميع صلاحياتك أن يستخدمها، لم يعلن الحداد في مصر على شيخ الازهر ثلاثة ايام، تنكس خلالها الاعلام كما تقتضي التقاليد والمراسيم، ولم يكلف نفسه عناء إرسال بعثة رسمية تشارك في تشييعه الى مثواه الاخير في البقيع في المدينة المنورة، مع أن منصب شيخ الاذهر يعادل منصب رئيس الوزراء في المزايا، ويفوقه بصفته اعلى مرجع للسنة في العالم الاسلامي.


معنى ذلك أن سيادتك quot;الكل في الكلquot; وما دونك قطع شطرنج تحركها كيفما تشاء، كما صرح وزير الزراعة السابق يوسف والي، فلا أحد غيرك يمكن أن يفعل شيئا في غيابك المؤقت، وهذا يدل على أن وزراءك ورئيسهم مجرد موظفين لا سياسيين وإداريين، وهذا لا يصلح لادارة دولة كبيرة بحجم مصر. لقد افتقدنا الوزير السياسي المحنك والاداري القوي فتراجع الأداء وتفاقمت المشاكل.


سيادة الرئيس.. تعود بسلامة الله الى أرض مصر الغالية.. تجدها كما تركتها.. حكومتك بالأداء الرائع نفسه..لا مشاكل سوى اعتصامات واحتجاجات هنا وهناك من أناس يطالبون بصرف مستحقاتهم، أو مسرحين يطالبون بحقوقهم.. الجديد أزمة سولار جاءت بعد أزمة أنابيب البوتاجاز، والبرلمان يمارس دوره الرقابي والتشريعي على أكمل وجه، ونقاشات وسجالات لمصلحة مصر، خرجت قليلا عن أسلوب اللياقة حين تفوه بعض الأعضاء الموقرين بألفاظ خادشة للحياء.


وبعض الأعضاء المحترمين هاجموا وزير الصحة لأنه فكر في إلغاء العلاج على نفقة الدولة، بعدما تحدثت الصحف عن مافيا من أعضاء البرلمان ومسوؤلين في الصحة جمعت ثروات هائلة تقدر بمئات الملايين، وبعدما أثيرت مسألة علاج وزير المالية يوسف بطرس غالي وزوجة وزير الصحة حاتم الجبلي في الخارج على نفقة الدولة، وأحزاب الوفد والتجمع والناصري والجبهة الديمقراطية خرجت من مؤتمرها المنعقد في الثالث عشر من مارس الجاري بسلسلة مطالب مكررة عن الاصلاح وتعديل الدستور وإلغاء قانون الطوارىء والإشراف على الانتخابات وغيرها من المسائل، وكله لزوم الديكور والديمقراطية.


سيادة الرئيس.. إن شعب مصر افتقدك هذه المدة لأنه quot; شعب عشري والعشرة ما تهونش إلا على ولاد الحرام quot; فأنت ndash; شخصية وطنية من نبت هذه الارض الطيبة ndash;ألفناك منذ ثلاثين عاماً ملايين الشباب في مصر فتحوا أعينهم على الدنيا ولم يعرفوا غيرك في مصر، عملت في الإعلام المصري، وكل البرامج الخاصة عن المشروعات الكبرى في شرق العوينات وفوسفات أبو طرطور وتوشكى، وكل التغطيات من إنتخابات ومؤتمرات وغيرها كانت كفيلة بتعيين الاف العاطلين عن العمل، نحن شعب نرضى بقليله،دعاؤنا الصحة والستر.. لا نثور ولا نغضب والدليل الاستقرار التي تنعم به مصر طوال الثلاثين عاما الماضية ادام الله على مصر نعمة الأمن والأمان.!


سيادة الرئيس.. لقد حزنت لمرضك، لكن من منا لا يمرض، ومن من شعبك لم يدخل غرفة العمليات، إنني وزوجتي وأولادي دخلنا غرف العمليات، في بعض المرات كانت علقة سخنة، ومرات أخرى مرت بسلام، لكن في نهاية المطاف نشكر الله، ونشعر بقيمة الصحة، وهذا هو حال العبد المؤمن، إن اصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له، ولكن الأمر المهم الذي يخرج به الإنسان من عامة الناس يا سيادة الرئيس هو التأمل في حاله والتفكير بعمق في أموره، ليصلح ما قد فسد ويرى الأمور بعين مختلفة.


