لايملك التحالف الكوردستاني شروطا تعجيزية للدخول في تحالفات مع أي من القوائم والكتل العراقية من أجل تشكيل الحكومة المقبلة، فشروطه لاتتعدى بضع كلمات quot;فضفاضةquot; هي اقرب الى الرجاء والتوسل منها الى كونها شروطا، يكفي على الطرف الاخر أن يتعهد ولو شفهيا إلتزامه بمباديء الدستوروالفدرالية، من دون الدخول في تفاصيل أكثر من قبيل إلزامه بتعهدات خطية أو توقيع أوتحرير مواثيق ملزمة تحت إشراف الامم المتحدة أو بحضور دولة من الدول، لم يقدم التحالف الكوردستاني على خطوة من هذا النوع، بل أكتفى بالتعامل على أسس الصداقة والنضال المشترك القديم وعلى هذه الأسس quot;البدائيةquot;البسيطة جدا دخل في شراكة إستراتيجية مع الائتلاف الشيعي وشكل معه الحكومة عام 2005، وطوال السنوات الخمس العجاف من عمر تلك الحكومة برئاسة المالكي لم تشهد المشاكل العالقة بين بغداد وأربيل أي إنفراج يذكر بل إزدادت تعقيدا وتفاقما، فالأراضي المتنازع عليها ظلت على حالها بدون حل، قابلة للأشتعال والأنفجار في أي وقت و قضية كركوك تعقدت أكثر والعديد من مواد الدستور تعطلت ومن ضمنها المادة 140، لم يستطع التحالف أن يستفيد من الصلاحيات الواسعة التي وفرتها له رئاسةالجمهورية والوزارات المخصصة له وممثلوه في البرلمان العراقي، بدوا عاجزين عن إتخاذ موقف مسؤول، توزعت قوته بين الشجب و التنديد و التذكير بالايام الخوالي و الخندق النضالي المشترك وأشياء من هذا القبيل!

وما يؤخذ على التحالف الكوردستاني بإستمرار أنه ربط مصير القضية الكوردية بالأطراف الشيعية و على الخصوص إئتلاف دولة القانون الذي يقوده رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي، لاأحد يعرف السبب لذلك، مع أنه لم يجن من المالكي غير المعسول من الكلام ! وفي أحيان كثيرة أخشن الكلام، ولكنه ظل يؤيده في إصرار غريب، من غير أن ينال منه لا عنب الشام ولابلح اليمن كما يقولون. تلك السياسة quot;الرخوةquot; التي تعتمد على الحكمة الزائدة عن حدها لاتفيد العراق ولاتفيد القضية الكوردية التي تحتاج الى حل جذري مبني على أسس قانونية دستورية لا على سياسة التبعية والطاعة العمياء، كان من المفروض أن يقوم التحالف بمبادرة تاريخية من أجل جمع الفرقاء العراقيين على طاولة مستديرة للتفاوض والمصالحة بفضل علاقاته الطيبة مع معظم زعماء الاطراف المتنازعة، وكان بإمكانه أن ينجح، ولكنه لم يفعل، وآثر أن يركض وراء سراب quot;المالكيquot;. يحضرني هنا حوار صحفي أجري مع رئيس الجمهورية quot;مام جلالquot; سأله الصحفي من هو البديل للمالكي في حال تنحيه عن الحكم، أو نحي عنه، أجابه الطالباني: البديل هو المالكي نفسه!

إستغربت من كلام هذا السياسي المحنك الذي quot;دوخquot; الانظمة العراقية الفاسدة quot;سبع دوخاتquot; وخبر السياسة وخبرته، من أين جاء بكل هذه الثقة الزائدة؟.. هذا الرجل أي المالكي لم نحصل منه الا على لجان، لجان تجر لجانا، سد عيوننا باللجان الفاشلة الى أن وصلت لحد الان الى أكثر من سبع أو ثمان لجان لحل المشاكل العالقة بين الأقليم والمركز! وعلى ذكر اللجان فقد أمر سيادته مؤخرا في محاولة مفضوحة لكسب ود الاكراد، بتشكيل لجنة للبت في تلك القضايا وكأن المشاكل تختفي بمجرد تشكيل لجنة!

على التحالف الكوردستاني أن يصحح مساره القديم ويستفيد من أخطائه ويستعد لخوض التجربة القادمة بروح من يتغلب على الصعوبات ويصمم على النجاح ويدع أسلوب المجاملة وجبر الخواطر و عدم الأكتراث بالأمور المصيرية الكبيرة التي مازالت تبحث عن حل، كالصراع الطائفي ومشروع المصالحة والمشاكل بين الاقليم والمركز وقضايا أخرى كثيرة، عليه أن يضطلع بمهامه القومية والوطنية معا، ومن أجل أن يحصل هذا عليه أولا وقبل كل شيء أن يرتب بيت الكوردي من الداخل ويقبل صوت معارضيه ويتعامل معهم كشركاء حقيقيين، ومن ثم يختار شركاءه الجدد من الكتل والقوائم العراقية بعناية شديدة وفق توزيع عادل للسلطات والثروات و يبني تحالفاته على أساس المصالح المتبادلة quot;الوطنيةquot; وليس على أساس الشجون والذكريات والنضالات المشتركةالغابرة التي لاتطعم خبزا ولاتشبع بطنا... في بعض الاحيان من الضروري على السياسي أن يستعمل الشدة والصرامة في سبيل تحقيق حياة هادئة وهانئة لشعبه، فهل يختارالتحالف الكوردستاني شركاءه في الحكومة العراقية القادمة بنفس المقاسات القديمة التي أثبتت فشلها ويضع كل بيضه في سلة حزب أو كتلة واحدة أم يوزع بيضه بحسب إقتضاء مصلحة قومه و وطنه...إن غدا لناظره قريب.

[email protected]