منذ سقوط النظام السابق على أيدي قوات الأحتلال والعراق يمر بأزمات متتالية تشمل كل نواحي الحياة، ألأمن، ألأقتصاد، الثقافة، التعليم، الخدمات. وفي مقدمة كل ذلك الفشل في أعادة بناء الدولة العراقية والتي كان النظام السابق قد دمرها وأختصر القانون بسطر وتوقيع.

توصل ايديولوجي المحافظين الجدد والصهاينة المسيحين المتنفذين في ذلك الوقت ألى وضع مبدأ ( الشرق الأوسط الجديد) وجعل العراق مختبر ومنطلقا لتنفيذ هذا المبدأ وعلى رأس هذه المجموعات ريتشارد بيرل و ديك تشيني و رامزفيلد و دوغلاس فيث و وولفتز وأخرين.

الهدف من مبدأ الشرق الأوسط الجديد أجراء هزة في العالم العربي الأسلامي وعلى كافة الأصعدة السياسة وألاجتماعية والثقافية وألأقتصادية،جزء من نظرية الفوضى الخلاقة ولأعتبارين بعد أن قدمت لهم أطراف عراقية ذات صلة بايران تطمينات بشأن الموقف الأيراني، هذين العاملين النفط و تراكم الأموال للدول المنتجة له حكومة وأفراد و ما قد تكون له علاقة بالأعمال الأرهابية الدولية للمجموعات السلفية السنية المتطرفة وعلى رأسها القاعدة.

لا أود الدخول بالتفاصيل والمجال لا يفسح و لكن نتيجة العملية المختبرية في العراق هذه كان الفشل الذريع لمبدأ الشرق الأوسط الجديد ومعه واضعيه وخسرت الولايات المتحدة ألاف الضحايا من قتلى و جرحى أضافة الى العديد من مليارات الدولار الأميركي ونتيجة ذلك أسرعت ألأدارة ألأميركية هذا المبدأ وحل محله هدف الحفاظ على السلم والأمن في العراق، وأنسحب المحافظين الجدد من موقع أتخاذ القرار و وأستقال بيرل من رئاسة معهد الدراسات الأستراتيجية للبنتاجون وذهب وولفتو الى البنك الدولي و خرج رامزفيلد من وزارة لدفاع و أخيرا خسارة الحزب الجمهوري في ألأنتخابات الأميركية.

وفقا لمبدأ الشرق الوسط الجديد سلمت القيادة الأميركية و بمباركة ايران حكم العراق للأحزاب الشيعية والأحزاب الكوردية مع بعض الرتوش.
يقول الدكتور محمود المشهداني وفي خلال رئاسته لمجلس النواب ومن ذلك الموقع الرئاسي أننا فشلنا كأحزاب دينية شيعية و سنية حكم العراق و علينا التخلي لمن هو أفضل و أقدر على ذلك خارج الأحزاب الدينية.

سبع سنوات مرت والعراق يعيش في دوامة من الموت والسرقة المتمثلة بالفساد المالي والأداري،والفشل في ألأصلاح الأقتصادي الصناعي، الزراعي،المالي، وكذلك دوامة ألأتجاربالعراق ورهنه لدى هذه الدولة أو تلك، وما شاهدناه خلال الأنتخابات الأخيرة دليل واضح.

وألأدهى من كل ذلك الفشل في أعادة بناء الدولة العراقية على أسس عصرية تمكنها من الوقوف ومجابهة التحديات في العملية السياسية والبناء.
فشلت القيادات السياسية العراقية في معالجة التناقضات والغموض في الدستور العراقي ولم تتمكن من أجراء أي تعديل للدستور كما فشلت في معالجة قانون الخدمة العامة وأبقت للسلطة التنفيذية الأقرار النهائي في شأن معاقبة موظفي الدولة من خلال السلطات الممنوحة للوزير كما فشلت في أقرار قانون النفط والغاز كما فشلت، وفشلت في أمور عدة لا مجال لتعدادها في هذه الورقة.

يقول السيد نوري المالكي أنه لا يريد وزارة تقاسم الغنائم مرة أخرى، وهكذا نحن أمام أقرار رئيس وزراء وزعيم حزب سياسي أن الوزارات التي سبقت كانت من أجل الغنائم، هذا التقاسم للغنائم الذي شمل الأشخاص والفئات، وأصبح للبعض كما تشير التقارير حسابات المليارات من الدولارات.

والسؤال الذي يطرح نفسه الى متى يبقى أهل العراق أسرى تجار السياسة و قيادات العملية السياسية الجارية اليوم والتي فشلت في تقديم أي أنجازحقيقي مؤثر يحسن من واقع الحياة اليومية للمواطن العراقي، من ذلك أمر لا خلاف عليه من قبل كل الناس ومهما كانت أنتمائاتهم و تتوافق مع الشريعة الأعراف الدينية وهي قضية الأمية في العراق، وحسب أحصاءات اليونسكو كان عدد الأميين في العراق بعد سقوط النظام السابق ثلاثة ملايين وأصبح العدد اليوم أكثر من سبعة ملايين.

الفشل هو العنوان، الفشل في بناء الدولة،الفشل في الحفاظ على ألأمن، الفشل في تقديم الخدمات والفشل بالنهوض بالعراق على كافة الأصعدة الثقافية والأقتصادية والأجتماعية وألأمنية.

وجاءت الأنتخابات الأخيرة لتعيد ما جرى في الدورة الأنتخابية السابقة وما أفرزته تلك مشابه لما أفرزته هذه الأنتخابات، والحكومة القادمة بعد أشهر ستكون في وضع مشابه لما حصل في السابق حكومة محاصصة عاجزة عن أعادة بناء العراق، وحديث البعض عن حكومة برنامج، حديث لا يرتبط بواقع حال التعصب الثانوي الذي تعيشه ألأطراف الفئوية المختلفة في الحصول على أكبر المكاسب الفئوية عاجزين عن تقديم العصبية الرئيسية ---العراق ---.

يجري الكلام عن حكومة مشاركة، وبل ذهب البعض الى الدعوة لحكومة مشاركة ببرنامج كي تبعد الحكومة القادمة عن المحاصصة، وأذا أخذنا هذه الدعوة بجد وحسن نية، ستبقى قضية البرنامج ضبابية غير واضحة، وندعو الى من له برنامج حكومي أن يقدم لنا برنامج بالتفاصيل و مستند الى أرقام و تواريخ...خارطة طريق الحكومة لأربع سنوات قادمة مع ألأمكنيات المالية لتطبيق ذلك، وألا ستبقى هذه الدعوات شعار فارغ حاله حال الشعارات الأخرى المتوافرة في البرامج الأنتخابية للقوائم المختلفة
تجار السياسة و تقسيم الغنائم هو ما يجري من مفاوظات ومماحكات بين مختلف الأطراف، وما على أهل العراق ألا استنباط طرق جديدة لتنظيم أنفسهم وحشد قواهم الرافضة للفئوية وأقتسام الغنائم.وحقهم في عيش كريم في بلد يطفو على بحيرة من نفط.