سيادة الرئيس.. يقول حكيم quot; لولا الألم لكان المرض راحة تحبب للناس الكسل، ولولا المرض لافترست الصحة أجمل نوازع الرحمة في الانسان. ولولا الصحة لما قام الإنسان بواجب، ولا بادر بكرامة، ولولا الواجبات والمكرمات لما كان لوجود الإنسان معنى في هذه الحياة. إذن المرض ساعات رائعة لمراجعة النفس وقد يخرج المرء يا سيادة الرئيس باشياء قد تنقل حاله من الاسوأ الى الأفضل ومصر بحاجة الى الأفضل في كل المجالات.


سيادة الرئيس.. أحبك كرمز مثل والدي رحمه الله، وكثيرون فى مصر يحبونك.. وبدافع هذا الحب المتبادل، أدعوك أن تتأمل واقع مصر، فليس كل شيء على ما يرام، كما يقول بعض المحيطين بك، فإذا كان واقع مصر مترديا فوجب عليك- وأنت المسؤول- أن تفكر ونفكر معك فى تحويل هذا الواقع المرير الى مستقبل مشرق، إذا تأملت تجد أن بداية الاصلاح هو التعليم، وإحياء مشروع الدكتور أحمد زويل الخاص بإنشاء مدينة للعلوم والتكنولوجيا، وهو المشروع الذي ظل ولا يزال حبيس الأدراج طوال الإثني عشر عاما الماضية، والقضاء على البطالة، ببدء تنفيذ مشروع الدكتور فاروق الباز الخاص بإنشاء الظهير الصحراوي، وهو مجتمع عمراني متكامل يمتد من الاسكندرية حتى أسوان، ويوفر ملايين من فرص العمل للشباب، ومكافحة الفساد الذي صار له مؤسسات أقوى من الدولة، وإنشاء نظام الرعاية الصحية بعد أن سكنت كل الامراض جسد المواطن المصري، وبات الملايين يحملون أنواعا من الفيروسات والأمراض الخبيثة، ولا يجدون العلاج. وإذا نظرت في التعديلات الدستورية الأخيرة ستجد أنها تعوق التقدم في مصر، وأن تعديل المادتين 76، 77 من الدستور سيكون في مصلحتك، ومصلحة مصر حينئذ سترى أن شعبك سيحملك على الأعناق، وأنت تعمل لمستقبله، وتقوده نحو مستقبل مشرق.


وللأمانة، أقول إن أشياء كثيرة في مصر تغيرت إلى الأفضل، كان والدي رحمه الله يقول إن اليوم أفضل من الأمس والغد أفضل من اليوم، كان يؤمن بأن الرئيس مبارك سينقل مصر الى مصاف الدول المتقدمة ويرى أنه رجل يجب الإستقرار، ويكره المغامرات، ولديه فرصة تاريخية ليتقدم بالبلد، وهذه حقيقة، فليس هناك حروب يسخر لها كل الموارد، ومن الطبيعي أن توجه هذه الموارد الى الداخل، كان يسكن في أعماق والدي حلم يراه في عيون الطيبين من أبناء مصر بأن مصر تستحق أفضل مما هي عليه، مات والدي قبل ست سنوات، ولم يرى quot;طوابير العيشquot; وضحاياه، وquot;طوابير انابيب البوتجازquot; وضحاياها، لقد اصبحت أخبار مصر على الفضائيات تختزل في أزمة رغيف الخبز، وأنابيب البوتاجاز، والاعتصامات المفتوحة، والإضرابات المستمرة، مات والدي ومات معه الحلم، لكن الحلم لا يزال يسكن اعماقي بأن مصر يوما سترقى الى مصاف الدول المتقدمة، وستتغير حالة الجمود الحالي وسنستفيد من تجارب الصين وماليزيا وتركيا وغيرها من دول بدأت بعدنا بسنوات وسبقتنا بعشرات السنين.


سيادة الرئيس.. حمدا لله على سلامتك ومعذرة إن أطلت عليك.. فلاشك أنك تحن الى رؤية كل غرفة من غرف بيتك الصغير، وتشتاق الى أن تشرب من ماء النيل العذب، وتهفو روحك الى استنشاق نسيم الربيع.
سيادة الرئيس.. ختاما أرجو ألا يُساءَ فهمي، فإن أصبت فأجري على الله، وإن تجاوزت، ففي حب مصر مليون مبرر لمن لا يجيد النفاق.

اعلامي مصري