أکثر من 28 عاما من عمري قضيتها مدخنا للسيکارة بحيث وصل الامر الى حد انني کنت أدخن أکثر من 70 سيکارة يوميا، وهو ماترك آثارا بالغة السوء على صحتي ودفعني آخر الامر(مضطرا)الى الاقلاع عنها نهائيا.

ولم تکن مسألة الاقلاع عن التدخين بذلك القرار الهين و العادي في حياتي بل لقد کان واحدا من أکثر القرارات أهمية في حياتي کلها ولازلت أحسد نفسي على ذلك القرار الحکيم الذي جنبني شر واحدة من أسوأ العادات التي أبتليت بها الحضارة الانسانية المعاصرة، ولم أك أعتقد يوما بأنني سأکتب عن التدخين او السيکارة لولا ذلك الموضوع الغريب الذي أثير مؤخرا بصدد دخول دم الخنزير في تصنيع فلتر السيکارة(!!)، وماسيثيره بالضرورة من تداعيات و دعاوي ساخنة بصدد السيکارة وقد نصطدم(بالضرورة) لإحتمال تصنيع(فلتر حلال)محسن لايدخل في تصنيعه دم الخنزير وانما قد يکون دم الخروف او العنز او حتى البعير وعندها سيهدأ بال المدخنين المسلمين و يهنأون بتدخين سيکارة إسلامية وقطعا ستقوم الشرکات الاجنبية العالمية بتلافي هذ العقبة أمام بيع منتجاتها من الدخان في الاسواق الاسلامية و سنجد الى جانب عبارة(التدخين ضار بصحتك) عبارة(الفلتر مصنع بدم حلال)، او(الفلتر مصنع من دم الماعز) او أي حيوان ذو ظلف آخر محلل لحمه شرعا، وقطعا لست متيقنا 100% من أن الفلتر(الحلال)سيکون مصنعا من قبل بلدان اسلامية لکنه وفي کل الاحوال ليس بمستحيل، خصوصا فيما لو تم تسجيل براءة اختراعه في بعض من بلدان المنطقة(الديمقراطية جدا) عندها سيعتبر ذلك نصرا مؤزرا على تلك البلدان الاستعمارية التي کانت ترسل لبلداننا ومنذ عقود طويلة فلترا مغمسا بدم الخنزير وقد تدعي هذه الانظمة وبوحي من تفکير و إستنتاج بعضا من التنظيمات المتطرفة بأن ذلك الامر قد حدث من أجل خلق أجيال متراخية و کسولة لاتحب تحمل أعباء المسؤولية. ويقينا بأن التنظيمات الاسلامية المختلفة(سيما المتطرفة منها)، قد تجعل من هذا الموضوع قميص عثمان بوجه المنتجات الغربية المختلفة مثلما بإمکانه أن يغدو رأس حربة بوجه الانظمة المختلفة وتستغل لمآرب أخرى متعددة الاهداف و المقاصد.

البروفسور سايمون شابمان(الاسترالي المسيحي) بحسب ماجاء بتقرير نشرته العربية.نت، هو من أکتشف ان أحد المواد المستخدمة منذ زمن بعيد في تصنيع فلتر السيکارة هي مشتقات من دم الخنزير معروفة باسمquot;هيموغلوبينquot;، وتساعد على تماسك نسيج الفلتر بحيث يصبح أکثر فعالية في الحماية من مضار الدخان الذي يمر مرات و مرات کل يوم عبر الافواه الى رئات أکثر من 100 مليون مسلم مدخن في المنطقة العربية لوحدها، ودعا شابمان في مقال کتبه في أحدى الصحف البريطانية المسلمين و اليهود الى منع بيع السکاير و تدخينها من باب تحريمها دينيا.

ومن الممکن أن يثير هذا الموضوع أکثر من عاصفة و على أکثر من صعيد، ذلك أن وجود سوق کبيرة و عامرةquot;على الدوامquot; للدخان الاجنبي في العالمين العربي و الاسلامي، وإحتمالات ماسيترك تداعيات مثل هکذا موضوع من أضرار بالغة على الشرکات الاجنبية، سوف يدفع بالضرورة الاخيرة لکي تتحرك من أجل تلافي تلك الاضرار جهد إمکانها، لکن، وفي الجانب الآخر، فإنه من المحتمل جدا أن تنتعش سوق الإشاعات لکي تطال منتجات أخرى قادمة من بلادquot;الافرنجةquot;، ومن يدري فقد يتطور الامر الى الحد الذي تصبح فيه اسواقنا ساحة حرب طاحنة للکارتلات و الشرکات الاجنبية المختلفة و کما کان الحال مع(جنون البقر)و(إنفلونزا الطيور)و(انفلونزا الخنازير) و ماترکته من آثار بالغة على الاسواق العالمية، فإن الفلتر(المخنزر)قد يفتح بابا يؤدي لفتح عشرات الابواب الاخرى وعلى طريقة(لمصائب قوم عند قوم فوائد)، و ستصبح أيضا سوقا خصبة و رائجة لمختلف وسائل الاعلام سيما المقروءة منها.

لکن السؤال الاهم و الاکثر حساسية، هو؛ في حال التيقن من حقيقة دخول الدم الخنزير في تصنيع فلتر السيکارة وفي الوقت الذي يتم فيه إستيراد فلتر السيکاير من مصادر غربية لمختلف مصانع الدخان العربية و الاسلامية، هل سيبادر حقا عشرات بل ومئات الملايين من المسلمين الى الاقلاع عن التدخين؟ أو على الاقل هل سيتوجهون لتدخين لفافات تبغ من دون فلاتر؟ شخصيا لاأجزم بذلك!!